الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القطاع المالي... أجندة في الانتخابات الأميركية

25 فبراير 2012
شكل صعود المرشح "الجمهوري" في الانتخابات الرئاسية، "ريك سانتوريم"، وتصدره لنتائج عدد من الولايات الأميركية فرصة لقطاع الأعمال في أميركا للدفع بأجندته في الساحة السياسية الأميركية، تلك الأجندة القائمة أساساً على تشجيع سياسات التقشف المالي والحد من عجز الموازنة وتبني مواقف اجتماعية معتدلة تستقطب الناخب الأميركي العادي. لكن ولحشد التأييد لأجندتهم انتظم قادة "وول ستريت" وزعماء القطاع المالي في أميركا ضمن منظمة تطلق على نفسها اسم "أميريكانز إيلكت" أي الأميركيون ينتخبون، وذلك بتخصيص مبلغ 22 مليون دولار لتمويل أنشطتها، وتعمل هذه المنظمة على تنظيم انتخابات على شبكة الإنترنت يشارك فيها الناخبون على نطاق واسع، وبالتالي يساهمون في إبراز ميولهم السياسية والمنحى العام الذي سيتخذه الاقتراع العام عندما يحين وقته في شهر نوفمبر المقبل. وتسعى المنظمة إلى جمع التوقيعات المطلوبة لإدراج اسم مرشحها في اللائحة الوطنية للمرشحين والتعامل معه كمرشح جدي قادر على المشاركة واستقطاب الرأي العام. ورغم الأسئلة التي تثار حول مصدر الأموال التي تغدقها المنظمة على مرشحها والمصاريف التي تتحملها لحشد الناخبين، فإن القانون الأميركي يبيح للمنظمات الأهلية عدم الكشف عن مصادر التمويل على غرار المنظمات الأخرى التي تدعم ترشيح الرئيس أوباما، أو باقي مرشحي الحزب "الجمهوري"، وليس مطلوباً من منظمة "الأميركيون ينتخبون" الكشف أيضاً عن هوية الممولين ولا توجهاتهم السياسية. لكننا نعرف مع ذلك، بفضل إليوت أكرمان، المدير التنفيذي للمنظمة، أن 55 من النشطاء دفعوا 100 ألف دولار لكل واحد، كما نعرف أيضاً أن المنظمة أسسها بيتر أكرمان، والد إليوت، الذي منح المنظمة 5 ملايين دولار. ومن بين اللائحة التي تنشرها المنظمة على موقعها الإلكتروني للعاملين بها هناك 20 شخصية تتولى مناصب قيادية في مؤسسات مالية معروفة، وهو ما يفصح بوضوح عن الأجندة السياسية للمنظمة ومرشحها الداعم للقطاع المالي والمدافع عن القيم الاجتماعية المعتدلة التي يؤمن بها أغلب الأميركيين. والحقيقة أن المنظمة تنتظر ما سيسفر عنه السباق الانتخابي بين المرشحين "الجمهوريين"، فلو أن "ميت رومني" تمكن بالفعل من التقدم على المسار "الجمهوري" والظفر بتزكية الحزب، فإن المنظمة التي تسعى إلى تقديم مرشحها الخاص لن تكون في حاجة إلى ذلك ما دام "ميت رومني" ليس معادياً لجماعة "وول سترتيت"، وبالتالي لا خوف منه على مستقبل القطاع المالي في أميركا. لكن هناك من يرى أنه إذا تمكن "سانتوريم" من التقدم وحظي بتزكية الحزب "الجمهوري" ستطرح المنظمة بديلها القادر على إقناع المعتدلين من "الجمهوريين" وباقي المستقلين من غير المحافظين. لذا لم تتأخر المنظمة كثيراً عندما بدأ نجم "سانتوريم" في الصعود لتبدأ في حشد التأييد لمرشحها والترويج له بالإعلام والمال على الساحة السياسية، وكأنها تستعد لخوض المعركة. وفي هذا السياق سارع المعلق الشهير في "نيويورك تايمز" وأحد النشطاء في المنظمة، توماس فريدمان، إلى تدبيج مقالة يقدم فيها للقارئ اسم "ديفيد وولكر"، المفتش الأميركي العام من 1998 إلى 2008. ففي هذا المقال اعترف فريدمان بأنه ليس متأكداً ما إذا كان "وولكر" سيؤثر إيجاباً على السباق الانتخابي ويعبئ الناخب الأميركي، لكنه أكد أنه مستعد لمنح مبالغ مالية مهمة لدعم حملته الانتخابية وتسجيله بعض النقاط ضد خصومه السياسيين. ومع أن "ديفيد وولكر" ليس وجهاً معروفاً في السياسة الأميركية وبالتالي من غير المعروف مدى تأثيره الفعلي على الناخب، إلا أن طريقة عمل المنظمة تبيح لأي أميركي وضع مرشحه المفضل على لائحة التصويت ومعرفة مدى شعبيته. ولحد الآن يتقدم اللائحة الموضوع على الإنترنت "رون بول" بحوالي 2632 مؤيداً متبوعاً بـ"جون هانتسمان" بحولي 1356 مؤيداً فيما يحتل "وولكر" نفسه مرتبة متدنية لا تتجاوز المئة مؤيد. لكن ذلك لا يعني أن "وولكر" سيظل في تلك المرتبة المتأخرة، لا سيما إذا تحول إلى المرشح المفضل لأصحاب المال والنفوذ في "وول ستريت"، كما أن "وولكر" نفسه شرع في العمل بعد الإطراء الذي لاقاه من فريدمان، لينشر يوم الاثنين الماضي بياناً رسمياً أشار فيه إلى حلول الذكرى العشرين لترشح الشخصية المستقلة، روس بيرو، في الانتخابات الرئاسية في إحالة دالة على إمكانية تكرار الأمر معه، لكن كيف يمكن التوفيق بين أهواء المصوتين العاديين على الإنترنت وأجندة "وول ستريت" التي تعكسها المنظمة؟ الحقيقة أن هناك بعض الأدوات مثل إلغاء التصويت الإلكتروني، وإغداق الأموال على المرشح المفضل، غير أن الأمل لدى جماعة "وول ستريت" يبقى في ألا يضطروا إلى ذلك في حال وقع اختيار "الجمهوريين" على "ميت رومني" لأن ذلك سيكفيهم عناء طرح مرشح ثالث. هارولد مايرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©