لا شك في أن غالبية الآباء يستاؤون أو يشعرون بالانزعاج عندما يُلاحظون أن أحد أبنائهم أو بعضهم تصدر عنهم تصرفات مناقضة لوظيفتهم الاجتماعية كذكور خشنين، أو إناث وديعات ناعمات. فقد يجد الأبوان البنت تفضل اللعب بمجسمات الشاحنات البلاستيكية، أو تنجذب لإمساك سيف أو مسدس بلاستيكي لمحاكاة دور المقاتل أو لاعب المسايفة. وقد تجد بالمقابل طفلاً يميل إلى اللعب بدمى باربي أو “ضُورَا” أو غيرها من الدمى والشخصيات الأنثوية الكرتونية، وتزيينها وتغيير فساتينها وتنانيرها، وإنعالها أحذيةً بكعوب عالية. فهل هذا يعني أن الولد قد يكون مخنثاً أو أن البنت قد تكون مسترجلةً؟ هذا هو السؤال الذي حاول باحثون اجتماعيون وعلماء سلوكيات الإجابة عنه.
يقول باحثون اجتماعيون، إن ما يصدر عن البنات والذكور في مرحلة الطفولة نادراً جداً ما يؤشر إلى احتمال حدوث “انحراف” في أدوار الشخص ووظائفه الاجتماعية لاحقاً كرجل أو امرأة. لكنهم يُشيرون في الوقت نفسه إلى أن سلوكيات كهذه يمكن أن تنبئ بمخاطر وقوع الطفل ضحية تجارب نفسية أو بدنية ضارة في مرحلة طفولته كالتحرش الجنسي، أو الاعتداء أو غيرها من التجارب المريرة التي قد تمتد آثارها على شخصيته في مراحل عمرية تالية من حياته قد يظل بعضها جروحاً صعبة الاندمال، أو من النوع الذي يؤلمه ويسبب له نوبات توتر أو قلق كلما تذكرها.
سُلوكات عابرة
![]() |
|
![]() |
ويضيف هؤلاء الباحثون “حتى لو تحدثنا عن الأقلية التي تواصل إتيان سلوكيات الجنس الآخر بعد تجاوز مرحلة الطفولة، فإنه ينتهي بها المطاف إلى تفضيل تقمص أدوارهم الطبيعية المتماشية مع ما يقوم به بنو جنسهم، بينما يتمنى بعضهم الآخر القيام بسلوكيات الجنس الآخر ووظائفه الاجتماعية حتى عند البلوغ”. وتفيد دراسة ثانية أن الأطفال الذين يتقمصون أدوار الجنس الآخر منذ الطفولة يكونون معرضين للإصابة باضطرابات نفسية أكثر بنسبة 44% من الأطفال الآخرين، وأنهم يكونون عُرضةً لمخاطر إيذاء أنفسهم بنسبة 9% أكثر من الأطفال الآخرين، في حين يُحاول بعضهم الانتحار، كما أفادت إحصاءات حديثة لبعض المجتمعات الغربية.
![]() |
|
![]() |