الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيارات ..تخضع لعمليات تجميلية يجريها شباب مغامر

سيارات ..تخضع لعمليات تجميلية يجريها شباب مغامر
5 يونيو 2009 00:25
لا شك في أنَّ مرحلة الشباب، بما فيها من مشاعر وتقلبات نفسية متداخلة، تدفع الكثير من أبنائها إلى اللجوء لأساليب مختلفة ومتباينة للتعبير عن الذات، والظهور بشكل متميز في المحيط الذي يعيشون فيه بين الأهل والأقران، وقد يقتصر هذا على مجرد الانسياق وراء «التقليعات» الغربية في الملابس أو في تسريحات الشعر، ولكن أن يمتد ذلك إلى وضع لمسات غربية على سياراتهم وإجراء تعديلات عليها، تصل تكلفتها أحياناً إلى مئات الآلاف من الدراهم، فهذا ما يعده البعض ضرباً من الجنون، أما البعض الآخر فيرى أنَّ ذلك حق طبيعي لهم، ما لم يكن لهذه التعديلات أي أثر سلبي على عوامل الأمن والسلامة في السيارة، بالشكل الذي يجعل قيادة السيارات المعدلة مغامرة غير مأمونة العواقب بالنسبة لأرواح هؤلاءالشباب. التقينا واحداً ممن أجروا تعديلات على سياراتهم الخاصة، ليحدثنا عن عالم السيارات المعدلة، ودوافع الشباب من وراء ذلك، وكذلك رأي الأهل في هذه الهواية الغربية. استهل خالد مطر الحمادي حديثه إلى «دنيا الاتحاد» قائلاً، إنه بدأ هذه الهواية منذ عامين تقريباً، حيث أجرى تعديلات على سيارته «اللاندكروزر»، فقام بعمل إضافات على المحرك من أجل تقوية السيارة بشكل يزيد عن حالة الوكالة، ولم يهتم كثيراً بإجراء تعديلات على الشكل الخارجي لها، مكتفياً بوضع استيكرز لإعطائها فقط شكلاً مميزاً. تكلفة عالية أوضح الحمادى، أنَّه فعل ذلك بدافع حب المغامرة والمخاطرة؛ لأن هذه الأضافات زادت كثيراً من سرعة السيارة، وبالتالي هي تساعده على المشاركة في سباقات السيارات المختلفة، التي تجرى سواء في الإمارات أو خارجها، مشيراً إلى أنَّ هذه التعديلات مكلفة جداً، خاصة إذا ما تعلق الأمر بتعديل الماكينات، حيث إنَّ سيارته المعدلة كلفته ما يقرب من 42 ألف درهم، وهو ما يوازي ثمن سيارة أخرى من السيارات المتوسطة. كما أنَّ هذه التكلفة قد تصل في بعض السيارات إلى 280 ألف درهم، وهو ما فعله أحد زملائه من عشاق السيارات القوية الذي تكبد هذا المبلغ، وهو رقم خيالي بكل المقاييس، من أجل إجراء إضافات على سيارة الدفع الرباعي الخاصة به. وفي السياق ذاته لفت الحمادي إلى أن إجراء تعديلات على الشكل الخارجي الذي يمس هيكل السيارات لا يكلف كثيراً، بعكس ما يعتقد الكثيرون، حيث لا يزيد عن بضعة آلاف إذا ما أراد الشخص وضع أي من الدعامات أو تغيير في مظهر السيارة الخارجي، بعكس الحال إذا ما أراد أن يضيف إلى الماكينة، هنا فقط تصبح التكايف باهظة. ضمن القانون عن مدى قانونية هذه التعديلات، يوضح الحمادي أن ذلك ليس فيه أي مخالفة لقوانين المرور، طالما يتم استخدام السيارة داخل حلبات السباق فقط، حيث لا يجوز لصاحبها أن يستخدمها في الشوارع العادية. وعن رأي الأهل في ذلك، يضحك الحمادى قائلاً، إنَّه من الطبيعي أن يعارض الأهل ذلك، وأن يعملوا على توجيه اللوم له ولكل من أصدقائه الذين يفعلون مثل هذه الأشياء في سياراتهم. ومع ذلك، فإن متعة قيادة السيارة المعدلة تجعله يتغاضى عن هذا اللوم، بحسب ما يقول، وتدفعه لمحاولة إقناع الأهل، بأنَّ قيادة هذا النوع من السيارات يعد مغامرة آمنة؛ لأن تلك التعديلات لا تخلُّ أبداً بشروط الأمن والسلامة في السيارة، فضلاً عن المتعة والسعادة غير العادية التي يشعرها كل من يمارس قيادة هذا النوع من السيارات. عن أكثر الورش التي تقوم بذلك، يوضح محدثنا أنَّها موجودة في دبي بصورة أساسية، حيث يتوافر عدد من الورش المتخصصة في إجراء مثل هذا النوع من التعديلات، وهي في الغالب عبارة عن تغييرات طفيفة في محرك السيارة، لتنشيط قوة الماكينة وليست في المكونات الرئيسية للموتور. بمعنى أن هناك سيارات قوتها 4500 CC، من الممكن أن ترفع قوتها إلى 5000 أو 6000 CC، وهذا في النهاية يكون في إطار من الأمن والسلامة لقائد السيارة. ورغم كل ما أشار إليه خالد الحمادي من متعة قيادة السيارات المعدلة، إلا أنَّه ينصح أقرانه الشباب، بعدم المبالغة في عمل التعديلات على سياراتهم؛ لأن ذلك قد يؤثر على حياتهم وأرواحهم، ذلك أنَّ القوة المفرطة للسيارة قد تغري قائدها بالسرعة الزائدة، التي قد تصل إلى حد التهور أحياناً، وهنا يكمن الخطر. آراء الجمهور كما التقت «دنيا الاتحاد» بعضاً من الجمهور، الذين أظهروا آراء متباينة تجاه هذا السلوك الذي ينتهجه كثير من الشباب، وتلك «التقليعات» الغريبة التي نراها أحياناً على سياراتهم. يرى حمدان السعدي أنَّ هذه التعديلات لها ما يبررها في أغلب الأحوال، نظراً لأن السيارات الحديثة لم تعد في متانة الموديلات القديمة في السيارات، ولأنَّ مصانع السيارات العالمية لم تعد تتجه إلى انتاج سيارات قوية تظل بحوزة صاحبها عشرات السنين، بل صارت مكونات السيارات الحديثة ضعيفة للغاية، وهو ما نلحظه بفعل تحطم كثير من السيارات بالكامل عند حوادث ربما كانت عادية، ولكنها تصير كارثية بسبب ضعف هذه السيارات. ولذلك لا مانع من تقوية هذه السيارات بإضافة بعض قطع الغيار التي تزيد متانتها، وبالتالي تزيد من عنصر الأمان، وليس العكس كما يرى البعض، أما التعديلات على الشكل الخارجي، فهي حرية شخصية طالما أنَّها لا تعارض قوانين المرور، ولا تتنافى مع الذوق العام. سلمان حميدي يشارك السعدي في الرأي، قائلاً، إنَّه لا يعارض قيام الشباب بعمل تغييرات وإضافات على سياراتهم، بغرض تقويتها، خاصة أن هذه السيارات لا تستخدم سوى داخل حلبات السباق، وهي في الغالب لا تمس الأجزاء الرئيسية في المحركات، بل أشياء أخرى مثل أجهزة حفظ السيارة من الحرارة «الرادياتير»، وتلك الإضافات تطيل عمر السيارة، ولا تمس بشكل أو بآخر عناصر الأمان والسلامة فيها. على الجانب الآخر رفضت هانية عبد الله كل ما يتعلق بهذه التعديلات، مشيرة إلى أنَّ روح المغامرة وحب الظهور والتميز لهما دور أساسي في إقبال كثير من الشباب على هذه الظاهرة، فضلاً عن أن السيارة عند خروجها من خط الإنتاج من البلد المصدر، اجتازت عدداً من اختبارات الأمان والسلامة، وعندما يعبث بها حرفي لا يعلم الكثير عن هندسة السيارات، ولا بالأساليب التي تكفل لها التوازن على الطريق، فإنَّ المسألة تكون غير مقبولة من الأساس، لا سيما أن تلك التعديلات عالية التكلفة. ويجب أن يتم إنفاق المال في ما يفيد، وليس في أمور قد تسبب الخطورة على من يقود السيارة، وتترك آثاراً ضارة على المحيطين به، كما يجب وضع الورش التي تتم فيها تلك التغييرات، تحت رقابة على أعلى مستوى، حتى لا تتأثر معايير السلامة والأمان في السيارة. كذلك يعبر راشد الرميثي عن رفضه لهذه الظاهرة، لافتاً إلى أنَّ الشباب يعمدون إلى إدخال هذه التعديلات على سياراتهم، بغرض الحصول على سرعة أكبر مما قد يعرضهم للحوادث والإصابات، ومنفليس هناك، حسب رأيه، من مبرر قوي يدفعهم لذلك، خاصة أن ديننا أوصانا بأن لا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة تحت دعاوى حب المخاطرة، والشعور بالإثارة عند الاتيان بكل جديد، غير أن الرميثي يوضح أيضاً، أنه مع هذه التعديلات في حالات محدودة جداً، أي بغرض تقوية مكابح السيارة، وجعلها أقوى، بمعنى آخر إذا كانت هذه التعديلات تستهدف زيادة عنصر الأمان والسلامة في السيارة. عادات دخيلة الاختصاصي النفسي الدكتور خالد الشيخلي، يوضح أنَّ ظاهرة إجراء التعديلات الكثيرة على سيارات الشباب أصبحت تلفت الانتباه هذه الأيام، وتزعج الآخرين، وتؤثر سلباً على الذوق العام، وتحرم كثيرين من الهدوءِ. ويرى الشيخلي أنَّ هذه التصرفات تعتبر في المجمل تصرفات شبابية «طائشة»، وغير مسؤولة، وتتنافى مع احترام الذوق العام؛ لأنَّ جمال شوارعنا وهُدَوءَها مسؤولية الجميع، فعلينا جميعاً المحافظة عليها دون حرمان الآخرين من متعة الحياة والشعور بالهدوء. بعيداً عن تصرفات لا تليقَ بمجتمعنا الإسلامي الذي يحترم الإنسان والآخرين، ويهتمُ بالذوق الرفيع. ولو تعمقنا أكثر فأكثر في شخصيات هؤلاء الشباب الذين يقومون بإجراء هذه التعديلات على سياراتهم نجد أنَّ غالبيتهم يعانون من بعض الاضطرابات السلوكية، وهذه الاضطرابات تنعكسُ على تصرفاتهم وتشعُرُهم بنقصٍ أو خللٍ في شخصياتهم، وهذا ما يترجم من خلال هذه التصرفات غير المسؤولة إذ تحاول الغالبية منهم من سد هذا النقص، ولتحقيق ذلك تصدر منهم هذه السلوكات المنافية لأخلاقنا وقيمنا الإسلامية التي تنأى عن الإساءة للآخرين، أو إزعاجهم بهذه التصرفات غير الحضارية من جهة. ومن جهة أخرى هم عبارة عن شباب مقلدين لبعض القيم والسلوكات الدخيلة على مجتمعنا العربي الإسلامي، وهذه الأفكار ما هي إلا تصورات تحاولُ أن تنخَرَ عقول أبنائنا، وتصور لهم بأن هذه التصرفات تتماشى مع الواقع وعليه يُقَدمَ الشباب «الطائش» على تبني هذا السلوك.. بدون وعي أو إدراك، فضلاً عن أن هذه التصرفات تنم عن سلوكات عدوانية تجاه الآخرين، وهذه سمة من سمات الشخصية «العدوانية» التي تحاول أن تنتقم من الآخرين بهذه التصرفات، إذ إن العدوانية ليس باستخدامِ الكلمات النابيةِ أو إيذاء المشاعر واستخدام اليدين.... إلخ. وإنما العدوانية تستخدم وسائل أخرى بإيذاء الآخرين.. عندما تصدر من سياراتهم هذه الأصوات العالية، وتنبعث من عوادم سياراتهم الغازات التي تؤثر بشكل كبير على تلوث البيئة، وعلى الصحة العامة. إذن هذه صور من صور العدوانية التي يمتلكها هؤلاء الشباب تُجاهَ المجتمع. ويرى الشيخلي أنَّه يجدر بأصحاب القرار أن يتخذوا شتى الوسائل الرادعة للحد من هذه الظاهرة والسلوكيات، التي لا تليقُ بحضارة المجتمع و قيمهِ. كما يجب على السلطات التنفيذية اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يشجع هؤلاء الشباب في تنفيذ وتصنيع مثل هذه التعديلات، وأن يصار إلى مراقبة محالهم، ويعاقب الذين يقومون بعملية التصنيع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©