علي جناح التبريزي دلالات وظفت من أجل الإنسان

بالتعاون بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ومجلس دبي الثقافي، قدمت أمس الأول على خشبة المسرح الوطني بأبوظبي مسرحية ''علي جناح التبريزي'' من تأليف الكاتب المسرحي الفريد فرج، ومن إعداد الأديب الإماراتي محمد المر، وإخراج الفنان حسن رجب، وأداء نخبة من الممثلين من مختلف مسارح الدولة، كما ضمت أجيالاً مسرحية متنوعة من المخضرمين والشباب بحضور فنانين وأدباء وصحفيين وجمهور المسرح في أبوظبي· على مدار ساعة ونصف الساعة لعب 23 ممثلاً أدوارهم التي غطت كل شخوص المسرحية بإتقان واضح، فبرع حسن يوسف بدور ''علي جناح التبريزي''، وحميد فارس بدور ''قفة''، وإبراهيم سالم بدور ''صواب''، وعبدالله صالح بدور ''الملك''، وعادل إبراهيم بدور ''الخان''، وعلاء النعيمي بدور ''الشهبندر''، وأشواق بدور ''الجارية''، وأمل محمد بدور ''الأميرة''، ومنصور الفيلي بدور ''الوزير''· حكاية قديمة تحولت بفعل الكتابة المعاصرة بنكهة إماراتية إلى نص يمتلك دلالات متعددة وظفت من أجل الإنسان، حكاية ''علي جناح التبريزي'' ابن أحد تجار بغداد الذي يفقد ثروته وقصره ليرحل عنهما الى مدينة بعيدة يرافقه تابعه وخادمه ''قفة''، وهناك يرى الفقراء قد التحفوا الشوارع، وشاهبندر التجار والملك والوزير قد استحوذوا على كل شيء، وباختصار ولأنه لا يملك شيئاً فقد أخذ ما ادخره ''قفة'' ووزعه هبة على الفقراء، مدعياً بالتواطؤ مع خادمه أن قافلة كبيرة محملة بالبضائع يمتلكها التبريزي سوف تصل، وسيعم الخير على الجميع، وأنه ابن أمير حينذاك يستدين من شاهبندر التجار، ومن التجار الذين يعرضون عليه أموالهم طمعاً بما سيأتي، ويوزع كل ما حصل عليه منهم الى الفقراء· ويدخل في علاقة حب مع الأميرة ابنة الملك الذي طمع أن يزوجها لوزيره في البدء، ولكن ولجشعه يحاول أن يزوجها بعد إلحاحها الى التبريزي وتتزوجه فعلاً، ولكنه يكتشف أن لا قافلة في الطريق، وكل ذلك محض خيال اخترعه رجل آفاق غريب هو التبريزي بالتواطؤ مع خادمه ''قفة'' الذي يعترف للملك بكل شيء، وهنا تبدأ خيانة الصديق لصديقه، ويعلق التبريزي لكي يشنق إلا أن ''قفة'' يتأسف على موقفه فيأتي من جديد ليلبس قناع قائد القافلة الوهمية الآتية للمدينة فيطلق سراح التبريزي ويفر مع ''قفة'' والأميرة بعد أن كسب قلوب الناس الفقراء· سرقة واحتيال مشروع مادام يأخذ فيه المحتال ''التبريزي'' من مال الأغنياء ليوزعه على الفقراء، سبعة مشاهد بالتتابع لخصت قصة طويلة أصلها مأخوذ من ''ألف ليلة وليلة''، وهي: الأول مشهد بيت التبريزي عند مغادرته بغداد، وثانياً مشهد السوق في مدينة غريبة، وثالثاً مشهد جناح الأميرة، ورابعاً مشهد بلاط الملك حيث يختبر التبريزي في فحص الجواهر المقدمة إليه، وخامساً مشهد العرس في بيت التبريزي الجديد، وسادساً مشهد البلاط مرة أخرى عندما أخبر قفة الملك عن كذب التبريزي، وأخيراً مشهد السوق حيث محاولة صلب التبريزي· صاحبت العرض جوقة مكونة من 8 ممثلين هم: أحمد مال الله ومبارك خميس وعبدالله الباهيتي وعادل خميس وجمعة سالم والسادات احمد ويوسف الكعبي وناجي جمعة، وقد أدت جوقة شحاذي المدينة هذه دورها بجمالية وببراعة، حيث أنيطت بها مهمة تصوير حال أهل المدينة أولاً وسد فراغ زمني لم ينقطع حين تبديل ديكورات المشاهد السبعة وترميز الفعل الحكائي بالغناء حتى أنهم دخلوا في حوار مع الجمهور على الطريقة التغريبية البريختية، مما جعلهم يغلقون منافذ التوقف الزمني الذي لولاهم لانقطعت المسرحية زمنياً، إخراج برع به حسن رجب فاستحق إعجاب الجمهور الذي تابع النص بشغف واضح·