الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغة العيون

11 يونيو 2009 01:41
لغة عميقة تعجز عن وصفها الأقلام ويجف معها صراخ الكلمات وتفضح القلوب بمكنون الأسرار فما أعمقها وما أجملها لمن كانت له حصنا من تحدى الكلمات وغضب الموقف وما أشرس عواقبها لمن أقحمها في نواقص الأمور. فلم نتجاهل تأثير العيون وقد تبدو أحياناً أسحر وأبلغ من بيان اللسان؟ ولم لا نجدد الحب بيننا بلغة العيون أنبخل بنظرة ود تصل بين أوتار القلوب؟، فللعيون إشارات ظاهرة وباطنة فالظاهرة ملحوظة لأي إنسان يمكن كشفها أما الباطنة يستحيل كشفها إلا لمن خاض دربها وتمتع بالتدقيق وقوة الملاحظة. اتساع العينين أو ضيقها له كثير من الإيحاءات ولا أنسى ذاك الرجل الذي نظرت في حدقة عينه الغائرة ذات اللون الباهت وملامح وجهه الساكنة فشعرت بالزمن القديم وأحسست بأني غارق في بحر عميق ولم أعجب عندها رتبت أوراقي ولاحظت أن صاحب الحدقة له باع طويل في التجربة وخبرة واسعة في تصنيف الأمور والحكم على الآخرين. قد أفاض الخبراء وعلماء النفس في تحليل الشخصية من خلال لون حدقة العين ومدى اتساعها أو ضيقها لكن أين نحن من عين التأمل والتفكر في الكون ومعطيات الأمور ومن عين التعفف عن السالب والحرام و من عين الحب الصادق بين الزوج والزوجة التي إن نظر إليها بعاطفة الحب الصادق نظرة مملوءة بالتأمل والإعجاب وحنين الذكريات صارت الزوجة أسعد المخلوقات وأخرجت من فيها أحلى الأنغام. وتتعدد الإيحاءات التي تنبثق عن لغة العيون والتي يمكن ترجمتها بطريقة سلبية أو إيجابية حسب طبيعة الموقف وأسلوب الحوار فهناك إيحاءات عين حزينة وأخرى مدعومة بابتسامة دالة على الفرح وعين مفتوحة بقوة نرى فيها الدهشة والذهول وأخرى مدعومة بحركتي الفم والجبين للدلالة على التشاؤم أو الاشمئزاز وعين معاتبة ترسل سيلاً من ذبذبات اللوم والتقريع. فكم تبارى شخصان بالنظرات وتبادلا أطراف الحوار من دون أن ينطقا بكلمة واحدة، لكن كل هذه الأنواع يمكن إخفاؤها بالتحكم في المشاعر وإعلان الابتسامة إلا نوع واحد يتحكم في صاحبه ويفضح مشاعره ألا وهو عين المحب، أما رسول العين فهي الدمعة فدموع الناس بين حقيقة وزيف ولعل أقواها تأثيراً دموع المرأة تهشم بها قلوب الجبابرة، لكن عليها أن تظل قوية واثقة بقدرتها وألا تنحني أمام عاصفة الدموع وهناك دموع الأفاقين والمحتالين والطامعين، ولكن تبقى واحدة أعظم وأنقى وأجل وأسمى من كل ذلك، جذورها ثابتة وفروعها في السماء وهي دمعة الخوف من الله. محمد زكريا النجار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©