الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدين والعرق··· الحاضر في انتخابات أميركا

الدين والعرق··· الحاضر في انتخابات أميركا
28 ابريل 2008 02:33
ربما لم يكن من الممكن تفادي جنوح سباق الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي إلى مربع العرق والدين، فمع أن الانتصار الأخير لـ''هيلاري كلينتون'' على ''باراك أوباما'' في انتخابات ولاية ''بنسلفانيا'' كان نتيجة عوامل متعددة، إلا أن المثير للقلق فعلاً بالنسبة لـ''أوباما'' هو ما أشارت إليه النتائج النهائية من أن شعوراً متجذراً مناهضاً له كان السبب وراء فوز ''كلينتون'' بالطريقة التي شاهدناها في الجولة الأخيرة، ولعله من النتائج الجانبية التي لم تحظَ بالاهتمام الكافي أن 6 بالمائة من الناخبين الذين صوتوا على ''هيلاري'' قالوا إنهم سيعودون إلى المرشح الجمهوري ''ماكين'' في الخريف المقبل، وهو ما يدلل على أن الديمقراطيين في ''بنسلفانيا'' ليسوا في الحقيقية من مناصري ''هيلاري''، وإنما كانوا يصوتون ضد ''أوباما''، والسؤال الذي يُطرح اليوم هو ما الذي يقف وراء هذا الشعور المناهض لـ''أوباما''؟ وبصورة أوضح هل لعب العرق دوراً في ذلك؟ الحقيقة أن العرق كان حاضراً في اعتبارات الناخبين، لكن مدى قوة هذا الحضور هو ما يظل غائباً عنا في هذه اللحظة· من بين الناخبين البيض في ''بنسلفانيا'' أقر واحد من كل ستة بأن العرق كان حاضراً، بحيث صوّت ثلاثة أرباع من هؤلاء على ''هيلاري''، وفي المقابل يبدو أن الجنس كان عاملاً مساعداً بالنسبة لـ''هيلاري'' بعدما صوّت غالبية الرجال الذي اعترفوا بدور الجنس (رغم أنهم أقلية) لصالح ''هيلاري''، ومع أن نتائج الجولة الأخيرة في ''بنسلفانيا'' أشبعت بحثاً وتمحيصاً في وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت، إلا أن هناك دائماً خطرَ المبالغة في تقدير دور العرق في السباق الانتخابي، لاسيما أن ''هيلاري'' تغلبت أيضاً على ''أوباما'' في أوساط الرجال البيض الذين استبعدوا أي دور للعرق في تحديد ميولهم الانتخابية، لكن بما أن الانتخابات غالباً من تحسم من أطراف في الهامش وترجحها آراء المجموعات الثانوية، فلابد من إطلاق نقاش صريح وشفاف حول دور العرق في الانتخابات الحالية، أما ''الجمهوريون'' فهم يعرفون من جانبهم كيــف يلعبــون علــى المشاعــر المرتبطة بالعرق دون أن يثيروا الانتباه· ففي يوم الأربعاء الماضي، أطلق الحزب الجمهوري في ولاية ''كارولاينا الشمالية'' إعلاناً تلفزيونياً يُظهر قس ''أوباما'' السابق ''جيريمايا رايت'' وهو يعطي موعظته الشهيرة التي قال فيها: ''ليلعن الله أميركا''، وبالطبع كانت عبارة القس جارحة بكل المقاييس، لكن التظاهر بأن الإعلان الذي أطلقه الحزب الجمهوري وضمنه العبارة الجارحة لا يحمل في ثناياه نبرة عنصرية سيكون بمثابة هروب من الواقع، وعلى كل حال لماذا لم يركز الجمهوريون مثلاً في انتقادهم لـ''أوباما'' على إبراز ''نخبويته'' المزعومة، أو آرائه حول السياسة الخارجية الأميركية؟ لذا قد يكون نمط ثابت بصدد الترسخ في الانتخابات التمهيدية الحالية يقوم على العرق، فهل سيستطيع ''جون ماكين'' الاستفادة من الإعلانات المحمومة التي يطلقها مناصروه في الحزب، رغم إصراره على أنه لن يلجأ شخصياً إلى إطلاق تلك الإعلانات؟ لكن بعيداً عن العرق، هناك أيضاً الاعتبارات الدينية التي تلعب هي الأخرى دوراً في تحديد نتائج الانتخابات، أو على الأقل التأثير فيها، وخصوصاً فيما يتعلق بالجانب الكاثوليكي، فقد حصلت ''هيلاري'' على 72 بالمائة من أصوات الكاثوليك البيض في ''بنسلفانيا''، وهو أفضل بتسع نقاط مما حققته مع الناخبين البيض الآخرين، بل وأفضل بـ13 نقطة من الناخبين البروتستانت، بعض هذه الفروقات في نتائج الانتخابات يمكن إرجاعه إلى أن الناخبين الكاثوليك الذين صوّتوا لصالح ''هيلاري'' ينتمون إلى شريحة عمرية أكبر مقارنة مع باقي الناخبين، ومعروف أن كبار السن يشكلون القاعدة الأساسية لـ''هيلاري كلينتون''، أما في صفوف الناخبين الأقل من 45 عاماً، فإن الاختلافات بين الكاثوليك والبروتستانت البيض كانت ضئيلة وغير ذات أهمية· ومع ذلك كان واضحاً أن الكاثوليك الأكبر سناً متحفظون تجاه ''أوباما'' أكثر من غيرهم من البيض، وحتى قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات في ''بنسلفانيا'' كان أحد المسؤولين الكبار في حملة ''هيلاري'' يتحدث عن العمل المكثف الذي قامت به المرشحة الديمقراطية لاستمالة أصوات الكاثوليك في دلالة واضحة على الحساسية الدينية الحاضرة في الانتخابات، فقد أشار المسؤول إلى الحملة التي قامت بها ''هيلاري'' برفقة راهبات في مختلف أنحاء الولاية، وإلى الاجتماعات التي عقدتها مع رموز الطائفة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، وفي المقابل كانت حملة أوباما بطيئة في استقطاب الكاثوليك، وهو ما حدا بالمسؤولين في حملته الانتخابية إلى إعلان تشكيل ''مجلس استشاري'' يُعنى بقضايا الكاثوليك والذي يضم في صفوفه مجموعة من المسؤولين الكاثوليك في الإدارات الأميركية السابقة، وبما أن الكاثوليك يساندون تقليدياً الرئيس الفائز فإنهم سيلعبون دوراً كبيراً عندما يُصار إلى الناخبين الكبار للحسم بين ''هيلاري'' و''أوباما''، لكن في الأخير سيجد ''أوباما'' نفسه أمام تناقض سافر، أو على الأقل أمام مفارقة واضحة، فقد نجح في التخفيف من حدة النقاش العرقي من خلال إبراز نفسه كشخصية موحدة تنفر من المواجهة والخطابات النارية، والحال أن العديد من الناخبين الكاثوليك الذين ينتمون إلى طبقة العمال يرتابون من شخصيته الهادئة وخطابه المختلف، فهم يريدون -وفقاً لأحد الديمقراطيين- ''أن يشاهدوا معركة حامية وبعض القضايا الساخنة''· إي· جي· ديون محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©