الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا... صعود نسوي في غرب أفريقيا

نيجيريا... صعود نسوي في غرب أفريقيا
10 يونيو 2009 01:20
لدى النيجيريين قول مأثور: إذا كنت تريد لشيء ما أن يُقال فاخبر رجلا... وإذا كنت تريد لشيء ما أن يُنجز فاخبر امرأة». وعلى ما يبدو هذه الأيام أن النيجيريين يأخذون الرسالة التي ينطوي عليها هذا القول المأثور على مأخذ الجد، خصوصاً في هذا الزمن الذي تبدو فيه دولتهم، التي تعتبر واحدة من أكثر دول العالم فساداً، جاهزة للبدء في اتجاه مضاد لتدهورها من خلال تمكين المرأة من تولي الزمام لأجل إنجاز الأشياء. وعلى مايبدو، فإن النساء النيجيريات ملائمات تماماً للعمل الذي سيقمن به: فنيجيريا، مثلها في ذلك مثل كافة الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، تواجه مشكلات تنظيمية رئيسية، وتضخما سكانياً، وصراعات عرقية ودينية. اعتبر مسح عالمي أُجرى عام 2003 أن النيجيريين أسعد شعوب الأرض قاطبة، وذلك قبل أن يحتلوا بعد ذلك التاريخ بسنوات قليلة، الترتيب الأخير تقريباً في اللائحة التي تقيس منسوب السعادة لدى مختلف الشعوب. وليس هناك شك أن تفشي الفساد، كان من أسباب هذا التحول في منسوب السعادة النيجيرية، أو زوال أوهام السعادة إذا شئنا استخدام تعبير آخر. ويرى بعض المراقبين أن هذه الحقيقة ستكون لها آثار مدمرة ستؤدي إلى تآكل النسيج الوطني، كما قد تؤدي إلى هز استقرار هذه الدولة التي تعد ثامن أكبر دولة في تصدير البترول في العالم. وعلى الرغم من الاحتقار الذي ينظر به النيجيريون العاديون إلى مسؤولي حكوماتهم الفاسدين والمرتشين، فإنهم يظلون مع ذلك متدينين تديناً عميقاً. وهو ما يبدو من ترددهم المنتظم على المساجد والكنائس لأداء الصلوات والفروض الدينية. وقد تولد لديّ انطباع من خلال ملاحظاتي مؤداه أن سبب إقبال النيجيريين على العبادة يرجع إلى تطلعهم إلى حياة أكثر سعادة من الحياة الدنيا في العالم الآخر، أو بما يعبر عنه البعض بأسلوب متهكم من خلال قولهم إن النيجيريين قد فقدوا كل إيمان بمسؤوليهم وأصبحت قناعتهم أن الرب في سماواته هو وحده القادر على حل المشكلات الحياتية التي يعانون منها. غير أن هناك من يفسر ذلك على أنه دليل على صلابة النيجيريين الذين لم تنجح قوى الفساد المهيمنة على وطنهم في هز إيمانهم بحياة أفضل. كان شاعر البلاط الملكي الإنجليزي الشهير «جون درايدن» قد قال يوماً:»إن الأشياء الضخمة تنشأ من بدايات صغيرة». واليوم إذا جال المرء بصره في نيجيريا، فسيلمح العديد من المؤشرات والعلامات على»بدايات صغيرة» تقدم بعض مظاهر الأمل الذي يجد طريقه للتحقيق دوما على أيدي نساء. في رحلة حديثة إلى العاصمة النيجيرية»أبوجا» قمت وبعض الزملاء بتقديم محاضرات ودروس تعليمية لحوالي 100 من خريجي الجامعات النيجيرية، قمنا بتقسيمهم إلى ثماني مجموعات تسهيلا للمهمة. وكان الشيء اللافت للنظر أنه على الرغم من أن عدد الطلاب كان يفوق عدد الطالبات بكثير، فإن نصف هذا العدد من المجموعات اختار طالبة كي تكون رائدة للفصل. ويمكننا أن نجد مثيلا لهذه الثقة الكبيرة في النساء في الحقل السياسي النيجيري وفي كافة جوانب الحياة العامة بها أيضاً: فرئيسة بورصة الأوراق المالية في نيجيريا في الوقت الراهن امرأة. ووزارة الإعلام والاتصالات ترأسها وزيرة لا وزير، كما تتولى العديد من النساء مناصب مرموقة في القطاعات الاقتصادية والصحية. ويشير المراقبون السياسيون إلى أن معظم الرجال الذين يخوضون انتخابات المحافظين في مختلف أقاليم نيجيريا في الوقت الراهن يميلون لاختيار عدد من النساء كي يكنّ في قوائمهم الانتخابية. وهذه الظاهرة لا تنطبق على نيجيريا فحسب، بل تشمل أيضا دولة» غانا» المجاورة، كما تشمل أيضا جنوب أفريقيا الذي قام رئيسها المنتخب حديثا»جاكوب زوما» بتعيين 14 امرأة في مناصب وزارية كي يصبح الميزان بين حاملي مختلف الحقائب الوزارية متساويا بين الجنسين(50 ـ 50). والإلهام الذي يمثله ذلك التوجه نحو تفعيل دور المرأة في العديد من الدول الأفريقية بالنسبة للأجيال الصاعدة من الشابات الأفريقيات، يأخذ العديد من المظاهر ويتبلور في العديد من المستويات خصوصاً وأن العولمة والتلفزيون قد جاءا بالشخصيات النسائية التي حققت تفوقاً وبروزاً لافتاً على مستوى العالم مثل أوبرا وينفري، وهيلاري كلينتون ومادونا وبيونسيه إلى بيوت النيجيريات مما جعل الكثيرات منهن يكتسبن ثقة ذاتية، ويقلن لأنفسهن وللغير: نحن أيضاً قادرات على أن نكون كذلك. تقول «سيفيني سمارت أتونا»، وهي إعلامية تلفزيونية نيجيرية مرموقة» اعتقد أننا قد تمكنا بدأب وصبر من شق طريقنا في مختلف أجزاء النظام عبر فترة زمنية لا تقل عن 30 عاما بالنسبة لجيلي». وفي مناسبة دينية حضرتها» أتونا» مؤخراً في إحدى الكنائس، أوصلت راهبة الكنيسة رسالة واضحة لجمهور الحاضرات من النساء حين قالت لهن:»يمكنكن أن تصبحن مثلما أراد الرب لكن». ومن المعروف أن عدد النساء اللائي يترددن على الكنائس في نيجيريا يفوق عدد الرجال بمقدار الضعف تقريبا وهو ما قد يعزز الاعتقاد السائد هنا بأن النساء أقل قابلية للفساد من الرجال. كل سيدة نيجيرية قابلتها كان لديها استعداد لأن تقود وتعطي القدوة، كما كان لديها اعتقاد شبه راسخ بأنها قادرة على تحقيق النجاح. «نحن قادرات على أداء الأعمال بشكل أفضل كثيرا مما يقوم به الرجال» هكذا قالت لي إحداهن. والاستعداد للثورة النسائية في غرب أفريقيا الغربية يتجاوز السطح وينفذ لما دونه، حيث قالت لي امرأة تعمل ممرضة:»النساء هنا يملن لأن يكنّ أكثر أمانة من الرجال عندما يتولين سلطة ما كما أنهن غالبا ما يكنّ أكثر إحسانا وعطفا على نظرائهن... والشيء الإيجابي أن الجيل الجديد من الرجال الأفارقة يقولون إنهم على استعداد لمعاملة النساء كأنداد لهم». والتر روجرز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©