الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مذكرات تظهر بعد نصف قرن من كتابتها

مذكرات تظهر بعد نصف قرن من كتابتها
7 ابريل 2010 22:32
بعد أكثر من نصف قرن على كتابتها ترى مذكرات “سليمان حافظ” النور، فقد انتهى من كتاباتها في يناير 1957 وجرت محاولات قبل ذلك لنشرها، ونشرت بالفعل بعض حلقات منها في صحيفة “الاخبار” المصرية ثم في “العربي” لسان حال الحزب الناصري، لكنها نشرت أخيرا كاملة بعنوان “ذكرياتي عن الثورة”، وصدرت ضمن الاعمال العلمية لمركز الدراسات التاريخية التابع لدار “الشروق”. لعب سليمان حافظ دورا مهما في الاحداث المصرية اعتبارا من 23 يوليو 1952 وانتهى دوره مع احداث مارس 1954 واختفى مع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وتوفى في عام 1968 ويعتبره خصوم ثورة يوليو العدو اللدود للديمقراطية. ولد سليمان حافظ علي محمود صالح بالاسكندرية في عام 1896 كان والده من التجار الاثرياء بالمدينة، ونال شهادة الثانوية العامة في عام 1913 وعمل فترة بالجمرك، وألتحق بكلية الحقوق في الجامعة المصرية وتخرج فيها عام 1920 ثم عمل فترة بالمحاماة الى ان عين بالقضاء حتى وصل الى موقع مستشار بمحكمة النقض ثم نقل ليعمل وكيلا لوزارة العدل وفي عام 1949 انتقل الى مجلس الدولة نائبا لرئيس المجلس لقسمي الفتوى والتشريع وكان يترأس المجلس زميل صباه وصديق عمره د.عبدالرازق السنهوري. بداية نضالية ويخبرنا الرافعي ان سليمان حافظ في عشرينيات القرن الماضي انضم الى جماعة وطنية تمارس النضال المسلح ضد الانجليز وبعد اغتيال السير لي ستاك اكتشف الانجليز أمر هذه الجماعة وقدم افرادها للمحاكمة وحكم على عبدالحميد عنايت وشفيق منصور بالاعدام وافلت من حبل المشنقة كل من احمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي وسليمان حافظ، وقصة افلات سليمان حافظ تعود الى انه ضبطت اوراق تخص الجماعة بخطه فانكر هو انه خطه، وذهبت القضية الى خبير خطوط فانكر الخبير انه خط سليمان وبعد وفاة ذلك الخبير وجدت وصية فيها أنه لم يكذب قط امام القضاء إلا في واقعة سليمان حافظ، وفعل ذلك حتى لا يمكن الانجليز من اعدام وطني. وقبل 23 يوليو مباشرة كان المستشار سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة ومستشار الحاكم العسكري، اي رئيس الوزراء وكان معروفا عن سليمان حافظ وكذلك السنهوري الكراهية الشديدة لحزب “الوفد” تحديدا ورموزه خاصة مصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين، ومع ذلك فقد اصدر الحاكم العسكري امرا باعتقال سراج الدين وفتحي رضوان ويوسف حلمي، بعد حريق القاهرة، واعترض سليمان حافظ كمستشار للحاكم العسكري على القرار وحكم مجلس الدولة بضرورة الافراج عنهم لكن رئيس الحكومة نجيب الهلالي رفض تنفيذ الحكم وابقى على الاعتقال. ويقول سليمان في مذكراته ان الملك طلب من الحكومة مرسوما بحل مجلس الدولة، واعد المرسوم بالفعل، لكن إقالة حكومة نجيب الهلالي عطلت اصدار المرسوم، وجاءت وزارة حسين سري التي افرجت عن سراج الدين وحده، ثم قامت ثورة يوليو واختير علي ماهر رئيسا للوزراء وطلب قائد الحركة اللواء محمد نجيب اصدار بعض التشريعات لتعديل قانون الجيش. وثيقة التنازل وكان على سليمان حافظ باعتباره مستشار الحاكم العسكري ان يقوم بصياغة تلك التشريعات واعدادها للتوقيع وهكذا وجد سليمان حافظ نفسه من اليوم الاول لقيام الثورة في قلب الاحداث، ثم طلب منه علي ماهر إعداد وثيقة بتنازل الملك فاروق عن العرش، فاعدها مع رئيس مجلس الدولة السنهوري “باشا” ورأى الفريق القانوني ان تكون الوثيقة على شكل امر ملكي، وقد اعدت ديباجته من دستور عام 1923 وجاء فيه ان الملك يتنازل حرصا على صالح الشعب وقد طلب صلاح سالم إضافة عبارة تفيد أن التنازل تم كذلك بناء على رغبة الامة واضيفت، وكان على سليمان حافظ ان يذهب بالوثيقة ليوقعها الملك فاروق الذي كان محاصرا في قصر رأس التين بالاسكندرية وذهب سليمان الى القصر ولم يكن وصل امر بالسماح له باختراق الحصار، وجاء انور السادات بسيارة جيب، واتاح له الوصول الى باب القصر ولم يجد صعوبة في مقابلة الملك، فقد خرج له بسرعة يرتدي ملابس صيفية وحاسر الرأس، واستقبله بترحاب، وسأله عن ديباجة الامر، فرد بأنها اخذت من الدستور واقترح الملك اضافة عبارة الى النص تؤكد انه فعل ذلك برغبته المطلقة، فرد سليمان بان الديباجة تحمل هذا المعنى، وهنا تابع الملك، مادام الامر كذلك فلا ضير من اضافتها، ورد عليه سليمان ان تلك الصياغة هي اقصى ما تمكن الفريق القانوني من الوصول اليه مع محمد نجيب وجماعته، فعقب الملك مستنتجا انه كانت هناك صياغات اشد من ذلك ، فوقع الملك، وكانت يده ترتعش فاعتذر الى سليمان ولذا وقع مرة ثانية، اعلى الورقة، وطلب الملك ان يخرج من مصر بالباخرة “المحروسة”. ويقول سليمان حافظ ان مندوبا من السفارة البريطانية وكذلك مندوبا من السفارة الاميركية كانا يتابعان التفاصيل وكان هناك اقتراح بأن يخرج الملك بالطائرة، لكنه طلب الخروج بالمحروسة، وان يجري له وداع يليق بملك تنازل بمحض ارادته عن العرش، وكان لدى الملك رجاء اخير هو ان يتم الافراج عن اثنين تم اعتقالهما اثر محاولتهما التسلل من القصر وهما بوللي ومحمد حسن، وقال الملك انه اذا تعذر الافراج عن الاثنين فليكن أولهما يصطحبه معه الملك خارج مصر على “المحروسة” فوعده سليمان حافظ بان ينقل رغبته تلك الى نجيب ورفاقه. ووجه طلب الملك بسخرية شديدة. وحين تم تأميم قناة السويس ووقع العدوان الثلاثي على مصر استمع سليمان الى خطاب عبدالناصر وندائه من فوق منبر الأزهر “سنقاتل” فاتصل بوزير العدل وطلب منه ابلاغ رسالة الى جمال لكن وزير العدل طلب ان يتصل بمكتب عبدالناصر ويبلغه بما يريد خاصة ان الاخير يتكلم عنه بخير، وفعل وتم تحديد موعد له بحي العجوزة وذهب ليجد عبدالحكيم عامر وعبداللطيف البغدادي في انتظاره وطلبا ان يقول ما لديه وانهما سينقلان لعبدالناصر ما يريد، وكان طلبه ان يعود محمد نجيب الى السلطة ليقود الشعب ويحرك الجماهير، ويعود عبدالناصر الى كتيبته التي كان يقاتل بها اثناء حرب فلسطين وان تطلب مصر اعلان حيادها مثل سويسرا وان تضمن الامم المتحدة ذلك وساعتها لا يكون هناك خوف على قناة السويس من الدول الغربية، وناقشوه في ان ذلك يتعارض مع ميثاق الجامعة العربية، لكنه قال ان حياد مصر سيكون مقدمة لحياد المنطقة بأكملها، ولا تكون ساحة للصراع بين بلاد الغرب والشرق وبعد هذا اللقاء جرى اعتقال سليمان حافظ لمدة 6 شهور.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©