الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هذا الصبي يخطو خطوته الأولى نحو الرئاسة

هذا الصبي يخطو خطوته الأولى نحو الرئاسة
1 مايو 2008 04:12
لست رجل سياسة عادي··· لأني إنسان عادي''· هكذا يصف برتران دولانوي، bertrand DELANOE عمدة مدينة باريس نفسه في الكتاب الذي صدر باللغة الفرنسية وعنوانه: ''من هو هذا الصبي؟'' والذي كشف فيه عن صفحات مجهولة من طفولته في مدينة ''بنزرت'' التونسية، (60 كلم شمال تونس العاصمة)، وتحدث في بعض فصوله عن مختلف مراحل حياته وتجربته السياسية· وبرتران دولانوي مولود في تونس عام ،1950 وتشير بعض المصادر بأنه قد يترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة· الجذور وجاء في المعلومات التي أوردها عمدة باريس في الكتاب أن والده (أوجيست)، وأمه (ايفون) تعرفا إلى بعضهما في مدينة ''طبرقة'' الواقعة بالشمال الغربي للبلاد التونسية (قريباً من الحدود بين تونس والجزائر)، وقد تزوّجا عام ·1940 ويقول دولانوي أنّ جدّه لأمّه ساعد عائلة الحبيب بورقيبة عندما أمرت السلطات الفرنسية بسجن الزعيم الشاب أثناء الحركة التحريرية، مؤكدا أنّ والده استقال من وظيفته احتجاجاً على عدم سماح السلطات الاستعمارية الفرنسية بتوظيف التونسيين وقتها· ويروي برتران دولانوي ذكريات بقيت عالقة بذهنه، ويصف العلاقة بين أمه ؟ وكانت تشتغل ممرضة ـ وأبيه ويلخّصها قائلاً: ''إن العلاقات التي كانت تربط بين أمي وأبي مشحونة دائماً بالعواطف الجياشة، فعندما يكونان مع بعض فإنهما يحبان بعضهما حباً كبيراً، وعندما تفتر العلاقة فإن كرهاً شديداً يكون بينهما''· كان والده غير متدين في حين أن أمه شديدة التدين، ويتذكّر برتران قائلاً: ''تلقينا أنا وإخوتي تربية جيدة من والدينا تتسم بالصرامة والانضباط، وأن آداب السلوك كانت أمراً مهماً، وكنت مطالباً بأن أتحدث بأدب ولياقة بنفس الأسلوب مع صديق للعائلة أو مع الخادمة التونسية التي كانت تأكل معنا على نفس المائدة''· مدينة كئيبة عاش برتران دولانوي طفولته في مدينة'' بنزرت''، وعند قرار أسرته الهجرة نهائياً إلى فرنسا عام 1964 (بعد استقلال تونس بـ 8 أعوام)، كان في الرابعة عشر من عمره، وقد أخفى عن الجميع سرّ مكان مسقط رأسه، ولم يخبر أحداً من أصدقائه الفرنسيين أو زملائه انه مولود في تونس، ولعله كان يخشى رد فعل من حوله، أو ربما لاعتقاده في تلك المرحلة أن جذوره التونسية قد تكون عائقاً أمام طموحه السياسي بعد انخراطه مبكراً في الحزب الاشتراكي الفرنسي· ويصف الفترة الأولى لاستقرار عائلته بمدينة فرنسية صغيرة قائلاً: ''وجدت مدينة ''روداز'' كئيبة، فلا روائح زكية تعبق بشوارعها، ولا بحر، ولا شمس· كنت في الرابعة عشر من عمري وشعرت بهزة بانتقالي إلى محيط جديد مختلف· في مدينة ''بنزرت'' كنت اعرف كلّ الناس وفي إقامتي الجديدة لا أحد، وكان يخيّل لي أني انتقلت إلى عالم آخر''· وقد انفصل والده عن أمه بعد الاستقرار في فرنسا· ولم يعد دولانوي إلى المدينة التونسية ''بنزرت'' إلا عام 1976 خلال رحلة سياحية، ولكنه ومنذ 1986 أصبح يزور باستمرار المدينة، واشترى بها شقة مطلة على الميناء القديم، وأعاد ربط صلته بزملاء دراسته، وبعد بيعه الشقة اشترى أرضاً وشيد بها بيتا يقضي به كل إجازاته· ويتبين من مطالعة الكتاب الذي ألفه فيليب مارتينات أنّ عمدة باريس ـ وعلى الرغم من أنّ رئيس بلدية ''بنزرت ''سعى إلى وضع سيارة تحت تصرفه كضيف رسمي ـ عندما يحل بتونس لقضاء إجازاته فإنه يؤجر سيارة صغيرة على حسابه الخاص، ويصر على دفع كل فواتير مصاريفه في الفنادق أو في مراكز الاستشفاء والمعالجة بمياه البحر (طالاسو) التي يؤمها· كما كشف الكتاب أن برتران دولانوي درس معه في نفس المدرسة بمدينة ''بنزرت'' العديد من الزملاء والزميلات من بينهم ليلى التي هي اليوم تشتغل صيدلانية (تزوجت من فوزي بلكاهية الذي شغل منصب وزير للنقل قبل ان يصبح مديرا لاحد اهم البنوك التونسية)· تقول ليلى في شهادتها في الكتاب: ''لم يكن برتران الاول في الفصل، ولكنه كان متوسط النتائج، ولانّ له اذنين كبيرتين فإننا كنا نكنيه بـ ''ميكي'' · والجدير بالذكر أن مدينة بنزرت كانت أكبر ميناء حربي في كامل القارة الافريقية وقتها ولها موقع استتراتيجي مهم وقد استقرر بها الفرنسيون وأنشاوا بها احياء عصرية تشبه تماماً المدن الفرنسية· محاولة الاغتيال تعرض عمدة باريس الى محاولة اغتيال وكاد يهلك والكتاب يكشف عن بعض خلفيات الحادث، فقد طعنه مهاجر من اصل جزائري بسكين حاد في بطنه في حفل مفتوح للجميع في مقر بلدية باريس وتم اجراء عملية جراحية عاجلة لانقاذ حياته بعد ان اصاب السكين بعض احشائه، والمعتدي كان عاطلا عن العمل ويعيش حياة هامشية· وبينت التقارير الطبية والتحاليل النفسية ان المعتدي مختل المدارك وتم عام 1994 وبأمر من المحكمة ايداعه باحدى المصحات المختصة· وقد ارتفعت اسهم العمدة بعد الحادث وفي عملية لسبر الآراء فإن 65 في المائة من المستجوبين اختاروه كأهم شخصية سياسية فرنسية وهو يذكر الاعتداء الذي تعرض له قائلاً: ''أني اتأثر لموت الآخرين ولكن بالنسبة لي فإني لا اخشى الموت شريطة أن لا اتألم، ولو مت بسبب الطعنة ـ وكان هذا أمرا ممكناً ووارداً ـ فإنه ربما أن الوقت للرحيل كان مبكراً قليلاً''· شعر··· تركي كان برتران دي لانويي حديث العهد بالانخراط بالحزب الاشتراكي الفرنسي عندما شارك في احد الاجتماعات ولفت الانظار لفصاحته ووضوح رؤيته وعمق تحليله وكان احد اقطاب الحزب جالساً في مكان قريب منه فسأل عنه قائلاً: ومن يكون هذا الصبي؟ فجاءه الجواب بانه طالب في اختصاص الاقتصاد واسمه برتران دولانوي، وكانت تلك بداية مسيرته السياسية التي قادته إلى العديد من المناصب ولرئاسة بلدية باريس··· وربما يوماً الى قصر الاليزية · ولأن دولانوي رجل حالم في السياسة والحياة، فهو يحب الشعر، وقد اختار أن يوشح مقدمة بيانه الانتخابي عندما ترشح لعمادة مدينة باريس بيتا من قصيدة للشاعر التركي كاظم حكمت جاء فيه: ''هناك شيئان لا ينساهما الإنسان إلى يوم وفاته: وجه أمه ووجه مدينته''· قصة حب في أورشاليم لفاضل الربيعي نشيد الإنشاد قصيدة جاهلية لشاعر يهودي من اليمن عمر شبانة، يتوصل الباحث العراقي فاضل الربيعي في بحثه الذي يحمل عنوان ''قصة حب في أورشاليم'' إلى نتيجة مفادها أن ''نشيد الإنشاد'' التوراتي ليس سوى قصيدة جاهلية في حب امرأة ـ مكان يدعى سلمة أو سلمى، ويقوم بترجمة جديدة للنشيد عن اللغة العبرية، محاولا إثبات فكرته أن الترجمات العربية للنص اتبعت الترجمات الغربية التي تعتريها كثرة الأخطاء في أسماء الأمكنة والأشخاص الواردة فيه، ليخلص إلى أن هذه الأسماء ترتبط بأمكنة في اليمن، وليس في فلسطين ولبنان كما يتفق معظم الباحثين الغربيين والعرب الذين اتبعوا القراءات الغربية/ الاستعمارية للنشيد· وعلى طريقته في قراءة التاريخ العربي القديم، يقدم الربيعي قراءته المختلفة لنص يعتقد أنه لشاعر يهودي يمني، وهي قراءة يعمل على جعلها تخلو من ''الصور والأفكار والتصورات الاستشراقية''، فترجمته للنص ''لا تتضمن أي إشارة أو كلمة أو جملة تفيد أن هذه القصيدة هي لسليمان''، وأن ما ورد في التوراة وهو اسم ''شلمه'' ليس سوى ''شلمه: سلمه''، وبالعربية ''سلمى''، وفي هذا الصدد يؤكد أنه ''ما من شاعر جاهلي إلا وتغنى بسلمى هذه أو بإحدى صويحباتها، مثل لبنى وعزة، وهما موضعان جبليان شهيران ورد ذكرهما في التوراة''· ويقول الربيعي في تقديم كتابه إنه ''خلافا لما فعله د· كمال صليبي في مؤلفاته، وخصوصا في كتابه الشهير ''التوراة جاءت من جزيرة العرب''، فسوف أقدم الأسماء الواردة في نصوص التوراة كما هي ومن دون أي تلاعب لغوي، ذلك أن التوراة من وجهة نظري ـ في هذا الطرح النظري والنقدي ـ إنما هو تسجيل لتجربة بني إسرائيل التاريخية في اليمن القديم وليس في أي مكان آخر، لا في عسير ولا في فلسطين ولا في سواهما· إن قراءتي العربية المستندة إلى فهم عميق للنص العبري تأتي هنا كاستطراد على طرحي السابق القائل بوجوب تقديم قراءة عربية للتوراة، لأن التوراة التي بين أيدينا اليوم ـ كما قال طومسن ـ هي نتاج مخيال غربي، وبالنسبة إلي فهي نتاج مخيال استشراقي رأى أسماء الأماكن والمواضع على أنها في فلسطين لتبرير اغتصابها''· القراءة ''العربية'' للتوراة التي يقدمها الربيعي تجترح قراءة جديدة لنشيد الإنشاد من حيث أسماء الأشخاص وأسماء الأمكنة، بحيث يعمل على إثبات ما قاله الهمداني من أنه ''ما من موضع ورد في التوراة إلا وكان له أصل في جغرافية اليمن القديم''، وبهذا المعنى فالتوراة من وجهة نظر المؤلف ''كتاب ديني وإخباري من كتب يهود اليمن''، ولذلك فهو في الفصل الأول من كتابه يلجأ إلى تحقيقات في اسم ''شلمه- سلمه''، ويقدم في الفصل الثاني ترجمته الخاصة لنشيد الإنشاد عن العبرية مباشرة مخالفا الترجمات السائدة، بينما يقوم في الفصل الثالث والأخير من كتابه ''بالتحقق من الأسماء الواردة في القصيدة لإرشاد القارئ إليها من خلال دلائل جغرافية رصينة ومؤكدة· ويعتبر الربيعي أن صورة الفلسطيني في التوراة ''الغربية'' مطابقة لصورة الفلسطيني المعاصر، صورة المخرب، الذي ''سرق في الماضي تابوت العهد وحارب مملكة إسرائيل القديمة''، فهو مخرب بالفطرة وخطير منذ تصادم شاول الملك معه، وهذه الصورة ''استشراقية بامتياز، ومأخوذة من الصور النمطية في المخيال اليهودي الأوروبي الغربي ـ الأميركي المعاصر، ونظرته العنصرية للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي· ولذلك فإن العودة إلى النص العبري تكشف عن هذا البعد الاستعماري في القراءة الغربية للتوراة، إذ لا وجود للفلسطينيين ولا وجود للمخربين في عصر شاول، والرواية التي يسجلها صموئيل برمتها لا علاقة لفلسطين بها· لهذا فهو يعتقد أنه إذا كانت هناك شجاعة وأمانة، علمية وأخلاقية لدى الدارسين الغربيين للتاريخ الفلسطيني القديم، فلا بد لهم من مراجعة شاملة للرواية التاريخية عن مملكة إسرائيل القديمة في فلسطين، لأنها رواية من غير سند تاريخي أو ديني، فحتى التوراة لا تقول ذلك كما تبين المراجعة الشاملة للنص العبري· وفي خلاصات المؤلف فهو يعتبر أن إعادة بناء الرواية التاريخية عن معارك وحروب بني إسرائيل لها هدف واحد محدد وهو ''البرهنة على أن الصورة التوراتية للفلسطينيين التي اخترعها المخيال الغربي المسيحي ـ اليهودي وشذبها كصورة نموذجية، على مدى قرن من الزمن، لجماعة تخريبية ناصبت إسرائيل المقدسة العداء منذ عصر شاول، تمهيدا لطردها من الأرض وإزاحتها من التاريخ، هي صورة لا سند لها في التوراة نفسها، المدعى أنها مصدر الحق الإلهي في الأرض، وبالتالي فإن ما تسجله الدراسات التاريخية وسياسات الدول الكبرى والآداب والفنون الغربية التي تنهل من التوراة عن وجود حق ديني ـ تاريخي لليهود في فلسطين هو خطأ مأساوي آن الأوان ـ في الغرب والعالم كله ـ للاعتذار عنه وتصحيحه''· عناوين ومضامين مجلة البيان تؤبن أحمد الربعي في العدد الجديد من مجلة ''البيان'' الصادرة عن رابطة الأدباء في الكويت، نقرأ عن تجربة الكاتب الراحل د· أحمد الربعي، في مقالة بعنوان ''المحارب الأخير'' لحمد الحمد، الذي استعاد بعض تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياة الراحل، وكان على امتداد زمن عيشه القصير إحدى العلامات البارزة في الحراك الثقافي الكويتي خاصة والعربي عامة· وفي السياق نفسه أوردت المجلة مجموعة مراثي شعرية للراحل، بينها قصيدة للشاعر الكويتي إبراهيم الخالدي حملت عنوان ''الفتى الحلو''، و''صنعاء'' للشاعر اليمني إبراهيم الجرادي، الذي وصف الكاتب الراحل بصديق العاصمة اليمنية ذات الحضور المتقد في وجدان كل الأدباء والمفكرين العرب· في باب الدراسات كتب الباحث الزواوي بغورة حول الحرية والالتزام في الفلسفة والأدب، وفي باب ''قراءات'' تناول شفيق علي القوسي اللغة الشعرية عند غازي القصيبي، باحثاً في قصيدة ''يا فدى ناظريك'' كنموذج، في حين استعاد محمد بسام سرميني تجربة الشاعر الراحل محمد الفايز، تحت عنوان ذاكرة الإبداع، وكتبت د· نسيمة راشد الغيث عن كتاب ''شعر البحتري'' للدكتور خليفة الوقيان، أما الباحث عبد التواب محمد عبد التواب فقد تطرق إلى عولمة الثقافة في نقد د· مرسل العجمي· د· عبدالله بدران تناول رواية ''شماوس'' لأشرف أبو اليزيد، متوقفاً عند عنوانها الغامض، وكتب عقيل يوسف عيدان عن التجربة الشعرية، بعنوان:'' أيها الشعر·· كن من يأتي أولا''· أما مقالة الباحث المغربي عبد العزيز بوبكراوي فتناولت المسرح في الخليج بين سؤال الهوية وسؤال النقد· في باب المعاجم أفرد الباحث خالد سالم محمد بضع صفحات لمفردات الأطفال الرضع وأصولها اللغوية، في حين تضمن الملف الإبداعي قصيدة ''مملكة الأحزان'' لمحمد طاهر الحمصي، و''البادية'' لسهام مهران عبدالله، و''جنازة الوقت'' لسعد الجوير، كما انطوى العدد على مجموعة من القصص القصيرة جاءت على التوالي: المدينة السوداء'' لليوناردو اليشان ترجمة باسمة العنزي، و''المال والبنون'' لحصة الرفاعي، و''غصن'' لهبة بو خمسين، و''فكرة للكتابة'' بقلم إبراهيم دشتي· المفتون سيرة ذاتية لفؤاد قنديل ضمن سلسلة روايات الهلال، صدرت مؤخراً رواية ''المفتون'' للكاتب الروائي فؤاد قنديل، وهي الجزء الأول من ثلاثية تتناول سيرته الذاتية في قالب روائي· وهي تغطي سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتتعرض لأبرز اللحظات التاريخية التي تركت أثرها في شخصية الكاتب وتبرز اهتماماته الرئيسية في تلك المرحلة، والتي تمحورت حول النساء، والمطالعة، والاهتمام بالكتب المميزة، إضافة إلى فن الرسم ولعبة كرة القدم، ناهيك عن الولع الذي أبداه حيال السينما، وصولا إلى وعيه المبكر بالأحداث السياسية منذ عام 1954 مع إطلاق الرصاص على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومتابعته لحرب 1956 والوحدة والانفصال وحرب اليمن و1967 والسد العالي وحرب الاستنزاف· تتناول السيرة أيضاً انبهاره بشخصية عبد الناصر، ومحاولاته العديدة للقائه، ودخوله في مغامرات لتحقيق هدفه· تحفل السيرة بقصص الحب الفاشلة في أغلب الحالات، وتشير إلى إقبال الكاتب على القراءة النهمة وكتابته للشعر ثم القصة وعمله باستديو مصر ودراسته للفلسفة وزواجه الأول ومشكلاته· كتاب يدعو إلى التخلص من الإعراب الروابط حركة تمرد على النحو والصرف د· أحمد الصاوي، منذ مطلع هذا العام، عندما أطلق الشادي سعود الحركان كتابه ''الروابط ـ كيف تصير من كُتاب عصر ما بعد العولمة''، لم ينقطع الجدل في أوساط المعنيين باللغة والثقافة العربيتين حول ما يطرحه الكتاب من قضايا· هدف الكتاب، كما يقول المؤلف في مقدمته عرض لتصور جديد لعلم التواصل باللغة العربية، أو ما يسميه علم صناعة الكلام· ولهذا العلم تنظرياته الخاصة بالفكرة ثم الأساليب اللغوية لايصالها بعيدا عن الأغراض التقليدية لعلم اللسان من إعراب وتفاسير مختلفة للظواهر الصوتية· وينطلق الحركان من اقتناعه بأننا نستطيع أن نعيش بلا نحو وصرف وأدوات تواصل لغوي متطورة، ونستطيع أن نبدع بلا بديع، لأن عالم النحو والصرف صار، في عصرنا وبين ابنائنا كوكبا منفصلا أبعد من عطارد والمشترى وزحل، وانفصل عن تجربة الانسان العربي وانطلق في مدار يزداد بعدا· هو يعتمد على فرضية أن اللغة العربية، بقواعد النحو والصرف التي تعلمناها في المدارس، لم تعد قادرة على تحقيق التواصل بين العرب في عصر ما بعد العولمة، ومن المناسب البحث عن تجربة لغوية جديدة تعالج تدني قدرات الانسان العربي على الربط اللغوي· يذهب الشادي الحركان الى أعماق ابعد في تاريخ اللغة العربية، إذ يرى أن العربي في عصر اللغة الذهبي، ''الجاهلية وصدر الاسلام''، كان متحررا من الثوابت التي وضعها اللغويون فيما بعد، له قدرات سمعية متطورة انعكست ثراء في مفرداته وبراعة في مباني مقاله، ولكن ذلك لا يعني أن كل العرب في ذات العصر كانوا متساوين في قدراتهم السمعية، ويرى ان الفصحى ولدت كأداة للتواصل، ووصف تجربة شريحة في المجتمع العربي، أما العامة فبقيت لهم العامية، كانوا كعامة الناس اليوم، وعامة كل عصر يسعون الى ما له علاقة مباشرة بحياتهم اليومية· ويسجل الحركان ان الأمة العربية استطاعت خلال القرن الماضي أن تعيش بلا نحو ولا صرف، أو أنها عاشت حالة تطوير مستمر لأساليب نحوية تتماشى مع التجربة المحلية لكل ثقافة مصغرة، دون أن يجرؤ أحد على تنظير تلك الأساليب· دور العولمة يؤكد المؤلف ان التنكر لقواعد النحو والصرف ليس بالأمر الجديد على الثقافة العربية وليس مقصورا عليها، فالعامية وأدب الأقليات حقائق أثبتت وجودها عبر العصور بتراث أدبي زاخر وبديع· إنه صراع طويل بين التجربة العامية والخاصة في كل مجتمع وكل زمان· صراع استطاعت الثقافة الغربية تجاوزه خلال عصر النهضة الأوروبية بوضع أسس الفكر الحديث، التي أنزلت علوم الخاصة الى العامة وأما الناطق بلغة الضاد فلم يتذوق بعد طعم النهضة بذلك المنظور، رغم بناء المدارس واستيراد الانظمة التعليمية، والسبب في ذلك، كما يعتقد الشادي الحركان، اننا مازلنا على المستوى اللغوي فريسة الصراع التقليدي بين ثقافة العامة وثقافة الخاصة، أو سيطرة البنية اللغوية التقليدية على الأولويات الثقافية للخاصة والتراث الشعبي الانفعالي على أولويات ثقافة العامة· ويذهب المؤلف الى ان عصر العولمة قال كلمته الفصل في ذلك الصراع للمصلحة العامة واغلق فصلا من فصول التاريخ العربي، وما تبقى لدينا اليوم هو تجربة عامية أهم صفاتها التنكر للجملة ''الوحدة اللغوية''، وما يبنى على ذلك من أغراض أدبية وحتى بين اللغويين انفسهم ''لم يعد لدينا خيار سوى سلوك مسالك العامية التقليدية أو العامية المعاصرة المتمثلة في المدرسة الحداثية''· قراءة مزدوجة على هذه الفرضيات التي تدور حول أن اللغة العربية بقواعدها التي نعرفها لم تعد قادرة على الاستجابة لمتطلبات التواصل بين العرب، تدور مادة الكتاب مازجة بين استشهادات ذات طابع تاريخي وأخرى ذات طابع تحليلي للقواعد الخاصة بالنحو والصرف والاعراب وتصورات لعلم صناعة الكلام انطلاقا من تقنيات الحاسوب· ويبدو كتاب ''الروابط'' بمثابة تجربة خاصة في القراءة بما يحفل به من رسوم توضيحية وألوان ومصطلحات ويقترح المؤلف ان نقرأ الكتاب مرتين على الأقل وفي الأولى نقرأه كما لو كان رواية دون الاهتمام كثيرا بما في الصناديق الملونة من معلومات تفصيلية أو داعمة على ان نقوم بتلخيص ما قرأناه في مالا يزيد على سطرين ثم نلجأ لقراءة المحتويات والمساحات الملونة لمحاولة تفهم مضمونها· وفي القراءة الثانية نقرأ بتمعن مع مراجعة الصناديق الملونة أثناء القراءة الكلية للكتاب· ويقول المؤلف ''أعد صياغة ما كتبت بعد القراءة الأولى، وقارن بين الصياغتين وستعرف بالضبط كم تعلمت مما قرأت''· وكتاب ''الروابط'' مقسم الى أربعة مستويات، في الأول يتحدث المؤلف عن الفكرة الانشائية عبر مقاربة بين بنية العقل البشري وبنية الحاسوب، ثم الفكرة التعبيرية وما تفرضه من شكل تعبيري رمزي كالموسيقى ولغوي يطلق عليه مصطلح الكلام سواء كان مفيدا أو غير مفيد· ويتحدث عن الرابط وهو في رأيه العنصر الأهم في بناء أي فكرة مهما كان عمقها أو ضحالتها· مصطلحات جديدة تحفل مستويات الكتاب بنقاشات مستفيضة حول مصطلحات جديدة ينحتها المؤلف بدلا من المصطلحات التقليدية كعلمي النحو والصرف ولتكون أكثر ملاءمة للتعبير عن الأفكار الانسانية الجديدة وأكثر فائدة في تحقيق التواصل· ويعترف بأن غايته من هذا الكتاب تحرير الراغب في تعلم اللغة العربية من أسر فكرة الاعراب وما يترتب عليها من تصور للكون ومركباته، إذا تنطلق فكرة الاعراب من أن الغاية الحقيقية من نظرية الاعراب التي اقترحها النحويون هي التفسير المنطقي للقدرات السمعية المتطورة لدى العربي في صحرائهن والتي بنى عليها علوم استخراج المعاني، وقد فقدت هذه الغاية أهميتها نظرا لغياب القدرات السمعية لمن سكنوا المدن من العرب وانعدامها لدى ابناء الجاليات المستخدمين للعربية كلغة ثانية أخرى· وطالما فقد الاعراب فاعليته، فان المؤلف يقترح نظرية التحليل اللغوي كاطار لصياغة منظومة صناعة الكلام، وتنص هذه النظرية على أن التواصل الفكري عند الانسان العربي يقوم على أساسيات كمية أو تحليلية· فالمقال الكمي تمكن قراءته على شكل مركبات وروابط لا قيمة للتفاصيل الموضوعية فيه كالمقال الصحفي، أما المقال التحليلي فتتطلب مركباته مستويات مختلفة من التفكيك بحسب أهميتها بالنسبة للفكرة الكلية· ويعتقد الحركان أن فقدان وحدة الفكرة وهزل التجربة لدى الكاتب يجعلانه يدور وينثر التعابير ويكرر نفسه· والقراءة الومضية حسب المؤلف هي أسلوب جديد للقراءة يعتمد على تطوير قدرات عقلانية تمكنك من تتبع الفكرة ورسم صورة لها من خلال قراءة المركبات والروابط لا من خلال الترابط الموضوعي لها، ورغم انها تقنيات تدرس اليوم في الجامعات والمدارس الغربية فإن تعليمها للعرب يواجه صعوبات كبيرة بسبب فقدان وحدة الفكرة وسوء استخدام علامات الترقيم وأدوات الترابط· إيقاعات تفاعيل الخليل ليست المعايير الأصلية لموسيقى الشعر نظرية جديدة للعروض علي المقري، ما يُلاحظ بداية في قراءة ''النظرية الجديدة لعروض الشعر العربي وموسيقاه'' للباحث اليمني الدكتور صالح عبد ربه أبو نهار أن الباحث لم يلتفت إلى كثير من الأطروحات المعاصرة المسبوقة في هذا المجال، وأبرزها دراسة الناقد كمال أبو ديب التي قدمت رؤية جديدة لأوزان الخليل، التي اعتبرها أدونيس إنجازاً أدبياً يعادل حجم اكتشاف كوبرنيكوس في الفلك· وباستثناء إشارات ناقدة ورافضة، إلى دراسة للدكتور صفاء خلوصي أعتقد فيها أن نظام تقطيع موسيقى الشعرين العربي والانجليزي واحد، ودراسة أخرى لمحمد عبدالقادر بامطرف تلامس خصوصية أوزان وإيقاعات الشعر الشعبي، فإن أبونهار في نظريته يحاول أن يقول إنه يقدم، أو يكتشف جديدا في هذا المجال· المقطع العربي في ثلاثة كتب (نظرية الرؤية الجديدة لعروض الشعر العربي وموسيقاه، مقدمة الرؤية الجديدة لمعلم العروض، العروض الميسر للطالب)، صدرت في الوقت نفسه عن وزارة الثقافة بصنعاء، وبمواد متشابهة ومتطابقة في معظمها، يقدم الباحث تعريفات ومصطلحات جديدة لبعض المفاهيم السابقة، فيبدأ بتعريف ما يسمّيه ''المقطع العربي''، وهو ''وحدة موسيقية أساسية، في اللغة العربية شعراً أو نثراً، تتكون من حرفين، أولهما متحرك والثاني ساكن، مثل: لم ولن· وإما من ثلاثة أحرف، الأول والثاني منها متحركان والثالث ساكن، مثل: على ومتى· وإما من أربعة أحرف، الثلاثة الأولى منها متحركة والرابع ساكن، مثل: طلعت ونجحت· وقد تتكون من أربعة أحرف بحيث يكون آخرها منوناً، وهي تبدو في النطق خمسة أحرف مثل: كلمةٌ وأكمةٌ''· ومن الناحية الموسيقية، فالمقطع العربي ''هو الوحدة الموسيقية الأساسية في اللغة العربية شعراً أو نثراً، حيث إن النص النثري يتكون من مقاطع من أوله إلى آخره سواء كان افتتاحية أو مقالة أو خطبة أو قصة قصيرة أو رواية، أو أي نص آخر من نثر اللغة العربية لا يتكون إلاّ من مقاطع عربية من أوله إلى آخره· وبالمثل فإن أي قصيدة عربية فصيحة أو شعبية أو قصيدة تفعيلة تتكون من المقاطع العربية من مطلعها حتى نهاية خاتمتها''· وفي التمييز بين موسيقى الشعر وموسيقى النثر ''يؤخذ في الحسبان قالب ''التفعيلة''، فما استطاع من المقاطع العربية أن يتخطى أسوار التفعيلة، وينتظم داخلها، ويتكرر معها عدة مرات في البيت العمودي أو في النفس الموسيقى لقصيدة التفعيلة، فتلك هي آلية تخلق موسيقى الشعر العربي، وما لم يستطع من تلك المقاطع أن يصل إلى داخل التفعيلة وظل خارجها فإنه يبقى وحدة من وحدات موسيقى النثر''· وللتوضيح النظري يقدم الباحث مصطلح الخلية الموسيقية بدلا عن التفعيلة، بادئاً ببعض الملاحظات على ما قام به الخليل بن أحمد، حيث، كما يقول، لاحظ الخليل ''أن مقطعين أو أكثر تتكرر معا كمجموعة عدة مرت في بيت الشعر العربي، وأعطى لكل مجموعة منها رمزاً مثل متفاعلن في بحر الكامل، وسماها تفعيلة، وهكذا وضع بقية تفاعيل الأبحر العروضية· ولكن في بحر الطويل مثلا، أدرك الخليل أن خمسة مقاطع تتكرر معاً كمجموعة أربع مرات في بيت البحر الطويل، ومع ذلك وضع لها رمزين أي تفعيلتين هما: فعولن، مفاعيلن، فكيف جاءت فعولن في بحر المتقارب لتعبر عن المقطعين، اللذين يتكرران معاً ثماني مرات في بيت البحر المتقارب، بينما جاءت في بيت البحر الطويل لتمثل فقط جزءا من المقاطع الخمسة، ويمثل الجزء الآخر منها ـ مفاعيلن، هذا مأخذ''· ويفترض الباحث أن ''الخليل رأى أن وضع تفعيلة واحدة تتشكل من خمسة مقاطع غير عملي لصعوبته، فتحاشى ذلك فجمع لها تفعيلتين هما: فعولن مفاعيلن، للتعبير عن الخمسة المقاطع، التي تتكرر معاً أربع مرات في بيت البحر الطويل، ومع ذلك يظل مأخذاً نظرياً، أما المأخذ الثاني فيتجلى في أن الإمام الخليل بن أحمد لم يعرِّف التفعيلة على ما نعلم''· والباحث هنا يقدم كما يقول حلاً متناسقاً بوضعه مصطلحاً جديداً وتعريفه، والمصطلح هو الخلية الموسيقية لبيت الشعر العربي، وتعريفه: ''الخلية الموسيقية لبيت الشعر العربي هي مقطعان أو أكثر تتكرر معاً في بيت الشعر العربي الواحد عدة مرات· ومن ثم ننظر إلى الخلية الموسيقية لبيت الشعر العربي، سواء وضع لها الخليل تفعيلة واحدة كما في بحر المتقارب أو وضع لها تفعيلتين معاً كما في بحري الطول والبسيط مثلا''· الإنشاد معيار للوزن يعتبر الباحث أن الصوت الغنائي لموسيقى الشعر العربي هو ''القالب الفطري الذي يقرض الشعر العربي على منواله، وأوزان العروض ما هي إلاّ تسجيل أمين لإيقاعات الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر الجاهلي وما نحا نحوه''· و يرى الباحث أن الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر الجاهلي (بما في ذلك الأبحر العروضية) تتضمن خاصة الحفاظ لينسج الشعر على منوالها بحيث ''لا يسمح بالخروج عليها مهما طال الزمن''، وإذا ما اقتضى منطق تطور الحياة عبر العصور ضرورة حدوث تغير ما أو تعديل، ينشأ ''صوت غناء جديد يتضمن ذلك التغيير أو التعديل والتجديد، ويصبح معياراً أو ميزاناً جديدا للشعر يضم إلى دائرة الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر الشعبي· وذلك يعني أن الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر الشعبي تتزايد باستمرار على مستوى الزامل والعرضات والأغاني العاطفية وكافة الأغراض الأخرى والمناسبات الاجتماعية كالأعراس والرقصات الشعبية والموشحات···الخ· بينما الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر الجاهلي والأبحر العروضية التي تمثلها تظل كما هي غير قابلة للإضافة أو التعديل''· لا يبرر الباحث سبب اقتصار تطور موسيقى الشعر على الشعبي منه، حسب استنتاجه، كما لا يرصد تطوّر هذه الموسيقى في قصيدة النثر، كما فعل كمال أبو ديب· ويشير أبو نهار إلى أن معظم الناس ظنوا ''أن إيقاعات تفاعيل الخليل والأبحر العروضية التي تنسب إليه أنها المعايير الأصلية لموسيقى الشعر الجاهلي، وتلك الصورة التي استقرت في أذهان الناس ليست صحيحة''· من وجهة نظر الرؤية الجديدة التي يقدمها، وهي رؤية ''تنظر إلى تلك المعايير التي عرفت بالأبحر الخليلية بأنها معايير فرعية، وليست فطرية، لأن المعايير الفطرية التي فطر الله عليها شعراء الجاهلية وغيرهم من شعراء العرب، قبل ظهور الخليل وبعده، هي الأصوات الغنائية لموسيقى الشعر العربي فصيحه وشعبيه''· وهكذا، فمرجعية الإنشاد، كما يخلص الباحث، مقدمة على غيرها للحكم على صحة وزن بيت الشعر العربي عندما يشكل الأمر رغم استعمال آلية تفاعيل الخليل· مشيرا الى أن هناك قانونا للقوافي العضوية وأوزانا لأنفاس كل بحر، فمثلا، يقوم بتشكيل القوافي العضوية لبحر الكامل على أساس التدوير الحرفي للخلية الموسيقية أو للتفعيلة الأخيرة من شطر بيت الكامل، فيعمد الى تقصير تفعيلة متفاعلن بصورة تدريجية، وتتحول تدريجيا الى متفاع، متفا، متف· وهناك، حسب الباحث، إمكانات أخرى نظرية في قانون القوافي العضوية لموسيقى المجزوءات والمنهوكات التي لم يستعمل معظمها بعد· رؤية جديدة يلاحظ الباحث أن الشعراء الجاهليين استعملوا خمس قواف منها وأهملوا قافيتين هما: فعل وفعلان· ويقول إن القوافي الفوقية للخليل مقصورة على الشعر الجاهلي وما نحا نحوه، بينما القوافي العضوية للرؤية الجديدة، لكل بحر عروضي، تشمل قوافي الشعر الجاهلي، وتشمل أيضا قوافي الأنفاس المهملة في الأبحر العروضية المستعملة، وقوافي الأبحر العروضية المهجورة، وقوافي شعر التفعيلة الحديث، والأشعار الشعبية· ويبحث أبو نهار في الزحافات، وكيف يمكن الاستغناء عن مصطلحات العلل الخليلية، وكذا ترتيب الدوائر العروضية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©