«ولدت وأدركت أنني لن أرى إلا الظلام، فقد شاءت إرادة الرحمن أن أكون كفيفا، ولكن هذا لم يمنعني من أكون متميزاً، فالأعمى هو أعمى البصيرة وليس أعمى البصر، نعم قررت تحدي إعاقتي، ولم يبخل عليّ والداي وأرسلاني إلى مدرسة داخلية متخصصة لمساعدتي على الدراسة، فلم تكن لدينا مؤسسة تختص بهم، تجرعت المر وذقت الويل، ولكنني آمنت بأن لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، تخرجت من الثانوية العامة بنسبة 84% لأن الدراسة كانت صعبة للغاية في مصر، قررت العودة إلى بلادي وأكملت نصف ديني، فرزقني الله بزوجة طموح، شجعتني على إكمال دراستي، فتغربت معي، وحرصت على راحتي، حتى أصبحت دكتورا، وبات لي منصب كبير، ورزقني الله بأبناء ها هم اليوم يكملون مسيرة أبيهم على نهج الصبر والحرص على العلم، وعدم الاستهانة بقدراتهم أبدا». تلك القصة ملخص لمحاضرة حضرتها خلال الفترة الماضية لأحد المكفوفين، حيث حاضر بنا وترك بصمة في كل من حضر محاضرته المؤثرة، خرجت منها وأنا أحمل دروسا كثيرة في جعبتي، جعلتني أتأمل واقع حالنا، فمن يرى التحديات التي يقدمها لنا أصحاب الهمم على طبق من ذهب تدفعنا لإعادة حساباتنا في كل عمل، ليتيقن الجميع من أنه لا شيء مستحيل أمام المرء مادام حدد أهدافه ورسم خططه من أجل الوصول إلى غايته، وذكرني كلام المحاضر بكلمات الكاتب روبرت رينجر الرائعة، عندما ذكر في كتابه «السعي إلى المركز الأول» عن تحدى الصعاب: «إن التميز هو الجهد اللاواعي العقلاني المبذول على قدر الإمكان للقيام بتلك الأشياء التي من شأنها أن تحقق أكبر قدر من السعادة، وأقل قدر من المعاناة والألم»، ودولة الإمارات العربية المتحدة هي إحدى تلك الدول التي ساهمت وبشكل كبير جداً في غرس بذرة المركز الأول في قلوب الجميع لتحرص الدولة الكريمة على إنبات هذه النبتة وجعلها شجرة مثمرة يانعة تؤمن أن لا مستحيل مع الأمل والإرادة.
مسك الختام: أدعوكم يا قرائي عبر هذا المنبر لأن تكونوا مبادرين إيجابيين، لتبدؤوا بتخطيط أهدافكم المستقبلية، ولتعلموا جميعاً أنه لا إعاقة مع الطموح والإرادة، فمعوقات البدن ومعوقات العمل والحياة لن تمنعكم أبداً من تحقيق التميز والنجاح في حياتكم العلمية والعملية.
عدد اليوم
