الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف نجعل العراق دولة قابلة للحياة؟

8 مايو 2016 21:57
يبدو أن احتلال الصدريين القصير الأمد للمنطقة الخضراء في بغداد الأسبوع الماضي قد ينجح في مساعدة رئيس الوزراء حيدر العبادي على تفعيل عملية الإصلاح المتوقف، ولكن ليس من المرجح أن تولّد تغييراً دائماً من دون دعم الولايات المتحدة، ومن المعروف أن إدارة أوباما كانت غير راغبة في توسيع تدخلها في العراق بحيث يتجاوز الدور العسكري الذي حددته وأكدته عليها؛ غير أن الأمر الذي يزداد وضوحاً على الدوام هو أن الاستقرار طويل الأمد في العراق لا يمكن تحقيقه من دون عملية إصلاح سياسي كبيرة- وأن مثل هذا الإصلاح سيكون من المستحيل أن ينجزه العراق بمفرده ومن دون معاونة من أحد. بالنسبة لواشنطن، تعتبر محاولات «مقتدى الصدر» لتأجيج السخط الشعبي لإجبار الحكومة على إجراء تغيير سياسي في بغداد، كانت إلهاءً محبطاً عن المهمة الخاصة بتحرير الموصل من قبضة «داعش». خلال زيارته للرياض الشهر الماضي حذر أوباما «أن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لتعطل الدولاب الحكومي في العراق». يمكن الجدل مع ذلك، أن الاضطرابات التي حدثت في بغداد تمثل فرصة لتصحيح نظام سياسي يعتبر اختلاله الوظيفي سبباً رئيسياً من أسباب العنف وعدم الاستقرار المستمرين في العراق. من المعروف أن النظام السياسي للعراق قد فشل تماماً في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين على الرغم من حصده لمئات المليارات من الدولار في صورة عائدات نفطية خلال الثلاثة عشر عاماً الأخيرة. في الوقت نفسه يعاني العراق من أزمة مالية كاسحة سببها انخفاض أسعار النفط، وتكلفة الحرب ضد «داعش»، والأكلاف التي ستترتب على توفير احتياجات ما يقرب من 3.4 مليون دولار من الناس المزاحين داخلياً، على رغم أن المعلقين يفصلون بشكل عام بين السخط العام الأوسع نطاقاً الذي يقف وراء الاحتجاجات على عدم الكفاءة السياسية في بغداد وبين المظالم المتعلقة بالسُّنة تحديداً التي ساعدت في المقام الأول على تأجيج هياج «داعش»، فإن الخطوط الفاصلة بين الاثنين ليست محددة بدقة، ففي الواقع أن الغضب السني من التمييز الذي يمارس ضد طائفتهم يفاقم منه الجهاز الإداري العراقي الفاسد والفاشل وظيفياً. وهناك احتمال أن عدم الكفاءة والفساد يلعبان دوراً في ذلك، ومن هنا رفع الكفاءة المهنية للبيروقراطية العراقية يعد جزءاً مهماً من معالجة عدم ثقة السنة في الحكومة المركزية وخوفهم منها. وحتى إذا تمت هزيمة تنظيم «داعش»، فإن الاستقرار في العراق لن يتحقق ما لم تكن هناك حكومة قوية وشرعية لديها القدرة على الإمساك بزمام القيادة في عملية نزع سليم لـ80 ألف فرد من أفراد المليشيات التي ساعدت الجيش العراقي النظامي في قتاله ضد التنظيم. على الرغم من أن العديد من تلك المليشيات قد تنزع سلاحها بنفسها بمجرد ما أن يتراجع تهديد داعش فإن بعض المليشيات الأكثر تطرفاً والأكثر تنظيماً والمدعومة من قبل الدولة الإيرانية بما في ذلك كتائب «حزب الله» و«عصائب أهل الحق» ستظل على الأرجح تمثل تهديداً. في مرحلة معينة ستجد الدولة العراقية نفسها مضطرة لمواجهة هذه الجماعات إذا ما كانت تريد إثبات سيطرتهم على استخدام العنف في البلاد. ولكن المشكلة أن الحكومة العراقية لن تكون في وضع يسمح لها بمواجهة هذه المجموعات المسلحة إذا ظلت قطاعات واسعة من الشعب العراقي فاقدة للثقة بها. قدرة الدولة العراقية على الحياة في المدى الطويل ستتوقف هي الأخرى على قدرة تلك الحكومة على تنفيذ خطة الإصلاح اقتصادي جادة مصممة للتكيف مع عهد جديد من أسعار النفط المنخفضة. يشار إلى أن الحكومة العراقية من بيع النفط الآن نصف احتياجاتها اللازمة لدفع الرواتب والمعاشات كل شهر، وأن الاتفاق الطارئ الذي يتفاوض العراق بشأنه مع صندوق النقد يتوقع أن ينفق العراق القروض التي سيحصل عليها من الصندوق بموجبه على الرواتب بدلاً من استثماره في تنشيط نمو القطاعات غير النفطية في اقتصاد البلاد. يشار إلى أن الحكومة العراقية غير قادرة في الوقت الراهن على تخفيض الأجور والرواتب أو تخفيض عدد وظائف القطاع العام من دون أن تخاطر باحتمال تعرضها للإطاحة. فقط حكومة ذات دعم شعبي قوية وشرعية هي التي ستكون في وضع يسمح لها بمواصلة الإصلاحات المطلوبة لوضع الدولة على مسار اقتصادي ثابت وراسخ. العبادي يعرف كل ذلك وقد حاول مرات لا تحصى دفع الإصلاحات قدماً عبر برلمان عنيد فلم يتمكن، وذلك لافتقاره لرأس المال السياسي القادر على بناء التحالفات التي يحتاج إليها حتى ينجح. *زميلة بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع لمجلس الأطلسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©