الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«البرلمانيات» الأوروبية... وصعود اليمين المتطرف

«البرلمانيات» الأوروبية... وصعود اليمين المتطرف
7 يونيو 2009 01:07
مع انطلاق حملة الانتخابات في 27 دولة منضوية في الاتحاد الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي، يبدو أن شعوب القارة تتجه بشكل متزايد نحو رفع أسهم الأحزاب اليمينية الشعبوية. ومما يلاحظ في هذا الصدد تأكيد استطلاعات الرأي العام السابقة للانتخابات تقدم الأحزاب اليمينية المناهضة للهجرة والأجانب ولفكرة الاتحاد الأوروبي نفسها على غيرها من أحزاب الوسط واليسار. بل إن نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي أجريت في كل من هولندا وبريطانيا قد أشارت فعلا إلى التقدم الفعلي الذي حققته الأحزاب اليمينية المتطرفة على غيرها، وفقاً لتقييمات الخبراء والمراقبين. فقد حصل «جيرت فيلدرز» اليميني الهولندي المعروف بتعصبه وعدائه للإسلام والهجرة والمشروع الأوروبي على نسبة تتجاوز 15 في المئة من أصوات ناخبي بلاده، وبأقل بمقعد واحد فحسب عن النتيجة التي نالها الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم. أما في بريطانيا، فقد سادت التنبؤات بحصول اثنين من الأحزاب اليمينية المعادية للاتحاد الأوروبي وهما: حزب الاستقلال البريطاني، والحزب الوطني البريطاني، على خمس إجمالي أصوات الناخبين، وفقاً لما أعلنه موقع إلكتروني يشرف على إعداد محتواه فريق من كبار الباحثين وأساتذة العلوم السياسية. وعلى حد تعبير «وين جرانت» أستاذ العلوم السياسية بجامعة وارويك بمنطقة وسط إنجلترا، فإن من الواضح من النموذج الهولندي أن الأحزاب اليمينية الشعبوية تحظى بتأييد واسع من قبل الناخبين. وليس هذا مؤشراً خاصاً بهولندا وحدها، وإنما هو تعبير عن اتجاه أوروبي عام. وقد استطرد البروفيسور «وين» إلى القول إن توجهاً يمينياً كهذا في أوساط الناخبين ليس مستغرباً في ظروف الكساد الاقتصادي الذي تمر به القارة كبقية العالم. والحقيقة أن غالبية الدول الأوروبية تمر بفترة كساد عظيم في الوقت الحالي، ارتفعت بسببها معدلات البطالة إلى نسبة واحد بين كل عشرة من المواطنين الأوروبيين. ومن جانبها تضيف «سارة هاجيمان» -وهي محللة سياسية هولندية تعمل بمركز دراسة السياسات الأوروبية في بروكسل- قائلة إن الأحزاب اليمينية المتطرفة ستحظى في هذه الانتخابات بنسبة أعلى من المقاعد البرلمانية، قياساً إلى ما تحظى به في الانتخابات المحلية الوطنية، وذلك بسبب قوة معارضة الناخبين لفكرة الاتحاد الأوروبي نفسها. وعلى رغم أن الانتخابات الخاصة بالبرلمان الأوروبي عادة ما تطغى عليها نبرة احتجاجية معارضة من قبل الناخبين، إلا أن المتوقع هذه المرة هو أن تمتد النبرة نفسها إلى الانتخابات المحلية الوطنية الخاصة في دولتين أوروبيتين على أقل تقدير في العام الحالي، فيما لو كان أداء النخب السياسية الحاكمة فيهما سيئاً كما هو متوقع. وعلى سبيل المثال، من شدة عزلة الاشتراكيين الحاكمين في المجر، يتوقع أن تعصف نتائج الانتخابات الوطنية المقبلة بتركيبة النظام الحاكم هناك. ولكن لا يوجد قائد أوروبي أكثر ضعفاً وعرضة للهزيمة من رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، الذي لم يتراجع التأييد الذي يحظى به من قبل حزب «العمال» الذي يقوده فحسب، وإنما بدأ تراجعه عند وزراء حكومته أنفسهم. فإثر الكشف عن فضائح برلمانيي حزب «العمال» الحاكم، ربما تعين على حكومة الحزب أن تصارع هذه المرة من أجل البقاء فيما لو جاءت النتائج الانتخابية التي سيحرزها الحزب بالضعف الذي يتوقعه الكثيرون. وفي يوم الجمعة الماضي أرغم جوردون براون على إجراء تغيير وزاري لما تبقى من وزرائه بعد استقالة العديد من كبار الوزراء خلال 72 ساعة فحسب. ويتوقع الخبراء أن تكون نتائج الانتخابات التي سيعلن عنها مساء اليوم الأحد هي القشة الأخيرة التي ستقصم ظهر الحزب الحاكم على حد قولهم. يذكر أن انتخابات البرلمان الأوروبي -التي تجرى مرتين كل عشر سنوات- ينظر إليها في بعض الأحيان على أنها أكبر حملة انتخابية عالمية. ففي هذا العام بلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت فيها نحو 375 مليون ناخب أوروبي في الـ 27 دولة، بهدف انتخاب 736 نائباً برلمانياً أوروبياً. أما في الواقع فتبدو هذه الانتخابات أشبه بانتخابات نصفية تكميلية يعاد فيها تقويم واختبار أداء الأحزاب والحكومات الوطنية. والمفارقة أنه ليس في وسع غالبية الناخبين تجاهل أهمية البرلمان الأوروبي، بسبب ارتباط تأثيره ودوره وأدائه بحياتهم الخاصة. ولذلك السبب، فقد كان الإقبال عالياً جداً على انتخاباته الأولى التي أجريت في عام 1979، إذ تجاوزت نسبة الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم فيها الـ60 في المئة. ولكن سرعان ما حل فتور الإقبال، خاصة بعدما تبين عملياً، في نظر معارضي المشروع الأوروبي، أن البرلمان لم يكن سوى أكثر من نادٍ للخطابة والحديث. وعليه فقد تراجعت نسبة التصويت في انتخاباته إلى أدنى من 50 في المئة، على رغم تزايد أهميته وتفوقها على أهمية البرلمانات الوطنية الخاصة بدول الاتحاد. ففيه تصدر وتمارس الرقابة على تطبيق ثلثي القوانين الأوروبية التي تمتد تشريعاتها من الهجرة إلى البيئة، ومن المواصلات إلى التجارة، ومن الاتصالات إلى حقوق العمل. وعن ذلك يقول «سايمون هكس» -أستاذ العلوم السياسية بكلية لندن للعلوم الاقتصادية والسياسية إن البرلمان الأوروبي يعد ثاني أهم برلمان دولي بعد الكونجرس الأميركي مباشرة. فقد اتسعت سلطاته على نحو مطرد خلال العقود الثلاثة الماضية. فهو المعني بتشريع وتنظيم القوانين الخاصة بالسوق الأوروبية المشتركة. ولكن في رأي «كارولين لوكاتش» -وهي عضو سابق في البرلمان الأوروبي لمدة 10 سنوات عن حزب الخضر- أن غالبية الناخبين يقللون من أهمية البرلمان. وأضافت قائلة إن نسبة 80 في المئة من تشريعات البيئة ونسبة 50 في المئة من التشريعات المنظمة للسياسات الاجتماعات الأوروبية تصدر من بروكسل. وهذا ما يعطي أهمية خاصة لاختيار الناخبين للسياسيين الذين يثقون بهم حقاً. غير أن تزايد ممثلي الأحزاب اليمينية الشعبوية المتطرفة ربما يؤثر سلباً على النشاط التشريعي للبرلمان الأوروبي، خاصة مع توقع إحراز أحزاب مشابهة نتائج جيدة في الانتخابات المقبلة، خاصة «حزب الحرية» النمساوي، وحزب «جوبيك» المجري. وترى «لوكاتش» أنه لم يتضح بعد الكيفية التي ستؤثر بها هذه الأحزاب اليمينية على التشريعات الأوروبية. والمفارقة هي في إرسال المزيد من النواب المعادين للاتحاد الأوروبي ليجلسوا مشرعين تحت قبة برلمانه على حد قولها. فهؤلاء لن ينخرطوا في العملية التشريعية وإنما سيكتفون بإبداء تذمرهم من جميع ما يحدث حولهم على الأرجح. مارك رايس أوكسيلي- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©