الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الويجور في الصين··· مصير مقلق

الويجور في الصين··· مصير مقلق
29 ابريل 2008 23:41
الملك ''داوود محسود'' ملك ''كوتشا'' الثاني عشر في سلسلة نسب عائلته الحاكمة، وآخر من تقلد منها عرش تلك المملكة، رجل يتسم بمظهر نبيل، وملامح تفيض اعتدادا بالنفس، لكن المصير الذي آل إليه هذا الرجل يدعو للحزن والشعور بالإحباط في الحقيقة، فبعد أن كان ذات يوما ملكا على شعب ''الويجور'' الذي يشكل أقلية عرقية مسلمة -يسكن معظمها في مقاطعة ''تشينجيانج'' الواقعة في أقصى غرب الصين- فإنه تحول الآن إلى رجل غير قادر على الحركة، سوى عن طريق كرسي متحرك تدفعه مساعدتان صينيتان، تقومان بعرض الملك السابق أمام الزوار باعتباره معلما سياحيا، مقابل تذكرة تبلغ قيمتها ما يعادل 28,60 دولار بالعملة المحلية· يقول الملك وقد لاح على وجهه الأسى'' إنني أحصل على نصيبي من ثمن التذكرة''، وفي الواقع، أن المهانة التي يتعرض لها الملك'' داوود'' تعتبر-كما يرى بعض '' الويجوريين''- مؤشرا على ما ينتظر ثقافتهم برمتها جراء المحاولات المستمرة من قبل الحكومة الصينية من أجل تهجير أعداد متزايدة من عرقية ''الهان'' الصينية إلى المناطق التي كانت تسكنها قومية ''الويجور'' تاريخيا، وهي مناطق تشتهر بثروتها من النفط والمعادن، يشتكي ''باتور'' أحد المدرسين ''الويجوريين'' العاملين في عاصمة محافظة ''أورومقي'' من ذلك الوضع بقوله: ''نحن نشعر وكأننا أغراب في أرضنا، لقد أصبحنا نشبه الهنود الحمر في أميركا، أو التبتيين في التبت''· وعلى رغم أن شعب ''الويجور'' البالغ تعداده 8 ملايين نسمة والذي يعيش في مقاطعة ''تشينجيانج'' لم يُظهر من العلامات سوى القليل الذي يمكن أن يؤشر على احتمال إقدامه على إثارة قلاقل وأعمال شغب، من النوع الذي هز ''التبت'' في الآونة الأخيرة، فإن الحكومة الصينية تتعامل معه بنفس القدر من التوتر والعصبية التي تعاملت بهما مع سكان التبت، وهو ما يرجع في الحقيقة إلى خشيتها من النزعة الانفصالية لدى أبناء هذا الشعب، الذي يشكل خامس أكبر أقلية عرقية في البلاد من حيث التعداد، وكذلك خشيتها من مشاعر السخط الدفينة التي ربما تكون مختفية تحت الهدوء الظاهري، وتقول السلطات الصينية إنها، قد أحبطت ثلاث محاولات انقلاب ''ويجورية'' خلال الشهور الأخيرة، كانت إحداها تهدف إلى إسقاط طائرة مدنية، والاثنتان الباقيتان كانتا تهدفان إلى تنفيذ تفجيرات في دورة الألعاب الأولمبية، التي ستقام في بكين هذا الصيف· يقول ''ويجوريون'' أن هذا النوع من قلق السلطات الصينية يترجم في صورة إجراءات قاسية يتم اتخاذها ضد شعب ''الويجور''، فتفرض قيودا على استخدامهم للغتهم الأم سواء في مدارسهم أو دور عباداتهم، ويتهم هؤلاء السكان الحكومة الصينية، بأنها تعمل بشكل مستمر على تحويل اقتصاد الإقليم إلى نمط من الاقتصاد شبه الكولونيالي، والذي يقوم على تعيين أبنائهم في وظائف متواضعة، مع القيام في نفس الوقت بفتح المجال أمام الصينيين من ''الهان'' للسيطرة على المشروعات التجارية، وعلى الوظائف المرموقة في أجهزة الإدارة المحلية· منذ أن استولت الحكومة الشيوعية على مقاطعة ''تشينجيانج'' عام 1949 من أمراء الحرب المتحالفين مع الجيش الصيني الوطني، ارتفعت نسبة السكان الصينيين من عرقية ''الهان'' التي تعتبر أكبر عرقية في البلاد تدريجيا من 6,7 في المئة إلى 40,6 في المائة، وعلى الرغم من أن ''الويجور'' و''الهان'' يقتسمان الأرض إلا أنه لا يوجد بينهما الكثير من المشتركات وليست هناك -كما يبدو- سوى رغبة محدودة لدى أبناء العرقيتين في تغيير هذا الوضع· ففي الوقت الذي يعبر فيه ''الويجور'' عن استيائهم بسبب سيطرة ''الهان'' على أفضل الوظائف، فإن ''الهان'' يردون على ذلك بالقول بأن ''الويجور'' كسالى وقذرون وغير أمناء، ولا يبدي الصينيون في معظم الحالات اهتماما بالمخاوف التي يشعر بها ''الويجور'' ومنها على سبيل المثال احتمال ضياع ثقافتهم الإسلامية بسبب الهجرات المستمرة لـ''الهان'' لإقليمهم، ويعتبر الدين الإسلامي من الأشياء التي يخشى الويجور من تأثرها نتيجة لهذه الهجرات، خصوصا وأن السلطات الصينية تنظر إلى الانتشار المتزايد للدين وسط سكان الإقليم على أنه يساعد على تشكيل أرضية لتفريخ الإرهاب· وهذه النظرة للحكومة الصينية للدين الإسلامي تجعل أبناء أقلية ''الويجور'' يخشون من إقدام السلطات الرسمية على اتهامهم بتقديم العون لـ''حركة شمال تركستان الإسلامية'' الانفصالية، والتي تنظر إليها السلطات الصينية على أنها تمثل الخطر الأمني الرئيسي لها في المنطقة كونها تدعولإنشاء دولة إسلامية مستقلة لشعب ''الويجور''، ويقول ''روحان جوناراتنا'' -رئيس ''المركز الدولي لأبحاث العنف السياسي والإرهاب'' في سنغافورة-: إن تلك المنظمة تمثل تهديدا مفترضا لدورة بكين الأولمبية، وأن تهديد المنظمة يأتي من أن شبكتها الحركية التي تتخذ من منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية مقرا لها، وتتألف من 40 رجلا، لهم ارتباطات بتنظيم ''القاعدة'' هناك· وفي الوقت الذي يكتفي فيه الملك السابق ''داوود محسود'' بدوره السياحي الذي يكسب من ورائه بعض الأموال، بعد أن أزال الشيوعيون عرشه عام ،1949 فإن الخوف ينتاب الكثير من الويجوريين من أن يكون مصيرهم في النهاية مثل مصير ملكهم، يعبر السيد ''باتور'' الذي سبقت الإشارة إليه عن ذلك بقوله: ''الصين لا تزال تعتقد أننا نمثل تهديدا لمقاطعة ''تشينجيانج'' ولكن لو أن حكومتها قامت باستيعابنا في نسيج المجتمع في أسرع وقت ممكــن، فلن يكون هناك ما تخشاه، لأن ''تشينجيانج'' ستظل صينية ولن يكون هناك بالتالي ما يقلق تلك السلطات''· بيتر فورد- الصين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©