الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحكامة» الدارفورية.. دور في الحرب وأدوار في السلام

«الحكامة» الدارفورية.. دور في الحرب وأدوار في السلام
6 يونيو 2009 00:53
الحكامة هي الشاعرة الشعبية في المجتمع السوداني والناطقة باسم الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عبر أشعارها الحماسية، التي توظف للدعوة للحرب أو المناداة بإحلال السلام. وبكلماتها المؤثرة استطاعت أن تكون جزءا من منظومة الحكم الأهلي في المجتمع الدارفوري بغرب السودان كما أنها لعبت دوراً في تشكل شخصية الرجل في الغرب مما جعله قريباً من ثقافة الحرب ونجدة المحتاج من أجل حماية مال وعرض وشرف القبيلة لأنها تستفز حماسهم ونخوتهم وتستنهض مشاعرهم لخوض الحروب، ولما للحكامة من أدوار هامة في المجتمع السوداني عامة ومجتمع دارفور خاصة حظيت بالكثير من الاهتمام من قبل المسؤولين والمثقفين والمبدعين والفنانين والنقاد. الحكامة مكون تراثي تقول أروى الربيع، الناقدة والموسيقية، إن الوظيفة الأساسية للحكامة في ثقافة غرب السودان هي المكون للتراث الشعبي الذي تكون نتاجا لمعتقدات ومفاهيم شكلت ذهنية شعبية للحكامة لدرجة ارتفعت إلى مستوى القانون في القبيلة وليس هذا فحسب بل تربط الحكامة لتبين الظواهر الثقافية وتكشف عنها، وتبين كيف يعمل المجتمع، ولماذا؟ وبهذا كونت مفاهيم لقوانين تحرك المجتمع وتواصل أروى حديثها عن الحكامة قائلة: «لا نستطيع إلا أن نقول إن دورها في الثقافة كبير وتقوم بالتعبئة من خلال مفردات مستنبطة من مفاهيم أصبحت راسخة تسهم في دفع الحياة بإنتاج المنظوم شعراً وغناءً حيث حفظت لها ذاكرة المجتمع العديد من الأغاني التي أخذت الطابع الشعبي في نشر ثقافة الحرب والسلام». وتصف الربيع غناء الحكامة بأنه وثيقة من الوثائق التي يمكن الرجوع إليها للتعرف على جميع أوجه الحياة فهي الحكامة عندما تمتدح شخصاً وتصفه بالشجاعة والفراسة والكرم، يمكن أن يعتلي مكانة في مجتمعه الكبير والصغير، وعندما تذم شخصاً وتصفه بالجبن والبخل يمكن بقوة هذا الهجاء أن يطرد من القبيلة، وهنا تكمن خطورة الدور الذي تلعبه خاصة أن لها مقدرة في إشعال الحرب بكلمات كبيرة مثال لذلك: بركب جلال الخيل الرسن مقايدا وقت الموت برز ما الدنيا زايلة وهي كلمات تدفع الفارس لمواجهة الموت بكل شجاعة. وتختم الناقدة الربيع حديثها بالقول إن مناطق السودان تتميز بالثقافات المتعددة، وكل ثقافة تعبّر عن بيئة معينة ومقومات حضارية محدودة، إلا أن أغاني النساء في السودان تتشابه فهي تغني للحماس ودفع الرجل للحرب والدفاع عن الشرف والقبيلة مع الحفاظ على خصوصية تناسب الأغنية. في مرتبة الأميرات يقول الإعلامي عبدالله خاطر، المثقف الدارفوي بتحالف المبدعين من أجل سلام دارفور، إن طبيعة الوجود الدارفوري قائم على نشاط هائل للمرأة وطبيعية التكوين الدارفوري الموروث فهي في وجدان المجتمع والأسرة، والرجل وهذا التأثير تم استخدامه في بعض البيئات المستقرة للمشاركة في الحكم عبر (الميارم) وهن في مرتبة الأميرات في المجتمع الدارفوري لأنهن من سلالة الأسر الحاكمة، أو الجدات اللائي يتميزن بالحكمة، حيث يقمن بأدوار مهمة في إدارة الحكم، كما تقوم المرأة في دارفور عبرالحكامة بالتحريض على فعل الخير وإرساء القيم النبيلة، النجدة التي تصل أحياناً إلى درجة الحرب، ويواصل خاطر حديثه قائلاً : دور الحكامة وبتطور النزاعات، ودخول الحكومة كطرف في النزاعات تطورت وصارت تحظى بالهدايا المادية والتحفيز المعنوي ما جعلها قبلة المثقفين لتوظيف دورها لصالح السلام، وتحالف المبدعين من أجل دارفور أتاح لها هذه الفرصة للعب دور في السلام. حل القضايا التقت «دنيا» بالحكامة هدى مشار من ولاية جنوب دارفور التي تؤكد أن لهن دورا فعالا في حسم الكثير من القضايا وأنهن جزء من مجلس الناظر والعمدة للفصل في قضايا النزاعات التي تحل (بالجودية) فضلا عن كونهن إحدى أساليب القضاء في الإدارة الأهلية المحلية. وتضيف أن الحكامة الأصل عندها السلام، وعندما تنادي بالحرب فهو من أجل نصرة المظلوم وإحقاق الحق، وفي هذا تقول: «أوصيكم الأخوان جملة كبار وصغار الحرب بطال حزن العوين ويتم الأطفال عندي رسالة للعمد والنظار القبيلة ما بتحل إشكال ويا المعارض تعال نعمر الأوطان». وهجت مشار قبل عشر سنوات بعض الشبان الذين فروا تاركين رجلا لقطاع الطرق نهبوا أمواله، واستطاع الفزع استردادها بعد مطاردة عنيفة مع قطاع الطرق فقالت: «بعير البطال إن شاء الله أمو ما جابتو يشبه من لبسة القبة الرجالة ما بخلص الناقة ولا يخلص القبة». وهي أيضاً دعت للسلام فقالت: «راقدة في الليل جنبي أخبار عمر البشير رأسو ملان أفكار جاب التعداد السكاني عشان نحفظ الأموال ونعلم الأطفال ونزرع أرضنا خصبة وبوار عندي رسالة للعمد والنظار القبلية ما بتحل إشكال تعال يا المعارض فعمر الأوطان»
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©