الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التحريض على العنف.. معصية عظيمة

التحريض على العنف.. معصية عظيمة
31 مارس 2017 15:17
أحمد مراد (القاهرة) وصف علماء دين التحريض على العنف بأنه آفة ممقوتة ومذمومة يحاربها الإسلام الحنيف، ويرفضها شكلاً وموضوعاً، ولا يقبل بها بأي حال من الأحوال. وأكدوا أن الإسلام كما يرفض ارتكاب العنف، فإنه يرفض أيضاً التحريض عليه، فلا فرق في الدين الحنيف بين من يمارس العنف أو من يحرض عليه، فالاثنان ارتكبا معصية وفاحشة عظيمة، ووعدهما الله تعالى بالعذاب الأليم. رفض قاطع شدد د. أحمد حسن غنيم، رئيس قسم الدعوة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، على رفض الإسلام لارتكاب العنف أو التحريض عليه، وجعل المحرض والمرتكب متساويان في الذنب والعقوبة. وقال: الإسلام ينبذ العنف والإرهاب والعدوان بكل أشكاله وصوره وأساليبه وآلياته، ولا يفرق بين التحريض على فعل العنف أو ارتكاب ذلك العنف، والمتأمل في تعاليم الإسلام يجد أنها تحث على الرفق والتسامح وتأمر بالعدل والإحسان، قال الله تعالى مخاطباً نبيه محمداً، صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقال: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، والأمر بالرفق والتسامح والعدل والإحسان حقيقة نابعة من جوهر الإسلام ومثله العليا، وسمة أساسية من العقيدة الإسلامية. وحول جزاء المحرضين على العنف، قال غنيم: في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر، مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً»، وفي هذا الحديث إجابة كافية على موقف الإسلام من المحرض على العنف، بمعنى أن كل داع إلى ضلال أو عنف فهو آثم، وجزاء المحرض على العنف في الإسلام كفاعله، لقوله، صلى الله عليه وسلم: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً»، وأيضاً قول الرسول، صلى الله عليه وسلم عن أول جريمة قتل بشرية وقعت وهي قتل قابيل لأخيه هابيل: «ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل»، لذلك فإن المحرض على العنف كفاعله انطلاقاً من هذا الحديث. دعوة الرحمة من جهته، أوضح د. محمد عبدالعاطي عباس، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، أن الإسلام يدعو إلى السلام والرحمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه: «إنما أنا رحمة مهداة»، والإسلام من اسمه يعني السلام، والتحية في الإسلام هي السلام، ولذلك فالإسلام لا يعرف العنف على الإطلاق خاصة إذا كان غير مبرر، فالله عز وجل قال عن الذين خالفونا في الدين: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، وقال سبحانه عن الأعداء: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»، وإذا كان هذا هو موقف الإسلام من العنف، فإنه يتخذ نفس الموقف من المحرض على العنف، فلا فرق بين من يمارس العنف أو من يحرض عليه، فالاثنان ارتكبا معصية وفاحشة عظيمة، ووعدهما الله تعالى بالعذاب العظيم. وقال عبدالعاطي: من يحرض على العنف فجزاؤه كالفاعل تماماً، والذي يحرض على القتل هو قاتل أيضاً، والرسول صلى الله عليه وسلم بين ذلك حين قال إن الذي يعين على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، فإنه يكون غريمه يوم القيامة يقتص منه، باعتباره قاتلاً. وأوضح أن المحرض على العنف يتبنى أفكاراً ويجد من يستمع إليه، ونستطيع أن نوقفه بأكثر من وسيلة، منها الوسائل الفكرية، والوسائل الأمنية، حيث لا نتركه يفعل ما يشاء، وأيضاً الوسائل الإعلامية بحيث نكشفه ونكذبه ونظهر إفكه وضلاله. شمولية الرفق قال د. أحمد حسن غنيم، رئيس قسم الدعوة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر: إذا نظرنا من الناحية التاريخية نجد أن نبذ الإسلام للعنف حقيقة انطلقت من رسالة الإسلام التي جاءت لتنظم شتى مجالات الحياة، فالإسلام يأمرنا بالتعامل مع الآخرين بالمودة والرحمة - سواء كان الآخرون أفراداً أو جماعات أو شعوباً - ولم يأمرنا في يوم من الأيام أن نعتدي على أحد إلا إذا اعتدى علينا، حيث يقول سبحانه وتعالى: (... فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، «سورة البقرة: الآية 194». وأضاف: والدعوة إلى الرفق في الإسلام تشمل علاقة المسلم بكل المخلوقات، حيوان، نبات، طير، نهر، بحر، جو، وكل شيء، وهذه حقائق ثابته لا ينكرها إلا جاحد، وإذا كانت هذه الحقيقة من المسلمات المستقرة في عقل كل مسلم ووجدانه، فإن التحريض على العنف يعد آفة يحاربها الإسلام، ويرفضها شكلاً وموضوعاً، ولا يقبل بها بأي حال من الأحوال. هلاك وفساد شدد د. أحمد خليفة شرقاوي، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، على أن التحريض على العنف أمر يمنعه الإسلام ويحرمه ويجرمه، ولا يصح أن يتأتى من إنسان أياً كان؛ لأن هذا الأمر فيه هلاك وإفساد لأخيه الإنسان، ومن ثم، فإن كل ما يؤدي إلى اختراق صون حقوق الإنسان أو يتعارض مع حفظه في نفسه وماله وعرضه فهو أمر ممنوع شرعاً، ويحاسب عليه حساباً كبيراً. وأشار إلى مكانة الرفق في الإسلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق ويرضاه ويعين عليه ما لا يعين على العنف»، كما أن الإسلام يرسم للنبي آلية استقطاب الناس وجذبهم واستيعابهم القائم على مبدأ الرحمة بهم والعفو عنهم والدعاء والاستغفار لمذنبيهم، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، «سورة آل عمران: الآية 159».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©