الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إماراتيات يتغلبن على غلاء المعيشة باحتراف «البزنس»

إماراتيات يتغلبن على غلاء المعيشة باحتراف «البزنس»
7 يونيو 2009 00:42
رأيتها وهي تقف برشاقة وشموخ، متلحّفة بعباءتها السوداء، عيونها تبتسم للزبائن من خلف خمارها الوقور، تبدو سعيدة وهي تقدم لهم بحب وكرم، قطعاً شهية من بسكويتها اللذيذ، الذي تفخر بخبزه في فرنها الخاص، تدعوهم لتذوقه قائلة:" تفضلوا..اقتربوا.. وجربوا بسكوت عين الجمل، اللي محّد يعرف يسويه مثلي"، وكأنني لمحت في نظراتها فخراً وفرحاً... ولم لا؟!! فهي مواطنة إماراتية معتدّة بنفسها تحتفي بقدرتها على العمل والعطاء. استثمار الموهبة التقيتها وأنا أتجول في معرض الدول العربية الذي أقيم قبل أسابيع في أبوظبي، هي واحدة من كثيرات أصبحنا نراهن اليوم يشاركن بالمعارض والمهرجانات، بمشاريع صغيرة وهادفة، تساهم في رفع دخل الأسرة، وتنمية المجتمع، والسيدة (ع. ر) هي زوجة وأم، لم تكمل تعليمها الجامعي، كما أنَّ شهادة الثانوية لم تؤهلها للحصول على عمل مناسب، ففكرت باستثمار موهبتها كربة أسرة تجيد فن الخبز والطبخ، وبدأت بصناعة الحلويات من بسكويت الزبدة والمكسرات والتمر والزبيب، تشكله بأحجام وأشكال مختلفة، وتطلق عليه أسماء طريفة، في البداية باعت للمعارف والأصدقاء، ثم جربت حظها مع مخبز قريب من بيتها، وحينما لاقت منتوجاتها النجاح، توسعت وأصبحت توزع الآن على خمسة مخابز، كما تطمح للمزيد. وهي تثمّن مشاركتها في المعرض، فتقول:" أنا فرحة بمشاركتي مع زميلاتي من الأسر المنتجة، وأجد كل التشجيع من زوجي وعائلتي، وأنوي الآن الحصول على دعم من الاتحاد النسائي، فلقد سمعت بأنَّهم يساعدون المواطنات على الخروج لسوق العمل والتجارة". قبول وتشجيع أخذت منها أطراف الحديث سيدة أخرى ذات وجه سموح، وبابتسامة دافئة أكملت:" أنا أم هلال، بدأت عملي من البيت قبل أربعة أعوام، بعدما قررت أن أشغل أوقات فراغي بممارسة حرفة يدوية أحبها، وهي صناعة الاكسسوارات المنزلية وتزيينها بالشرائط والكريستال والورود، وقد شاركت في عدة معارض في الدولة، ووجدت إقبالاً جيداً على مشغولاتي اليدوية، فانضممت لبرنامج الأسر المنتجة في الاتحاد النسائي، وهم لم يقصّروا معي، وأصدروا لي بطاقة عضوية وأعطوني مكاناً ثابتاً لأعرض منتجاتي في معرضهم الدائم مع زميلاتي الأخريات، وهم يشجعون المواطنات على فتح المشاريع والمشاركة في المهرجانات والأنشطة التجارية، ويقدمون لهن الاستشارة والمساعدة". وتضيف: "أنا أتعاطى مع الزبائن بكل صداقة وحب، ومشروعي عرفني على الكثير من الناس الطيبين، فكونت معهم علاقة مبنية على المصداقية والثقة، ونسبة ربحي معقولة ومقبولة، كما أبيع أحيانا بالسلف، لم لا.. الناس كلهم خير وبركة". شذى التجربة على بعد أمتار قليلة عبق في أنفي أريج المسك والعود ورائحة الطيب والبخور، فالتقيت بسيدة كريمة، تلبس البرقع الإماراتي الجميل، وترمقني بنظرات هادئة، وبعد السلام قصّت لي أم راشد حكايتها مع العطور والدخون، وكيف ورثت مهنتها من أمها وجدتها، فاستطاعت بالفطرة والخبرة أن تنجح الفكرة، متفاخرة بأنفها الأشم الذي يميز الروائح ويّفند الأطياب، قائلة: "لقد بدأت برأس مالي الخاص، فاشتريت خامات وزيوتاً لصناعة العطور مع قارورات وعلب، واستثمرت موهبتي وما تعلمته من أهلي، فصار عندي مشروعي الخاص". ولكن أم راشد لا تتردد في رفع اللوم والشكوى، أولاً من ارتفاع قيمة الإيجار للمشاركة في أي معرض تجاري، وثانياً من عدم منح الجهات المسؤولة الاهتمام الكافي لأصحاب المشاريع الصغيرة كما تدعي، وهي تفسّر شكواها أكثر، فتقول: "نحن أسر ضعيفة الحال، دفعنا غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة للبحث عن مصادر أخرى لزيادة الدخل، فلم لا تكمل الدولة معروفها معنا وتقدم لنا دعماً أكبر، مثل إصدار بطاقات خاصة للمواطنات المبتدئات بالتجارة تعفيهم من رسوم الإيجار في المعارض، أو إنشاء سوق شعبي خاص يضّم محالاً للأسر المنتجة مثلاً". حديث الورد وبعد أن عللت.. وأسهبت..، فأصغيت لها حيناً وتعاطفت معها أحياناً، انتقلت إلى جارتها، مأخوذة بألوان الربيع وأشكال الورود المّعلقة على الجدران، حيث طالعتني فتاة شابة في مقتبل العمر، حديثة العهد بالزواج والأمومة، هي مبدعة، وصاحبة مشروع الروعة للمشغولات اليدوية، استثمرت موهبتها واستأنفت تجارتها بعمل اكسسوارات لتزيين الشعر، فباعت وربحت، وبعد أن أثبتت لزوجها جدارتها وحسن تدبيرها، توسم فيها بذور سيدة أعمال صغيرة، فأحب أن يكون جزءاً من نجاحها ويؤكد ثقته بذكائها، موظفاً معها حوالي 80 ألف درهم من ماله الخاص، ليكون شريكاً لها في البيت والعمل. ليلة فرح أما صاحبة مشروع ليلة فرح، الإماراتية (ش . س) فهي سيدة أعمال باحتراف، بدأت مشوارها مع الربح والتجارة قبل سنوات، منطلقة من بيتها لتشتري وتبيع لمدة سنتين، بعدها استأجرت كشكاً صغيراً في مركز بن سوقات في دبي، مستبدلة إياه لاحقاً بمحل أكبر، لتعرض فيه الأثواب القطنية والشيلات والعطور، وهي من المشاركات بالمعارض بشكل دائم، لأنها ترى فيه فرصاً حقيقية لتحقيق الذات، والتواصل مع الناس، وتعلل ذلك قائلة:" أنا ملتزمة بعادات وتقاليد مجتمعي المحافظ، أستورد وأبيع المستلزمات النسائية، ولذلك معظم زبائني من النساء، فهن يشعرن بالراحة في التعامل معي لأنني سيدة، والمجتمع اليوم يعطي المرأة حقها في ممارسة الأعمال وشؤون التجارة أسوة بالرجل". وهي مثل أم راشد تطالب بمساندة أكبر للمواطنات العاملات وتسهيل الترخيص التجاري، مع خفض قيمة الإيجار في المعارض والفعاليات. رأي المنظمين بعد سماعي لعدة شكاوى، قررت الاستفسار عن الأسعار والإيجار، ووجدت أنَّه لا بد من أخذ المعلومة والخبر اليقين من المعنيين، فتوجهت للشركة المنظمّة للمعرض، وسألت المدير المسؤول هناك السيد طارق عمرو عن الأمر، فبرر قائلاً:" إنَّ الإيجار معقول جداً، ونحن بالتنسيق مع المشرفين على برنامج الأسر المنتجة وبرنامج مبدعة، نمنح حاملات البطاقة فقط من المواطنات خصماً خاصاً بحوالي 300 درهم للمتر المربع، أي ما يعادل 3000إلى 4000 درهم أقل من المستأجرين الأجانب، وهذا في رأيي مساهمة عادلة منا لصاحبات المشاريع الصغيرة". من جانبه مصدر اعلامي في الاتحاد النسائي، أكد في حديثه لنا أنَّ جمعيته ذات نفع عام، وأنَّ القيمين عليها لم يدخروا جهداً في مساعدة المواطنات من ذوات الدخل المحدود على إيجاد فرص للإنتاج والعمل، مشيراً إلى أنَّ برنامج الأسر المنتجة قام بجلب خبراء من غرفة التجارة لتدريب النساء على إدارة الأعمال وطرق التسويق الناجح، بالإضافة لتعاونهم مع فنيين مختصين في دورات تعليمية لطرق خلط العطور وصناعة الدخون والبخور، وبعض الحرف اليدوية الأخرى، وأوضح أنَّ البرنامج يتيح لتلك الأسر المشاركة المجانية الخالصة في معارض خاصة تقام في المولات والمدارس لبيع منتوجاتهم، أما حول إلغاء قيمة الإيجار أو حتى خفضه في المعارض التجارية، فهو أمر خارج عن إرادة الاتحاد النسائي، لأن هناك شركات ربحية خاصة هي المسؤولة عن إدارة هذا النوع من النشاطات". برامج مساعدة الجدير بالذكر أن هنالك الكثير من البرامج التي تساعد النساء على إنشاء مشاريع صغيرة وخاصة في كل إمارة، منها برنامج مبدعة الذي ارتفع عدد رخصه إلى 621 رخصة في نهاية شهر فبراير الماضي ، مما يدل على إقبال جيد من المواطنات على هذا البرنامج والذي يتيح ممارسة أكثر من 20 نشاطاً تجارياً وخدمياً من المنازل، بإشراف ودعم من مجلس سيدات أعمال أبوظبي. وهنالك أيضاً برنامج الأسر المنتجة الذي يشرف عليه الاتحاد النسائي في أبوظبي، والذي يعمل على تشجيع المرأة على العمل والإنتاج المبدع، وتحسين الوضع الاقتصادي للأسرة، وصندوق خليفة لدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة بأبوظبي، وأيضاً برنامج انطلاقة للمشاريع الصغيرة، ومؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب في دبي، وبرنامج رواد في الشارقة، وأيضاً برنامج سعود بن صقر لدعم مشاريع الشباب في رأس الخيمة. والهدف من وراء كل هذه البرامج هو جعل البيت وحدة إنتاجية صغيرة وفعالة، تُستثمر من خلالها مواهب وطاقات إبداعية للفتيات وربات البيوت، ليساهمن في عجلة التنمية، ويروجن لثقافة حب العمل الحر والمشروعات الصغيرة، بدلاً من البحث أو انتظار وظيفة قد لا تأتي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©