الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكيمياء الخضراء.. طفرة بيئية طبيعية لا تخلو من المخاطر

الكيمياء الخضراء.. طفرة بيئية طبيعية لا تخلو من المخاطر
24 فبراير 2013 19:47
تستطيع عمليات التصنيع الجديدة في المختبرات منع تكوين ملوثات صناعية، وإنتاج وصنع منتجات صديقة للبيئة، كما تقلل إلى أدنى حد هذه التكنولوجيا المتطورة، من استعمال مواد خطرة في التصميم والتطوير، ولهذا تمثل طريقة مختلفة بأساسها لتخفيض مستوى التلوث، وقد شجع للعمل بالكيمياء الخضراء العديد من المؤسسات العلمية الرائدة، مثل الجمعية الملكية الكيميائية في بريطانيا والجمعية الكيميائية الأميركية، فوضعت الخطط الدراسية وتم تشجيع ودعم المشاريع الطلابية في الكيمياء الخضراء. موزة خميس (الشارقة) - أقيمت المراكز البحثية المتخصصة في الكيمياء الخضراء، وتم تأسيس مراكز علمية متخصصة في الأبحاث في مجالات تحويل العمليات الكيميائية العادية إلى عمليات كيميائية خضراء، ومن تلك المراكز العلمية المتخصصة على سبيل المثال، مركز الكيمياء في جامعة موناش في أستراليا من قبل مجلس البحث الأسترالي وتم مراجعة منجزاته حسب مقاييس معتمدة، بهدف تطوير المركز ضمن خطة استراتيجية بناء على نشاطاته، التي قام بها حيث تم ضمان الدعم المالي للمركز حتى 2008. إنتاج طاقة نظيفة وتتضمن خطة المركز تحضير مركبات ومواد وطرق وتقنيات جديدة متعددة في المجالات الثلاثة، ومنها تقنيات تحضير نظيفة وبتوكنولوجيا خضراء وكيمياء كهربائية وضوئية متقدمة، وكلها تخدم مجالات الكيمياء الخضراء، وفي ضوء الهدف الأساسي للمركز، يتم إنتاج فضلات صناعية خالية المخاطر وطرق لإنتاج طاقة نظيفة، من خلال عمليات صناعية مدروسة.. ويقول الدكتور عديسان إبراهيم أبو عبدون من كلية الآداب والعلوم جامعة الشارقة، وأحد المهتمين بالبيئة وتنميتها والحفاظ عليها، إن مركز الكيمياء الخضراء في جامعة يورك البريطانية يعتبر من أهم المراكز العلمية، التي تتعاون مع الصناعة وقطاع التعليم وتؤسس للكيمياء الخضراء على مستوى بريطانيا، ويقدم برامج دراسات عليا متخصصة في الكيمياء الخضراء، أما في الولايات المتحدة الأميركية، فإلى جانب الاهتمامات والنشاطات التي تقوم بها الجمعية الكيميائية الأميركية، والبرامج المعتمدة في بعض الجامعات، فإن جهود جامعة تكساس وجامعة اوريجن وميتشجان بارزة في تشجيع الكيمياء الخضراء على مستوى المدارس من خلال عقد ندوات ومؤتمرات في هذا المجال تقليل النفقات ويضيف عديسان، أنه بشكل عام عند تصميم تفاعل كيميائي استنادا إلى مبادئ الكيمياء الخضراء، يدرس الكيميائيون المواد المستعملة والناتجة ومراحل تكونها وطبيعة تلك المنتجات والمخاطر المحتملة على الصحة والبيئة، قبل استعمالها وخلال تخزينها وحتى عند تعرضها للمخاطر، مثل الحريق أو الانجراف بالماء، كما يتم أخذ جميع أسس ومرتكزات الكيمياء الخضراء المشار لها سابقا، وتوجد في كتاب بول اناستاس وجون وارنر جامعة أكسفورد بعنوان «الكيمياء الخضراء النظرية والممارسة»، وقد نشر عام 1998، ويساعد في حماية البيئة، والتقليل من النفقات والتكاليف للمنتج واستهلاك أقل للطاقة. أيضاً تحتاج مصانع إنتاج الأكياس البلاستيكية البولي يورثين وزيوت التشحيم واللدائن، إلى حوالي بليوني كلجم من حمض الاديبيك كل سنة لصنع هذه المنتجات، وتتمثل الطريقة القياسية لصنع حمض الاديبيك الذي يعتبر من المواد الممنوع استعمالها كمادة أولية، لكن هناك عملية تصنيع تم تطويرها مؤخرا تستعمل البكتيريا المعدلة وراثيا تعرف باسم المحفزات البيولوجية، حيث يحل فيها سكر الجلوكوز البسيط محل البنزين. مادة آمنة طبيعية ويوضح أبوعبدون، أن هذا يعني البدء باستعمال مادة آمنة طبيعية كالجلوكوز لصنع حمض الاديبيك، لتجنب استعمال كمية كبيرة من مادة كيميائية مؤذية مثل البنزين في حال انتشار عمليات التصنيع الجديدة التي تستعمل مبادئ الكيمياء الخضراء، ومن حيث الاعتماد على الموارد المتجددة، فمن الممكن إنتاج الجلوكوز من دقيق الذرة النشوي أو الجلوكوز الموجود في مواد نباتية، وحتى الذرة وسيقانها والأوراق، في عملية التصنيع المحسنة لإنتاج الجلوكوز، وفي عملية التصنيع الأصلية المكونة من ست خطوات، والتي جرى تطويرها في الستينيات من القرن الماضي، بقيت نسبة 40% فقط من الذرات المفاعلة في هذا المنتج إيبوبروفن، وانتهت نسبة 60 بالمئة منها في منتجات جانبية غير مرغوبة أو في النفايات. وتتألف عملية التصنيع الجديدة التي ابتكرها تورست من ثلاث خطوات، بحيث تبقى نسبة 77% من ذرات المفاعلات في المنتج إيبوبروفن، وتساعد هذه العملية الخضراء في إزالة مئات الآلاف من الكيلوجرامات من منتجات جانبية كيميائية كل سنة، وتخفض بمئات الآلاف من الكيلوجرامات، كمية المفاعلات اللازمة لصنع الإيبوبروفن. دعم الاقتصاد وبالنسبة لأثر الكيمياء الخضراء في دعم الاقتصاد، يقول أبوعبدون: تنتج العمليات الكيميائية ملايين الأطنان من المواد والمخلفات الكيميائية الضارة، التي بدورها تتطلب عمليات معالجة أو إعادة تدوير للتخلص منها، وهنا يظهر العبء الاقتصادي الكبير وتبرز المشكلة، لأن قطاع الصناعة ملزم بإنفاق آلاف الملايين من الدولارات، ليطبق ويحقق القوانين واللوائح المتعلقة بالمحافظة على البيئة، حيث تنفق بعض الشركات العملاقة في مجال الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية سنويا، ما يقارب البليون دولار على الأمور المتعلقة بالمحافظة على البيئة، وهو مالا تنفقه على البحث والتطور، وهنا يبرز دور الكيمياء الخضراء في معالجة مشكلة التلوث البيئي، وبدلا عن معالجة التلوث والتحكم به نركز على منع وإيقاف تكون الملوثات والمواد الضارة من الأساس وهنا يبرز ويتجسد دور الكيمياء الخضراء الهام. وهذا سوف يؤدي إلى حسن الأداء الاقتصادي للدول الفقيرة والدول النامية، حيث يكون بمقدور هذه الدول أن تدعم مشاريعها التنموية، حيث يوجد تلازم وتوافق بين مفهوم التنمية المستدامة والكيمياء الخضراء، فيتحقق الرخاء الاقتصادي والبيئي على السواء، ويزداد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، من أجل الحصول على المواد الخام الأولية اللازمة في الصناعات الكيميائية، وهذا يدعم التقنيات الحيوية البيوتكنولوجية من خلال توفير التقنيات التي تفيد في استعمال النباتات للحصول على الطاقة أو في التحويلات الحيوية والطاقة، مثل إنتاج الديزل الحيوي والبلاستيك الحيوي والأقمشة الحيوية النشطة، واستخدام كحول الذرة كوقود للسيارات، واستخدام السوائل الاصطناعية الجديدة لحفر آبار النفط. إنتاج البروتينات البشرية ويضيف أبوعبدون، أن الكيمياء الخضراء تفيد في إنتاج البروتينات البشرية من شجرة المطاط المعدلة وراثيا، واستخدام النوافذ المبتلة كبديل للمكيفات، وهذه تدعم أسس وتطبيقات تقنية المعالجة الحيوية الطبيعية والجزيئية، وتدعم الطرق الحديثة في إعادة تدوير المخلفات الحيوية، مثل المعالجة بالتخمر الهوائي واللاهوائي وعملية التخمر بالديدان، وتصميم طرق لتجميع النفط المتسرب في البحار، وطرق للتخلص من نفايات الزيتون، وهناك أيضا طرق للري بالرشح تحت التربة، وطرق لتنقية مياه الشرب باستخدام قشر السمك والجمبري وورق النخيل، وطرق لإنتاج الهيدروجين الحيوي كمصدر نظيف للطاقة. ويكمل أبوعبدون: بالنسبة لما يخص مجال المنظفات المنزلية، تم تطوير منتجات جديدة قائمة على الدهون الحيوانية والنباتية، حيث استخدمت بشكل أساسي لصناعة الصابون وبقية المنظفات، وقد قادت هذه الأفكار والصناعات الرائدة الكثير من الباحثين إلى تطوير الكيمياء الخضراء، وابتكار تقنيات جديدة لاستبدال المواد البلاستيكية المصنعة من مواد بترولية بأخرى من مصادر طبيعية، أو تصميم وتحضير مواد قابلة للاستجابة للظروف الطبيعية، مثل أشعة الشمس والرطوبة والتفكك إلى مواد غير ضارة بالبيئة. وقد قام فريق من الباحثين الكيميائيين بقيادة البروفيسور جيفري كوكس من جامعة كورنيل الأميركية بتحضير اللدائن الخضراء، من خلال إنتاج أنواع خاصة من اللدائن الطبيعية، مكونة من مزيج من بروتينات فول الصويا والألياف الطبيعية، كما أجريت تجارب أخرى في جامعة ماستيشوستس لإنتاج لدائن طبيعية من نبات القمح ويتم معالجتها بطرق كيميائية أو فيزيائية، من أجل تقويتها وإكسابها صفة الديمومة التي تتناسب وطبيعة أو مدة استعمالها، بحيث تتحلل بالظروف الجوية حين تترك في النظام البيئي. نوع جديد من التلوث البيئي يقول الدكتور عديسان إبراهيم أبو عبدون: بالرغم من التقدم الذي حدث في مجال الكيمياء الخضراء، إلا أن بعض المشاكل الفنية والتكنولوجية والاقتصادية تعترض ذلك، ومن أهمها أن إنتاج مثل هذه المواد الطبيعية سيكون على حساب الإنتاج الزراعي، وما سينجم عنه من تقليل كمية المنتجات الزراعية المخصصة لاستهلاك الإنسان، هذا بالإضافة للحاجة إلى تخصيص مساحات واسعة من الأراضي، لإنتاج نباتات قابلة لتصنيعها مستقبلا ضمن تقنيات الكيمياء الخضراء، وهو ما يتطلب توفير كميات من المياه والأسمدة والمبيدات الحشرية والعشبية وغيرها من المتطلبات الهامة، ومع هذا كله فقد لا تكفي هذه الكميات الناتجة الحاجة المتوقعة مما قد يسهم في خلق نوع جديد من التلوث البيئي، ونحن بحاجة ماسة إلى أن تسهم الكيمياء الخضراء في دعم عملية التطوير الصناعي والعلمي، لكن يجب في نفس الوقت مراعاة أن لا يكون ذلك على حساب قوت وغذاء الإنسان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©