الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء دين: الشائعات تهدد وحدة المجتمعات

علماء دين: الشائعات تهدد وحدة المجتمعات
16 مارس 2018 09:19
حسام محمد (القاهرة) مع تطور التقنيات الإلكترونية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية، بل وفي الغرب والشرق، بشكل عام ظاهرة الشائعات المدمرة سواء لحياة الأشخاص أو لتماسك ومعنويات الشعوب، وكثيراً ما نالت الشائعات من أبرياء دفعوا حياتهم أو أعمارهم بسببها وليس لها أساس من الصحة، وكثيراً ما تسببت شائعة أطلقها شخص أو جماعة من النيل من تماسك مجتمع بأسره وهكذا أصبحت تكنولوجيا الاتصالات وسيلة لنشر الأخبار المغلوطة على أنها حقائق. حسن النية يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: الشائعة في معظم الأحوال يتم بناؤها على أمر مختلق كلية فيما يخص فرداً بعينه، والناس يتعاملون مع تلك الشائعات بكثير من حسن النية، فيصدقونها ويتناقلونها بينهم، دون أن يتيقنوا حتى في حالة أن يكون مصدر الخبر من المعروفين بالكذب، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 6»، لهذا لا بد أن يتبين الإنسان المسلم صحة ما يقوم بتناقله، ولنا في قصة النبي مع أم المؤمنين السيدة صفية المثل، حين خرج صلى الله عليه وسلم من مسجده ليوصل زوجته صفية رضي الله عنها إلى بيتها، فرآه رجلان فأسرعا المسير، فقال: «على رسلكما إنها صفية زوجتي»، فلو نقل ناقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مع امرأة في سواد الليل لكان صادقاً، لكنه لم يتبين حقيقة الأمر، وهذه الأحداث تواجهنا بصورة يومية، فقد يرى أحدنا شخصاً دخل بيته والناس متجهون إلى المساجد لأداء صلاتهم فلو قيل، إن فلاناً دخل بيته والصلاة قد أقيمت لكان ذلك القول صواباً، لكن هل تبين سبب ذلك؟ وما يدريه؟! فقد يكون الرجل لتوه قدم من سفر، وقد جمَعَ جمْع تقديم أو لغير ذلك من الأعذار، ولهذا فقد عرف علماء الاجتماع الشائعة على أنها نقل خبر مكذوب أو فيه جزء من الصحة، فيضاف إليه ما ليس فيه، وقد تكون الشائعة عبارة عن تهويل الأحداث وتضخيم الوقائع واختلاق الأخبار ونقلها بين الناس ونشرها في أوساط المجتمع بقصد نشر الفوضى وإثارة الأحقاد وتفريق الصف أو الانتقام من شخص أو فئة أو جماعة، وقد يكون سبب نشرها تحطيم الروح المعنوية وبث الرعب وزرع الخوف والشائعة لا تنتشر في بيت إلا دمرته ولا في مجتمع إلا أضعفته ولا في أمة إلا مزقتها وفرقت أبناءها وقضت على مقدراتها. ومن أخطر الشائعات - يضيف د. عبد الرؤوف - تلك التي تطال وحدة المجتمع وتماسكه، بالإضافة إلى التي تستهدف المحصنات الغافلات المؤمنات، وهذا أمر خطير قد يترتب عليه كثير من المنكرات ولقد حذر الله سبحانه وتعالى من هذا النوع قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، «سورة النور: الآية 19»، لهذا يجب على المسلم ألا يتحدث بكل ما يسمعه، ولا ينشره عبر أي وسائل، وبهذا تستطيع المجتمعات القضاء على الشائعات ووأدها في مهدها، وعلى الجانب الآخر لابد من تشديد العقوبات على كل من يساهم في الترويج للشائعات منعا لانتشارها وعملا بالقاعدة الشرعية، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. عقوبة في الدنيا والآخرة من جانبه، يقول الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: لقد وصف القرآن الكريم مروجي الشائعات بالفسق وحث الناس على التثبت والتبين، قبل قبول الخبر الكاذب، كما حذر الإسلام من الغيبة والنميمة والوقيعة في الأعراض والكذب والبهتان وأمر بحفظ اللسان وأبان خطورة الكلمة وحرم القذف والإفك وقد ذم الله عز وجل أولئك الذين يستمعون للأكاذيب بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ...)، «سورة المائدة: الآية 41»، وقد بين القرآن الكريم عقاب هؤلاء السماعين بقوله تعالى: (... لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، «سورة البقرة: الآية 114»، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم مروجي الشائعات قال: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع»، كما بين صلى الله عليه وسلم أن أبعد الناس منه مجلساً يوم القيامة الثرثارون وما أكثر الشائعات التي تطلق في أوساطنا، فلا يكاد يشرق شمس يوم جديد إلا وتسمع بشائعة من هنا أو هناك، فكم للشائعات من خطر عظيم في انتشارها وأثر بليغ في ترويجها وكم عانت بلادنا وأوطاننا من هذه الشائعات التي تأتي على الأخضر واليابس. يضيف د. الجندي: للأسف أيضاً، فإن خطر الشائعات تضاعف عشرات المرات مع اتساع وسائل التواصل الاجتماعي وشغف الناس بما يسمى بالإعلام الجديد ولا بد أن يعي الإنسان خطورة ترويج الشائعات أو الكذب تطبيقاً لقوله سبحانه وتعالى: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، «سورة ق: الآية 18»، خاصة أن ديننا الحنيف يحضنا على تحري الدقة في كل ما تلفظه ألسنتنا حتى لا تكون كلماتنا سبباً في تدمير حياة الآخرين وعلى كل إنسان أن يدرك أنه قد يطلق شائعة أو ينقل المعلومة وبها أخطاء ويصيب إخوة له في الإنسانية لتفجر في داخلهم آلاما لا حدود لها وقد تدمر حياتهم لهذا فعلى الإنسان أن يكون حكيماً في تعامله مع الخبر ويتيقن من صحته وإن كان فيه خطر على المجتمع فلا يقوم بنقله. الشائعات والأنبياء يقول الدكتور عبد المقصود باشا، الأستاذ بجامعة الأزهر: الشائعات من أخطر الرذائل التي ما أن تنتشر في مجتمع، إلا وتضطرب أحواله وتضعف الثقة بين أبنائه، وينتشر بينهم سوء الظن والمعروف، فالمجتمع الراشد هو الذي يبتعد عن الشائعات، لأن الأمم التي يكثر فيها العقلاء الأمناء، تمحص الأخبار وتراجع الأقوال وتحكم المنطق السليم، ولا تصدق إلا ما قام الدليل على صدقه. ويضيف عبد المقصود: منذ فجر التاريخ وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والأشرار حريصون على نشر الشائعات الكاذبة، لإيذاء الأخيار ولإلحاق الضرر بهم وللتهوين من شأنهم، ولعل أكثر الناس تعرضاً للإشاعات الكاذبة والأراجيف الباطلة، هم الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ولدعوتهم لإخلاص العبادة لخالقهم الواحد القهار ولحضهم على التحلي بمكارم الأخلاق. ويوضح عبد المقصود، أن من صور الشائعات، ما فعله المرجفون في غزوة أحد وشائعة مقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الظرف الدقيق خارت عزائم كثير من الصحابة، الذين لم يكونوا مع رسول الله، وانهارت معنوياتهم حتى وقع داخل صفوفهم، ارتباك شديد وعمت الفوضى والاضطراب، ولكن ثبت جماعة من الصحابة، وفقهوا الدين وعاشوا اللحظات العصيبة بكامل عتادهم الإيماني، ونظرتهم الشاملة لنصرة دين الله، وهي حادثة تبين خطورة الشائعة، وكيف كان من الممكن أن تقضي على الدعوة الإسلامية في مهدها، لولا أن ثبت الله صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا فعلى كل مسلم كل الحذر من الاستماع للشائعات أو تناقلها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©