الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان.. الآثار النفسية للعنف

23 فبراير 2015 02:42
بعد هجوم على المدرسة العسكرية العامة في بيشاور في ديسمبر الماضي ذهب فريق من المتطوعين من الأطباء النفسيين إلى المدرسة لتقديم العلاج النفسي للناجين، ومعظمهم من الطلاب. وكشفت عملية التقييم التي استمرت أربعة أيام عن صور معقدة للضرر النفسي الذي قد يلاحق الطلاب ربما حتى نهاية حياتهم، بالإضافة إلى ما لحق بالآباء والمدرسين، وأفراد الشرطة والجيش الذين كانوا في موقع الهجوم من ضرر نفسي. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 10? من الباكستانيين يعانون من مرض نفسي أو آخر. وسينضم الناجون من الهجوم إلى هذه الفئة. وكثير من الباكستانيين تظهر عليهم ملامح الصدمة من العنف الذي يمسك بتلابيب البلاد. هذا بالإضافة إلى توترات الحياة عميقة الجذور، مثل الظروف الأسرية الصعبة والفقر والضغوط اليومية المتمثلة في عدم توافر المياه والكهرباء بانتظام. وفي بلد يقطنه 180 مليون نسمة لا يوجد إلا 340 طبيباً نفسياً يعملون بمعدل طبيب واحد لكل 333 ألف شخص. ولا يحصل على الرعاية النفسية الحديثة إلا المحظوظون. والمجتمع الباكستاني لا يتفهم كثيراً الأمراض العقلية التي يرى أن الحديث عنها علنا أمر مخزٍ. ويعتقد كثير من الباكستانيين أن الاضطرابات العقلية سببها قوى خرافية مثل احتلال أرواح شريرة للجسد. وبعض المرضى يذهبون إلى أشخاص يدعون القدرة على طرد الأرواح الشريرة أو إلى آخرين يحصلون منهم على أعشاب، أو إلى أشخاص يدعون القدرة على العلاج بالقرآن الكريم. وإذا لم يجد هذا نفعاً يذهب المرضى إلى أطباء عاديين، وإذا فشل هؤلاء في علاجهم قد يذهبون أخيراً إلى الأطباء النفسيين. وأشارت الطبيبة النفسية روبينا كيدواي إلى أن المرضى لا يتوجهون للطبيب النفسي إلا في مرحلة متأخرة من المرض. وبسبب أعمال العنف في السنوات القليلة الماضية، أصبحت الحاجة إلى رعاية الصحة العقلية أكثر إلحاحاً. وفي المناطق القبلية التي تضربها من وقت لآخر الطائرات الأميركية من دون طيار فتفجر المباني فجأة وتقتل أبرياء، إلى جانب المستهدفين، يعاني الباكستانيون الذين يعيشون هناك من الكآبة والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة النفسية. وقد أدى الشعور بعدم الأمن الناتج عن الفرار من القتال في منطقة وزيرستان الشمالية إلى إصابة آلاف الأشخاص بالاكتئاب. وحققت باكستان بعض التقدم منذ استقلالها عام 1947 عندما لم يكن لديها إلا ثلاثة مستشفيات للصحة العقلية. وبحلول عام 2005، أصبح في البلاد 20 قسماً للعلاج النفسي في 20 كلية للطب. والفضل الأكبر في تحقيق هذه المكاسب يرجع إلى «الجمعية الباكستانية للصحة العقلية»، وهي منظمة غير حكومية أسسها «إس. هارون أحمد»، الطبيب النفسي البارز المقيم في كراتشي. وركزت الجمعية على مدى عشرين عاماً على تعزيز الوعي حول المرض العقلي خاصة وسط الفقراء. وحالياً تقيم الجمعية معسكرات لتعزيز الوضع في المناطق الفقيرة وأحياء الطبقة العمالية في كراتشي، يتعلم المشاركون فيها أعراض المرض العقلي وكيفية الحصول على استشارة من عيادات الطب النفسي. وبيدو أن هذه المساعي أتت أُكلها. وتشير الطبيبة النفسية كيدواي التي تعمل في المعسكرات إلى أن عدد الأفراد الذين يرشدون بعضهم بعضاً يتزايد، خاصة بين الجماعات أصحاب الدخول المنخفضة. وأضافت كيدواي: «بمجرد حصول شخص ما على علاج فإنه يأتي بشخص آخر من منطقته الفقيرة.. وهم لا يشعرون بخجل من إخبار الآخرين عما حصلوا عليه من مساعدة»، بينما المرضى الأثرياء أكثر تردداً في الإفصاح عن حصولهم على علاج. وتعلم جماعة الطب النفسي أن باكستان بحاجة إلى إصلاح قوانينها الخاصة بالصحة العقلية قبل أن تغير بالفعل الاتجاهات السلبية عن المرض العقلي. ووضع الدكتور أحمد والأعضاء الآخرون في الجمعية مسودة لقانون عن الصحة العقلية في باكستان ليحل محل قانون «الاختلال العقلي»، الذي يعود لعهد الاحتلال البريطاني. وأُقرت المسودة عام 2001. والقانون الجديد يعرف الصحة العقلية بمعايير حديثة، ويقلص عدد الأيام التي يحتجز فيها المريض عقلياً. والقانون ليس مثالياً لكنه يعد تحسناً. وأدخلت الجمعية تعديلات على النص الأصلي في سبتمبر عام 2013. وأصبح الأشخاص الذين يحاولون الانتحار، وهو ما يعد جريمة في باكستان من حقهم حالياً العرض على طبيب نفسي قبل توجيه الاتهامات إليهم قضائياً. وفي إقليم البنجاب هناك مشروع قانون يسمح للمتهمين بالهرطقة بفحص صحتهم العقلية. *اختصاصي نفسي باكستاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©