الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شراكة الدم والمصير والثوابت

شراكة الدم والمصير والثوابت
14 مارس 2018 19:47
أكدت وزارة الثقافة والإعلام السعودية أن اختيار الإمارات العربية المتحدة ضيفاً لمعرض الكتاب الذي يقام في الرياض من 14 إلى 24 مارس الجاري «يأتي تجسيدا للعلاقات القوية والمتينة والراسخة بين البلدين الشقيقين وترسيخاً للروابط التاريخية بين قيادة وشعبي البلدين». ومن هذا المنطلق عبر عدد من الكتاب والأدباء السعوديين لـ «الاتحاد الثقافي» عن كون اختيار الإمارات ضيف شرف لمعرض هذا العام جاء نتيجة لما تقدمه من رؤية فكرية واضحة في صناعة ونشر الثقافة العربية، مؤكدين على أن مشروع «كلمة» ساهم بشكل كبير في نقل الثقافات العالمية للعربية واستطاع تصحيح مسار القارئ العربي باتجاه الكتب الصانعة للثقافة وليس المستهلكة.. هنا عرض لشهاداتهم حول الحدث وقراءتهم للتجربة الإماراتية في تجلياتها الثقافية المتعددة. د عبد الرحمن العليان كاتب ومستشار مدير جامعة جدة وأستاذ القيادة والتخطيط الاستراتيجي، يقول: تأسست الإمارات وبنيت على موروث حضاري وثقافي يشار له بالبنان، ما وصلت إليه الإمارات اليوم، هو نتاج مئات السنين من البناء والتوريث الثقافي الذي استمد من العروبة والإسلام والاتصال الحضاري الناجح مع الشعوب على المستوى الإقليمي والدولي. ثمة أسس ثقافية، أسست لجيل الإمارات اليوم الذي ميز عنوانه ومبناه والدنا الشيخ زايد آل نهيان (رحمه الله) من خلال جمع الكلمة نحو الهدف الواحد لبناء المكان وتنمية الإنسان في إمارات الخير. صناعة الإمارات للثقافة امتدت للدعم والرعاية والاهتمام بكل نشاط أو فعالية أو مبادرة تعنى بالثقافة والمثقفين. فنجد معارض الكتاب في إمارات الخير تنافس المعارض الدولية في الكم والكيف، بل وأصبحت ذات معدلات زيارة عالمية المستوى، وفي المقابل نجد مهرجانات الشعر ومهرجانات المسرح في مناسبات متعددة. في الإمارات مسابقات تهتم بالكاتب العربي، وتعتبر جائزة الشيخ زايد من أهم المحطات لتشجيع الكتاب ونشر العلم والثقافة. مشاريع الترجمة الجبارة في الإمارات والجائزة الدولية للرواية العربية اللتين ترعاهما الدولة تضمن التعدد والتنوع والشفافية في الطرح والنشر والإبداع، ناهيك عن الاهتمام بالثقافة المتحفية التي يمثلها متحف اللوفر أبوظبي ومتحف نوبل خير تمثيل، والعناية بشتى أنواع الفنون، وهي خلطة قد لا تجدها إلا في الإمارات العربية المتحدة. أخوّة تاريخية العلاقة بين الإمارات والمملكة، هي نموذج للعلاقة الأخوية، التي يجتمع فيها الأشقاء على مبادئ حسن الجوار والمصالح المشتركة. هي علاقة تضرب في عمق جذورها تاريخ عروبتنا ودمنا ولغتنا وعقيدتنا. امتدت هذه العلاقة ليمتزج الدم الإماراتي بالدم السعودي في ساحات الشرف والعز، حزما وعزما لمن يريد المساس بأمننا ومقدساتنا وترابنا. إن مستوى التفاهم الأخوي في جميع القضايا، وتبادل الزيارات المتكررة بين قيادات البلدين، وقوة العلاقة التجارية والاقتصادية بين البلدين دلالة إلى ما نحن عليه من مستويات الحب والتقدير والاعتزاز. إن عمق العلاقة التاريخية والثقافية بين البلدين الشقيقين يشاهد من خلال هذا النموذج الاستثنائي والثري في التعاون بين البلدين، ووقوفهما سداً منيعاً أمام الطامعين وأعوانهم بأوطاننا، وتجده في الانسجام التام بين البلدين في المنصات الدولية بجميع مستوياتها، وبلورة ذلك في تصدي البلدين للإرهاب ومصادر تمويله، وهو ما يندر أن تشاهده في علاقات الدول وتطابق مستويات التفاهم والتقدير لهذه الدرجة الكبيرة سياسيا وامنيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. ولقد ساهمت الإمارات في نشر الكتاب وبث تأثره خليجياً وعالمياً ويتضح ذلك من خلال مدى التأثير الذي يحدث حاليا لجائزة والدنا الشيخ زايد رحمه الله للكتاب، حيث أصبح هذا الحدث شعلة ثقافية على مستوى الخليج والوطن العربي، لتصبح الجائزة من اهم الجوائز على الإطلاق، مشجعة الأدباء والمثقفين والمبدعين والكتاب نحو الإبداع في جميع الفنون والمجالات، والتي ستعيد، بإذن الله، مجد حضارتنا التي نقل فيها الكتاب العلوم للحضارات والأمم الأخرى.ستكون الإمارات في الأيام القادمة محط النظر نحو الدور الجديد للمكتبات، والتكنولوجيا والكتاب والفنون، سيكون لصحافة الروبوت والذكاء الصناعي في صناعة الثقافة المساحة المهمة في المستقبل القريب لإمارات الخير والعطاء. الإمارات.. صناعة الثقافة محمد مهاوش الظفيري شاعر وكاتب سعودي يقول: مصطلح (الصناعة الثقافية) مصطلح حديث ظهر للعلن في منتصف الأربعينيات الميلادية من القرن الماضي، وهو نتاج لفكر الحداثة والتطور الذي اجتاح العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، والمتأمل في ماهية هذا المصطلح سيجد أن هناك توافقًا بين الإمارات كدولة حديثة وحداثية وهذا المفهوم في الرؤية بالنظر إلى المستقبل، فقد تلازمت هذه النظرة مع الطفرة الهائلة إماراتيًّا في الإنتاج الثقافي والدرامي والمعرفي، وصارت الإمارات محط أنظار أهل الفن والفكر والرياضة والثقافة، وحتى أصحاب التوجهات السياسية المعتدلة النافعة للشعوب والإنسانية، فكانت الإمارات كبلد وكمجتمع قبلة للثقافة، بما امتازت به من قدرة على الاستيعاب الحضاري والفكري من فتح المجال للتنافس، وعدم التقوقع في المحلية على حساب التسامح والتصالح المجتمعي مع الإنسان وإتاحة الفرص لكل ناجح لديه القدرة في البذل والعطاء، فكانت دولة الإمارات العربية المتحدة وفق هذا المنظور واجهة بحق عربية وعالمية في هذا المشروع الثقافي الإنساني الرائد. ثنائية العلاقة من أبرز أوجه هذه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين هو العمل الدؤوب على ردم الهوة العميقة عربيًّا، والتي أحدثتها تداعيات (الفوضى الخلاقة)، مما شجع هذا التوجه المتوافق – سعوديًّا وإماراتيًّا – من تجاوز فكرة العلاقات الثنائية المشتركة، للدخول في بوتقة المصير الواحد، واندماج الاثنين في بعضهما بعضا، وخير شاهد (عاصفة الحزم) التي كونت منهما رفقاء سلاح في معركة واحدة، وهي معركة تخليص اليمن من النفوذ الأجنبي. لقد أصبحت هذه العلاقات التاريخية في أقوى صورها المشتركة مما سبق، وذلك حينما تلازم المساران ضد الإرهاب والتطرف والفوضى، فكانت العلاقات الإماراتية السعودية بثوبها الجديد المتجدد حالة استثنائية وحلفًا استراتيجيًّا يتجاوز حدود المنطقة، بما حبا الله قيادة كلا البلدين الشقيقين من تقارب في الرؤية وتناغم في المواقف وإصرار بالعمل الدؤوب المشترك على تجاوز العثرات والاستفادة من بعضهما بعضا. ثوابت مشتركة العلاقات الثقافية بين البلدين علاقات عميقة ومبنية على ثوابت راسخة ودعائم مشتركة وعوامل متعددة تغذيها روابط أخوية متشعبة في شتى المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تقف وراءها قواسم تاريخية متشابكة تشد من أزرها البيئة الجغرافية المشتركة كون البلدين الشقيقين جارين في الموقع وعضوين فاعلين في منظومة مجلس التعاون الخليجي. أمام هذه المعطيات، وفي ظل هذه الظروف فإن الأمل يحدو الجميع بأن تتجذر هذه الأواصر الأخوية، وتتشجر هذه القواسم المشتركة لتكون ثمرة يانعة يقطف نتاجها الجميع في كلا البلدين الشقيقين، وتستفيد منها كل دول المنطقة وشعوبها، لاسيما أن الواقع السعودي الإماراتي الراهن أصبح واجهة إعلامية بارزة يشار إليه بالبنان في ظل تقارب المسار السياسي وتوافق الخيار العسكري الحاصل على الأرض للتصدي لكل عوامل العبث الجاري والمكشوف في المنطقة. طفرة نوعية تشهد دولة الإمارات طفرة نوعية لافتة في مجال طباعة الكتاب ونشرها من جوانب مختلفة كالإنتاج والتوزيع وطريقة العرض ونوعية المنتج الثقافي المطروح، وما ساعد هذا البلد على هذا البروز في هذا المجال الانفتاح الذي تعيشه الإمارات في صناعة النشر والثقافة عربيًّا وعالميًّا، وخير شاهد على هذا القول إنها سبقت دول المنطقة في قيام أكثر من معرض للكتاب في هذا البلد كمعرض أبوظبي ومعرض الشارقة للكتاب. لا يستطيع المتابع للشأن الإماراتي في مجال نشر الكتاب أن يغفل أو يتغافل عما تقدمه الحكومة الإماراتية في هذا المشروع، سواء على مستوى كل إمارة على حدة، أو على مستوى الدولة ككل من دعم واضح لمشاريع طباعة الكتب ونشرها، علاوة على ما يقوم به المؤلف الإماراتي في هذا الشأن، وكذلك ما تبذله دور النشر الإماراتية في هذا المجال، ولا يخفى على الجميع تزايد أعداد دور النشر الإماراتية التي تقدم منتجها الثقافي والأدبي والإبداعي بجودة تقنية عالية المستوى، بالإضافة كونها وطنت جوائز الثقافة لديها كجائزة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – وجائزة البوكر في نسختها العربية، بالإضافة كذلك لما تقوم به أكاديمية الشعر من مجهود علمي ملموس في دعم التأليف والنشر. الإمارات.. تنوع التجارب الثقافية د. مستورة العرابي أكاديمية وناقدة سعودية، تقول: أبرز مدلولين لصناعة الثقافة هما سعة الاطلاع على المعارف واللغات والحضارات وتنوع التجارب، بالإضافة إلى امتلاك القدرة على التفكير بصفة جادة، مع توفر الاستعدادات الكاملة لبناء صناعة ثقافية متقدمة توفر احتمالات أبعد للمعايشة والبناء والانفتاح على ثقافة الآخر. ولا شك أن مفهوم صناعة الثقافة يندرج تحته الكتاب والنشر والطباعة والوسائط الإلكترونية والمنتجات الفوتوغرافية والسينمائية والمسرحية والموسيقية والحرفية والنحت والمعمار وكافة أنواع المعارف والفنون أو ما يمكن أن يطلق عليه «الاقتصاد الجديد»، وحين تتحول الثقافة إلى صناعة، فإنها بلا شك تسهم في بناء فكر الإنسان ووعيه، وتنعكس بالتالي على نهضة المكان وتنميته، وهذا ما جعل دولة الإمارات العربية المتحدة تقطع مراحل متقدمة في البناء، وتصبح جسرًا ممتدًا للتواصل بين الحضارات والحوار معها بروح التسامح والاعتدال والحياة. علاقة منسجمة تعد العلاقة بين المملكة والإمارات علاقة منسجمة تقوم على أسس الأخوة والجوار، والتقارب الثقافي والتاريخي، فقد سعت القيادتان إلى توثيق العلاقات وتعزيزها وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة مما ينم عن وعي عميق وإدراك ثاقب لمسيرة البلدين، ومن ذلك التقارب والتشابه في البنية والتفكير الثقافي والتطلعات الثقافية إذ نجد مثلاً مركز حمد الجاسر الثقافي في الرياض يقابله مركز جمعة الماجد في دبي، ودارة الملك عبد العزيز يقابلها مركز زايد للتراث والتاريخ، وجائزة الملك فيصل العالمية تقابلها جائزة الشيخ زايد للكتاب ولاشك أن هذه المشروعات وغيرها تحقق أهدافا عميقة بين البلدين، وها هي المشاريع الثقافية تستمر وتتجدد، فالإمارات بمجدها وحضارتها وعمقها التاريخي والثقافي تحل هذا العام ضيف شرف على معرض الرياض الدولي للكتاب 2018م. حضور ثقافي تبذل الإمارات جهودًا عملاقة فيما يتعلق بالكتاب والقراءة والنشر على مستوى المؤسسات والأفراد، وخلف هذه الحيوية رؤية علمية وعملية للعمل الثقافي من خلال التركيز على البعد التراثي والثقافي العميق، والاهتمام كذلك بالمجالات الحيوية كثقافة الأجيال الجديدة وثقافة الطفل، ونشاط دور النشر وتشجيع الموهوبين والمؤلفين والباحثين ونشر نتاجهم ودعمهم، بالإضافة إلى معارض الكتب كمعرض الشارقة وأبوظبي اللذين سجلا حضورا ثقافيا لافتا، وكذلك نشاط المشاريع الثقافية كبرنامج ثقافة بلا حدود، ومبادرة تحدي القراءة العربي، والاهتمام بالترجمات كمشروع كلمة للترجمة التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، الذي نقل إلى العربية عناوين كبرى في الآداب والفنون والأديان والتاريخ والعلوم والأساطير والحضارات، بخطى واثقة، وصناعة راقية للكتاب، ومهنية عالية في الترجمة.. وغيرها من المشاريع الثقافية التي جعلت الإمارات مركزًا للإشعاع الثقافي والفكري والتنويري على مستوى الوطن العربي. الإمارات.. حراك ثقافي متناغم فهيد العديم شاعر وكاتب سعودي يقول: في العقود الأخيرة على الأقل أصبح هناك حراك ثقافي هائل في الإمارات، يراه بوضوح حتى غير المهتم أو المراقب للحراك الثقافي حيث أصبحت الثقافة في الإمارات جزءا من حياة الناس وليس فعاليات موسمية أو دورية، والمُلفت أيضاً هو التناغم أو التكامل بين المؤسسات الأهلية والحكومية في تبني ودعم هذا الحراك الهائل، ولعل الجميل هو نباهة القائمين على هذه التوجه من خلال البدء من النقطة الأولى لصناعة جيل مثقف، أقصد من خلال القراءة، سواء من خلال ما تقوم به كل إمارة، أو المشروع الكبير والضخم المتمثل في (الإمارات تقرأ)، وربما لا يخفى على الجميع أن قادة الإمارات هم مثقفون عميقون وأدباء كما هم ساسة أفذاذ، والشعب منفتح على الجميع ومحب للقراءة. وتأتي العلاقة المشتركة بين البلدين من خلال المشترك الواحد المترابط بين دول شبه الجزيرة العربية حيث أنها منطقة مترابطة على المستوى الاجتماعي والثقافي، وحسب كثير من المصادر فإن التواصل الثقافي بين البلدين بدأ في أواخر القرن التاسع عشر، حيث درس كثير من علماء الإمارات في السعودية بذلك الزمن، أما في الوقت الحاضر فهناك تنسيق رسمي بين المؤسسات الثقافية ونظيرتها الإماراتية أسفر عنه عدد من المشاريع الثقافية كمؤتمر الفهرس العربي الموحد الذي نظمته مكتبة الملك عبد العزيز العامة وجامعة الإمارات، وهناك أيضاً التواصل غير الرسمي عبر أدباء ومثقفي البلدين. مبادرات حكومية عززت المبادرات الحكومية دور نشر الكتاب في الإمارات، سواء من خلال معارض الكتاب التي أصبحت من الأبرز على المستويين العربي والعالمي، أو من خلال المبادرات كمشروع (كلمة) الذي يهتم بترجمة العناوين العالمية إلى اللغة العربية، أو من خلال جائزة الشيخ زايد للكتاب التي تهتم بالكتب الفكرية، أو الجائزة العالمية للرواية العربية التي ساهمت في نقل الرواية العربية إلى الفضاء العالمي، وأيضاً مشروع قلم الذي يساهم في نشر الأدب الإماراتي، كل هذه المبادرات ساهمت في شكل كبير في نشر الكتاب. الإمارات.. إنتاج الثقافة محمد آل سعد كاتب سعودي: لقد كان لدولة الإمارات العربية المتحدة دور كبير في صناعة الثقافة من خلال امتلاكها لعدد من المدن الثقافية ومعارض الكتب الدولية والمؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية. وقد برز دورها في نشر الثقافة والعلوم، وقد كان لها جهود مميزة في إثراء الحركة الثقافية على مستوى العالم العربي، ما سيؤهلها لتصبح دولة منتجة للثقافة في المستقبل القريب، لأنها تتمتع بقيادة رشيدة تحث على القراءة، ونشر الثقافة عبر مبادرات وطنية عديدة ومتنوّعة. كما أبدعت في مجال تطوير عمليات نشر الكتاب، وبذلت جهوداً كبيرة في عملية دعم القراءة، وكذلك دعم مؤسسات النشر التي تتفاعل بشكل مباشر مع القارئ، وتشجع المؤلفين والناشرين من جهة أخرى، كل تلك التطورات كانت استلهاماً لأفكار المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وحكام الإمارات، من أجل إنتاج المعرفة والحفاظ على هوية البلد. وتتمتع المملكة والإمارات بعلاقات متينة وذات جذور ضاربة في عمق التاريخ، وذلك بفضل الروابط المتينة التي تربط القيادتين والشعبين في المملكة والإمارات، تلك الروابط التي تستند إلى عوامل مشتركة وجوانب ثقافية واجتماعية وتعليمية متقاربة ومتقاطعة، كما إن الروابط الثقافية بينهما تأخذ بعداً مشتركاً على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومستوى ثنائياً بين بعض المؤسسات في البلدين بالإضافة إلى المستوى غير الرسمي. وهذا ما جعل العلاقة الثقافية بين البلدين تتواصل بشكل رسمي بين المؤسسات الثقافية وبشكل خاص بين وزارتي الإعلام والثقافة في البلدين، ذلك التواصل بين تلك المؤسسات يؤدي دوراً تكاملياً، على نحو إيجابي، يحقق من خلاله أهدافاً كبيرة تخدم الثقافة في البلدين بشكل خاص وتخدم الثقافة في الوطن العربي بشكل عام. ومن جوانب التواصل الثقافي أيضاً بين البلدين إقامة المؤتمرات الثقافية ومعارض الكتب والمهرجانات الثقافية المتنوعة، كذلك التواصل الذي يتم بين مثقفي البلدين عبر اللقاءات المختلفة والهيئات والجوائز والتحكيم، كذلك المهرجانات السينمائية والمسرحية والفنية التي تقام في الإمارات والتي حقق فيها الفنانون السعوديون تميزاً مرموقاً جنباً إلى جنب مع أشقائهم الإماراتيين. وقياساً على تلك النتائج، ربما يحق لنا أن نعتبر الرياض وأبوظبي عاصمتين عربيتين للثقافة عبر العقدين الماضيين. النشر.. طفرة لافتة لقد كان للإمارات دور كبير في نشر الكتاب على مستوى الدولة وعلى مستوى العالم العربي، حيث شهد مجال النشر تطوراً كبيراً واتساعاً خلال السنوات الخمس الماضية، ودخلته عشرات دور النشر المحلية، التي قدمت الكتاب الإماراتي والعربي للقارئ بأحدث تقنيات الإخراج والعرض والتوزيع، «وشكّل هذا التطور طفرة لافتة، بعد أن ظل النشر المحلي متعثراً لعدة عقود». لقد أسست الإمارات لهذا المجال قواعد متينة تمثلت في تطوير البنية التحتية فيما يتعلق بالنشر، ووضع القوانين الضابطة للعمل، بالإضافة إلى وجود نخبة من الكتّاب، كل تلك العوامل مجتمعة ساهمت في عملية النشر وأثرتها، تلك العملية التي أصبحت مجالاً جاذباً، فقد أنشئ العديد من دور النشر، والمطابع، ما أسهم في عملية النشر جنباً إلى جنب مع وجود خريجين في مجال التصميم والبرمجة وصناعة النشر مما حوّل العملية برمتها إلى مجال استثماراتي واعد بعد أن تحول النشر في الإمارات وأصبح صناعة فتحت لها قنوات اتصال مع الجديد في مجال صناعة النشر، ومجال اهتمامات الأجيال الجديدة، «وهذه ميزة كبيرة تجعل ساحة الكتاب في الإمارات ساحة متطورة وواعدة جداً»، كما يراه بعض المثقفين الإماراتيين. لم تقف الإمارات عند هذا الحد بل تعدته إلى استقطاب المفكرين، وقوة التواجد على منصات التواصل الاجتماعي، وتعدد الثقافات، حيث تشارك دور النشر من مختلف دول العالم في معارض الكتب، كمعرضي الشارقة وأبوظبي. كما أن للدولة جهوداً كبيرة في تشجيع عملية النشر، فهي تقدم دعماً كبيراً للناشرين الإماراتيين مما شجع المهتمين بالنشر على دخول الميدان وبدء مشاريع نشرية رائدة. كما أن التقدم الكبير في مجال تقنيات المعلومات، سواء فيما يتعلق بالبرمجيات في مجال الكتابة والإخراج أو في مجال النشر والتوزيع، وفي مجال صناعة الكتاب عموماً، وكذلك في مجال النشر الإلكتروني، كل ذلك كان له أثر كبير على تطور صناعة النشر في دولة الإمارات وإقبال المستثمرين على الاستثمار في صناعة النشر. د عبد الرحمن العليان: السعودية.. عمود الخيمة الخليجية والعربية ينطلق واقع العلاقة الثقافية ما بين المملكة والإمارات من خلال ما عبر عنه صراحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث قال سموه «إن دولة الإمارات آمنت دائماً بأن المملكة العربية السعودية هي عمود الخيمة الخليجية والعربية، وأن أمنها واستقرارها من أمن واستقرار الإمارات، وغيرها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى». حيث إن الأمن الثقافي والأمن الفكري هما عنصران مهمان من عناصر هذا التميز في العلاقة واللحمة والهدف. التعاون الثقافي بين البلدين وصل لمراحل متقدمة من خلال التفاهمات بين الجهات الثقافية وتبادل الزيارات بين المثقفين والأدباء والشعراء والمشاركات الثقافية. وفي صيغة عملية، نحن اليوم نتحدث عن مشاركة أحبتنا في دولة الإمارات لإخوانهم في المملكة من خلال أن الإمارات هي ضيف شرف معرض الكتاب في الرياض. فأهلًا بأشقائنا وشركائنا في الدم والمصير واستشراف المستقبل. جائزة الشيخ زايد للكتاب ساهمت الإمارات في نشر الكتاب وبث تأثره خليجياً وعالمياً ويتضح ذلك من خلال مدى التأثير الذي يحدث حالياً لجائزة والدنا الشيخ زايد رحمه الله للكتاب، حيث أصبح هذا الحدث شعلة ثقافية على مستوى الخليج والوطن العربي، لتصبح الجائزة من أهم الجوائز على الإطلاق، مشجعة الأدباء والمثقفين والمبدعين والكتاب نحو الإبداع في جميع الفنون والمجالات، والتي ستعيد، بإذن الله، مجد حضارتنا التي نقل فيها الكتاب العلوم للحضارات والأمم الأخرى. الكتاب الإماراتي تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة طفرة نوعية لافتة في مجال طباعة الكتاب ونشرها من جوانب مختلفة كالإنتاج والتوزيع وطريقة العرض ونوعية المنتج الثقافي المطروح، وما ساعد هذا البلد على هذا البروز في هذا المجال الانفتاح الذي تعيشه الإمارات في صناعة النشر والثقافة عربيًّا وعالميًّا، وخير شاهد على هذا القول إنها سبقت دول المنطقة في قيام أكثر من معرض للكتاب في هذا البلد كمعرض أبوظبي ومعرض الشارقة للكتاب. لا يستطيع المتابع للشأن الإماراتي في مجال نشر الكتاب أن يغفل أو يتغافل عما تقدمه الحكومة الإماراتية في هذا المشروع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©