الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البريكست».. نافذة فرص ممكنة

31 مارس 2017 22:22
بينما بدأت رئيسة وزراء بريطانيا «تيريزا ماي» العد التنازلي لرحيل بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ليس هناك شك الآن في أن هذا الطلاق سيلحق الضرر بالطرفين، وببريطانيا بالتأكيد أكثر بكثير من الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا لا يعني أيضاً القول إنه لا توجد إيجابيات. ووجود اتفاق جيد من شأنه أن يفتح نافذة فرص ممكنة أمام الطرفين. لقد بدأت هذه المغامرة برمتها بأخطاء تاريخية في الحكم، قرار رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون الدعوة إلى إجراء استفتاء على عضوية المملكة المتحدة، وقرار أوروبا حرمانه من تنازلات كبيرة في المحادثات التي تلت ذلك. ومن المرجح حدوث مزيد من التقديرات الخاطئة خلال الأشهر المقبلة، ما قد يؤدي بسهولة إلى تدهور الوضع السيئ أصلاً بما فيه الكفاية، بيد أن الانفصال الودي لا يزال ممكناً أيضاً، وفي مصلحة الجانبين. والحجة الرئيسة ضد هذا الرأي هي أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يريد بعقلانية معاقبة بريطانيا على اختيارها، حتى يردع الدول الأخرى عن أن تحذو حذوها. حتى الخروج الأكثر وداً، الذي يحافظ على امتيازات بريطانيا التجارية دون مساس، سيتركها في وضع اقتصادي غير مؤاتٍ. وتراجع الجنيه الاسترليني منذ إجراء الاستفتاء أدى بالفعل إلى انخفاض القوة الشرائية في المملكة المتحدة. وعلاوة على ذلك، فإن جزءاً من سبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يرجع لرغبتها في استعادة السيطرة على حدودها، وعلى رغم ذلك، فإن الهجرة، من الناحية الاقتصادية، هي أمر جيد، وليست بالضرورة أمراً سيئاً. وتشديد القيود على تدفقات قوى العمل هي بمثابة عقاب في حد ذاته. وعلى قادة أوروبا التعامل مع المشاعر المتصاعدة ضد الاتحاد الأوروبي، ولكن اتخاذ خط عقابي صارم ضد بريطانيا ليس هو أفضل طريقة. ومواطنو أوروبا لديهم شكاوى مشروعة بشأن الاتحاد. وأن يقال لهم ببساطة اصمتوا لن يوفر الأساس الديمقراطي السليم من أجل إحداث التغييرات الدستورية التي تحتاج إليها أوروبا. فوجود اتحاد أوروبي يخدم مواطنيه هو الطريقة الصحيحة لبناء دعم شعبي أقوى للاتحاد. وعلينا أن نضع في الاعتبار أن بريطانيا كانت دائماً نافرة، ومعارضة بشكل جوهري، بعكس الدول الأعضاء الأخرى، لمبدأ الاتحاد الأوروبي الأساسي المتمثل في سيطرة الاتحاد على أكبر قدر ممكن من المجال العام المشترك. وبعد أن احتفظت بعملتها إثر صدور العملة الموحدة «اليورو»، أصبحت بالفعل شبه خارجة منه، بحكم الأمر الواقع. وهذه الاختلافات تتعارض مع فكرة أنه إذا كانت بريطانيا قد ذهبت لوحدها، فإن مزيداً من حالات الخروج من قبل دول أخرى لديها نفس الرغبة، قد تتبع بسرعة. ومع هذا وعلى رغم السخط الأخير، إلا أنه ليس هناك أعضاء آخرون في الاتحاد الأوروبي يظهرون علناً ذات الميل، بيد أن هناك خطراً أكبر بكثير من حالات الخروج الأخرى، قد ينشأ على المدى الطويل من إخفاق الاتحاد الأوروبي في النهاية في إصلاح نفسه. وهذا يوصلنا إلى ميزة «البريكست» التي يمكن أن تفيد الاتحاد الأوروبي. وأحد أوضح الدروس المستفادة من العشر سنوات الماضية هو أن إصلاح منطقة «اليورو» سيتطلب جرعة إضافية من تكامل السياسات الاقتصادية. فأسواق المال والبنوك في الاتحاد بحاجة إلى أن تكون مدموجة بشكل كامل. وهناك أيضاً حاجة إلى شكل من أشكال الاتحاد المالي، يتضمن إصدار سندات بصورة مشتركة وتحويلات مالية داخل الاتحاد. وإذا كانت مثل هذه المبادرات تتمتع الآن بالقليل من الدعم، إلا أنها على قدر كبير من الأهمية، ولا يمكن تأجيلها إلى مالا نهاية. وفي الوقت المناسب، ستحتاج أوروبا إلى تغيير في المعاهدات، وبالتالي، الدعم تحتاج الإجماعي من الدول الأعضاء. ولكن بدون بريطانيا وتحفظاتها المتجذرة بشأن المشروع الأوروبي، فإن ضمان هذا الدعم لن يكون بالأمر السهل، حتى لو لم يكون مستحيلاً أيضاً. * كاتب متخصص في السياسات المالية والاقتصادية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©