السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
5 يونيو 2009 00:43
الذكرى دائمة العذوبة.. معها يتحول كل ما يغور عميقاً في جوف العمر إلى مبعث للمتعة. تُرى لماذا يستحيل عذباً كلُّ ما يرتقي إلى مصاف التذكار؟ ولماذا يغوينا الماضي المرتحل بالمزيد من الرحيل نحو معالمه المندثرة؟ نتذكر الخصومات فتصير الروابط أمتن، نتذكر الهجر فتتوثق صلاتنا بالمحبين، نتذكر التعب والألم فتصفو لنا الحياة، ونسمو فوق أفراح الأيام وأتراحها. تبدو الذكرى كما لو أَّنها عالم افتراضي موازٍ لعالمنا الحقيقي، يحضر في هذا ما يغيب عن ذاك، ويمدنا الواحد بما يضن به الثاني، لطالما هربنا نحوها من صلادة الواقع ففتحت لنا ذراعيها الحانيتين، ومسحت عن جباهنا غبار السفر المضني، وأجلستنا في حضنها الرحب تقص علينا حكايا من أمسنا الحميم، حينها لا يعود أمامنا سوى أن نغفو هانئين فوق صدرها الرؤوم، ترتسم على ملامحنا براءة الأطفال في أبهى صورها الممكنة، واحتمالاتها المتوقعة. غالباً ما تحالفنا مع الذكرى في مواجهة قسوة الحاضر وغموض الآتي، ودائماً كانت تداري خوفنا الأبدي بحكمة لا يمتلكها غيرها، وتمنحنا من الثقة والتفاؤل ما يعيننا على عبور سراديب الزمن الفاصل بين اليوم والغد، أمدتنا بالعبر والحكم كأيقونات تعيننا على احتمال وحشة المسير ورهبة المصير، وكنَّا ننجح دوماً، بفضلها، في امتلاك الثقة بأنَّ القادم قد لا يكون أفضل من الماضي، لكنَّ ليس ثمة ما يحتم بالمقابل أن يكون أسوأ منه. ويمضي العمر.. وتصير اللحظة الراهنة ماضياً يقيم في معابر الغياب، وتؤول هواجس اليوم إلى أناشيد سفر تضيء أمامنا ظلمة الدرب يوم يزف موعد الرحيل، ويصير العمر مجرد ذكرى تضج بالعذوبة. وليد الأسمر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©