الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد نور الدين: جدّي وعمَّتي والكتاب صاغوا شخصيتي

محمد نور الدين: جدّي وعمَّتي والكتاب صاغوا شخصيتي
31 مارس 2017 22:39
فاطمة عطفة (أبوظبي) بما قاله الشاعر العربي أبوتمام عن «المنزل الأول» اختار الشاعر محمد عبدالله نورالدين أن يفتح صندوق ذكرياته ليشاطرنا بعض ما فيه، ليس فقط لأن المنزل الأول يقترن بالحب الأول، وإنما لأن الموهبة الأدبية تبدأ تفتحها أيضاً في المنزل الأول، تماماً كما الشجرة التي تبدأ بذرة ثم سرعان ما تكبر وتتعمشق أغصانها على الجدران.. ماذا لدى الشاعر إذن؟ يمتاز محمد عبدالله نور الدين بنشاط واسع وإنتاج غزير، لكننا في هذا الحوار سنقصر حديثنا على ذكريات الكتابة والقراءة وأوراقها الأولى. أثر الحريق يعود محمد نور الدين بذاكرته إلى بداية السبعينات من القرن العشرين: «فتحت عيني في بيت صغير في (جرن يافور) وسط الرمال، وأنا أسمع الكبار يستذكرون انتقالهم من أبوظبي ومنطقة (الباور هاوس) بسبب حدوث حريقين في ذلك الحين، حيث التهمت النيران بيوتهم المنشأة من السعف أو ألواح الخشب». ومن ذلك الحريق يتذكر الطفل محمد أن والده بات يهتم بحفظ مستنداته في شنطة سريعة الحمل، كما حفظ الكتب في صالة المعيشة في مكتبة خاصة، مبينا أن علاقته الأولى بالكتاب نشأت في تلك الأجواء فصار يستمتع برائحة الورق وملمسه الجاف، مضيفا: «حتى جاء اليوم الذي دخل فيه جهاز التلفزيون بيتنا، وكانت أول هجمة تكنولوجية تصرف انتباهي عن الكتب». أثر الجدّ وفي تلك البيوت رائحة الجد والجدة، يقول: «بيت جدي» أحمد درويش البلوشي كان يحتوي أكبر مكتبة في المنطقة تضم 100 كتاب، وهو رقم كبير في تلك الأيام، ونادرا ما شاهدت جدي في المجلس من دون كتاب. ويكشف نور الدين أن حب جده للكتاب بلغ درجة كبيرة حتى إنه حاول تأسيس دار نشر في نهاية السبعينات، وقد استطاع حفيده أن يحقق ذلك الحلم حينما أنشأ في 2013 (دار نبطي للنشر) قبل وفاة الجد بعام واحد. أثر العمَّة وفي أجواء البيت حكايات تروى للأطفال، وهنا يأتي دور العمة «مريم علي نورالدين»: «كانت، رحمها الله، تحكي لنا من الماضي ما هو أشبه بالخيال، ومنها تعلمنا دروس الوفاء والتضحية والمحبة الأسرية، فالعلاقة الجميلة التي تربط بينها وبين الوالد، بين الأخ وأخته كونت شخصيتي وشخصيات أخوتي وأخواتي. كان جو المحبة في العائلة والاستقرار النفسي الكبير الذي يؤطر الجميع عاملا مهماً في حياتي». أثر «ماجد» ويتلفت نور الدين إلى أوراقه القديمة مسرورا: «نصوصي الأولى بدأت في قصص مرسومة متأثرا بمجلة ماجد، ولا زلت أحتفظ بكثير من تلك القصص وأفكر جديا في نشر ما يصلح منها، لم أتتلمذ على يد أحد في الجانب الأدبي سوى الكتب حيث كان لها الفضل الأول في إثراء تجربتي وتطورها»، مستدركا أن هذا لا يلغي عبارات التشجيع التي كان يتلقاها من العائلة وزملاء الدراسة والأساتذة، ويخص بالذكر منهم د. غسان الحسن، والمرحوم حمد خليفة بوشهاب وشيخة الجابري. أثر الأدب العالمي وحول الأدب العالمي وتأثره بعدد من أعلامه، يقول: «تأثري بالآداب الشرقية أغنى ثقافتي، فبين طاغور الهندي وجلال الدين الرومي كان للخيام النيسابوري مساحة كبيرة من حياتي حيث تأثرت بالرباعيات منذ الصغر، وفي الأربعين، أصدرت كتابي الحادي عشر وفيه تأويلات رباعيات الخيام في قصائد نثر حديثة لأول مرة. وحالياً اجمع ترجمات لأكثر من مائة كاتب عربي تناولوا ترجمة رباعيات الخيام». ويؤمن نور الدين بأهمية تشجيع المواهب، ويعتبر نفسه محظوظاً «نشأت في بيئة ثقافية إلى حد كبير»، ويصور الأحوال في الماضي: هذا لا يعني أن الكتب كانت متوفرة. كنت أجد صعوبة في اقتناء الكتب لفقر مكتبات المدارس وقلة المكتبات التجارية والموزعين، وكان زادي السنوي من معرضي أبوظبي والشارقة للكتاب، وفي بعض الأوقات أتردد على المجمع الثقافي لقراءة الكتب أو أذهب للبحث عما أحتاجه في مكتبة الجامعة التي كانت تقع سابقا في شارع حمدان. ويتابع: أهم ما كنت أحصل عليه هو الكتب التي كانت تصلني من الدارسين خارج الدولة، ومنهم شقيقتي. أثر المثقفين وجلساتهم مجالسة الكتاب والمثقفين، لها أيضاً أثرها الإيجابي: اعتدت لقاء كثير من الأدباء، وحضور بعض المجالس الأدبية، ولكن تبقى مقرات اتحاد الكتاب نقطة تجمع مهمة للحوار بين المثقفين. ويعتب الشاعر على الأدباء المبتعدين عن الساحة لأن هذا يترك أثراً سلبياً على العلاقات بين الأجيال وحفظ المجتمع وهويته. وهو يتمنى رجوع جميع المثقفين إلى الفعاليات الأدبية، مؤكداً أن السماء تستوعب جميع النجوم. ويضيف: أطالب الأدباء الكبار بأن لا يكتفوا بإبداعاتهم، وبأن يتبنوا إبداعات الأطفال والشباب، وإفساح الطريق لهم كي يتقدموا المشهد الثقافي لأنهم يكتبون الحياة أو البقاء بينما الكتّاب الذين تعدوا منتصف العمر، وأنا منهم، أصبحنا نكتب خوفاً من الفناء والموت، وهذه الفلسفة التي تعترينا بعد أزمة منتصف العمر لن تبني الأوطان وتطورها ولن تضع الأجيال اللاحقة في سياقها الإبداعي الحقيقي، لذا أرجو أن نقف خلف هذه المبادرات الشابة، ومنها مبادرة القراءة، في هذا العالم المتعولم، كي نصل بأبنائنا وأحفادنا إلى آفاق تعرفهم على الآخر بسهولة ويسر، وهم معتزون بهويتهم وثقافتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©