الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإهمال والجودة في الإعلام

24 فبراير 2013 19:48
الجودة في الإعلام شرط عضوي لاستمرار صدقيته. بعض المؤسسات تهمل معايير الجودة عن عجز مهني أو مالي، وبعضها عن جهل، وثمة من يهملها عن عمد. ذلك ينطبق على الجودة في كل من المحتوى والتصميم، وكذلك الترويج والعلاقات العامة والصورة الذهنية ومختلف مقومات أي كيان إعلامي. من مظاهر الإهمال وغياب الجودة مثلا الطفرة في الاعتماد على المحتوى الجاهز وغير المُكلف. ينطبق ذلك على محطات التلفزيون التي زادت مؤخراً من استعارة الفيديوهات الجاهزة ونقلها أحيانا من على مواقع التواصل الاجتماعي، وبذلك أعفت نفسها من الإنتاج الذاتي، جهدا وتكلفة. ومنها أيضاً الطفرة في التصريحات في المؤسسات الإخبارية والصحفية مقابل الشح في التدقيق والتحقيق المهني. ومن مظاهر الإهمال أيضا، التهاون في اللغة وقواعدها واستخداماتها، كتابة ولفظاً، وخاصة في بعض الصحف ووسائل الإعلام اليومية، وهو تهاون له من يغطيه ويبرّره بدليل استمراره لفترات طويلة وربما الإمعان فيه رغم الملاحظات والنقد. حجج ومبررات المتهاوين في معايير الجودة هي في الغالب شخصية، إذ لا يمكن أن تكون موضوعية. في حالة الإعلام لا شيء يمكن أن يغطي غياب الجودة إلا غياب الرؤية والفهم الأصيل لدور الإعلام بعيداً عن التكتيكات والانشغالات اليومية. فيما عدا الإعلام الطفيلي، لا بد من غايات نبيلة أو سامية تقف وراء أو ترشد أي مؤسسة إعلامية، وهذه الغاية لا بد لها من أفضل الظروف والوسائل. لا يمكن للمؤسسة أن تكون صادقة في دفع المجتمع والقراء- مثلا- نحو التطوير، فيما هي تراوح مكانها سنة بعد سنة. أو لا يمكنها أن تروّج مثلاً للجمال فيما لا تراعي هي جماليات التصميم والإخراج والكلام. ولا يمكن للمؤسسة الإعلامية أن تدعو للمثل وتحفّز على القيم والمبادئ، فيما هي مهملة في واجباتها المهنية ولا تبالي بمعايير جودة منتجها. إن رقابة السلطات الأخرى هي من بين الأدوار التي يقوم بها الإعلام والصحافة خصوصا، ولكن هذا الإعلام بدوره خاضع لرقابة الجمهور وإن تأخرت. ولعل من أخطر أنواع الإهمال هو الرهان على غباء وجهل الجمهور. هذا الرهان جائز في حالة واحدة، وهي نية التلاعب بالجمهور أو الاستخفاف به. ربما كان ذلك لينجح في زمن مضى، حيث احتكار الإعلام وانغلاق المجتمعات. لكنه حتى في ذلك الزمن كان لا يطول الوقت حتى ينكشف وتسقط صدقيته وموثوقيته، وبالتأكيد فإن انكشاف هذا الرهان في هذا الزمن بات أيسر وأسهل، بعدما خسرت المؤسسات الإعلامية احتكارها للإعلام، وخسر الإعلام هيمنته على تدفق المعلومات وأخبار المستجدات. ومثلما بات العالم مفتوحاّ أكثر على بعضه في كل شيء، فإن معايير الجودة أيضاً أصبحت أكثر حضوراً وإلحاحاً. كذلك أصبحت معرفتها، وبشكل غير مسبوق، في متناول اليد، أي لم يعد جائزاً التستر بعدم الوعي بها، بما في ذلك الوعي بأن الجودة كل متكامل وأن التساهل في أحد أركانه يجعلها كلها تسقط إلى الحضيض، والوعي الأكثر ضرورة هو أن الجودة عامل ضروري لمجرد الاستمرار. أما التطور فله شروط وعوامل أخرى أكثر تطلباً وصعوبة. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©