الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الهيدروكربونيك» .. مضار كيميائية أم تكهنات لا تستند إلى علم

«الهيدروكربونيك» .. مضار كيميائية أم تكهنات لا تستند إلى علم
23 فبراير 2013 09:32
في ردة جماعية إلى نظام الزراعة المائية، يحجم مزارعون عن اتباع نظام الزراعة المائية “الهيدروكربونيك”، بحجة كلفة الطاقة الكهربائية العالية، إضافة إلى تحذيرات “لا تستند إلى دراسات علمية” من مضار المواد الكيميائية المستخدمة في هذا النوع من الزراعة. بيد أن خبراء وجهات معنية بتطوير الزراعة يؤكدون سلامة المنتجات الزراعية المنتجة من دون تربة، ويسوقون مزايا عديدة لهذا النوع من الزراعة، فضلاً عن تطوير نظام “الأكوابونيك”، وهو نظام مختلط لإنتاج أسماك ومحاصيل نباتية. محسن البوشي (العين) - تشجع الجهات المعنية بالزراعة في الدولة، المزارعين على التحول إلى الزراعة المائية “الهيدروكربونيك”، لما لها من مزايا وحسنات مستقبلية، لعل أبرزها توفير استهلاك المياه، في حين أعرب عدد من المزارعين الذين حولوا مزارعهم من الزراعة التقليدية إلى الزراعة المائية عن استيائهم من الفكرة التي وصفوها بأنها أشبه ما تكون بـ”الحمل خارج الرحم” التي ابتكرها العلم الحديث، على الرغم من أنها توفر نحو 70% من إجمالي الماء المستهلك في الزراعة التقليدية. وأبدى المزارعون تخوفهم من الاعتماد على المركبات الكيميائية لتعويض النبات العناصر العضوية الضرورية للنمو، مطالبين بمزيد من الدراسات حول فوائد الزراعة المائية ومضارها. إلا أن خبراء ومسؤولين أكدوا أهمية تشجيع المزارعين على اتباع نظام الزراعة المائية، وتوفير الدعم اللازم لهم لإدخالها في مزارعهم لما لها من إيجابيات عديدة، تسهم في مواجهة تحديات البيئة الصحراوية، خاصة ملوحة التربة وشح المياه. واتفقوا على أن نظام الزراعة المائية يتناسب كثيراً مع الظروف البيئية للدولة، خصوصاً في موسم الشتاء، حيث تكون الظروف مواتية بشكل كبير، لإنتاج نباتات ومحاصيل زراعية عضوية عالية الجودة وبأقل تكلفة، مؤكدين أن فرص وجود متبقيات للأسمدة الكيميائية في منتجات الزراعة المائية، أقل منها كثيراً بالمقارنة بمنتجات الزراعة التقليدية، على من وجود آراء معارضة لهذا النظام من الزراعة. فائدة واحدة وقال محمد جمعة، أحد المزارعين، إن الزراعة المائية تتضمن فائدة واحدة فقط، وهي خفض معدل استهلاك الماء في ري المحاصيل ولكن في الوقت نفسه، تستهلك الزراعة المائية طاقة كبيرة نظراً لحاجة التقنية إلى تسليط كميات أكبر من الإنارة على النبتة، ما يجعل الزراعة تستهلك كمية طاقة كهربائية مضاعفة على الزراعة العادية. وأبدى محمد جمعة رغبته في التراجع عن خيار الزراعة المائية، حيث إنها تعتمد على تعويض العناصر الموجودة في التربة بطبيعتها بعناصر أخرى غير طبيعية مثل المركبات والعناصر الكيميائية من خلال حقنها في الأنابيب التي تزرع فيها النبتة. وأشار إلى أنه بعد تجربة الزراعة المائية، وجد أنها عبارة عن إضافة مركبات ومكملات غذائية للنباتات حتى تستطيع تعويض بيئتها الطبيعية، ما قد ينعكس بالسلب على الفوائد الكامنة في الثمرة وقد تتحول للسموم التي تضر بصحة المستهلك. أما المزارع عبيد راشد، فقال إنه لجأ للزراعة المائية بعدما علم فوائدها وقدرتها على توفير المياه المستهلكة، لكنه عاد إلى الزراعة التقليدية بعدما “تيقن من المضار الكامنة في تلك المركبات غير الطبيعية على صحة الإنسان”، بحسب تعبيره. وسرد عبيد قصة مع أحد عماله الموجودين في مزرعته، فقد نهاه عن تناول ثمرة من إنتاج الزراعة المائية، نظراً لاحتوائها على كميات كبيرة من المركبات والمبيدات التي تضر بالصحة، خوفاً عليه من أي مضار. تحذيرات ومكملات وعبر صالح ناصر عن تخوفه من الزراعة المائية بعدما وجد تحذيرات على بعض العبوات التي تستخدم كـ “مكملات” غذائية للنباتات التي تزرع في الزراعة المائية. ودعا القائمين على القطاع الزراعي إلى إلزام المزارعين بالعودة إلى الزراعة الطبيعية التي تحافظ على البيئة وتسهم في رفع خصوبة التربة وتحافظ على الصحة العامة، ولا تخلف أي آثار جانبية على الطبيعة. وأكد صالح شغفه بالزراعة وتمسكه بها، راغباً في أن تتم إعادة ترتيب هذا القطاع في الدولة بما يضمن استمرارية المنتجات المحلية، والحفاظ على الموارد المائية التي تعد أمراً في غاية الأهمية لمستقبل الأجيال المقبلة. من جهته، قال محمد راشد، مزارع، إن الزراعة دون تربة هي إنتاج النباتات بأي طريقة غير زراعتها في التربة الطبيعية، ويجب أن نوضح أن الزراعة من دون أرض تتضمن الإنتاج في كل أوساط الزراعة التي لا تكون التربة المعدنية أحد مكوناتها، وبدأ استخدام الماء المضاف إليه محاليل مغذية في تنمية النباتات. وقال إن من سلبياتها حاجتها الدائمة للتيار الكهربائي، إضافة إلى تكلفتها العالية مقارنة بتأسيس مزارع تقليدية. وأضاف أن السوق المحلي لا يرغب في منتجات المزارع المائية، وذلك من خلال تجربته في تسويق منتجات مزرعته، مضيفاً أن الجمهور يتخوف من هذه المنتجات ويعتبرها منتجات مضافاً إليها مركبات غير طبيعية. كما أكد الدكتور إبراهيم الششتاوي أستاذ مشارك استزراع وتربية الأسماك بكلية الأغذية والزراعة بجامعة الإمارات وجود سلبيات الزراعة المائية “الهيدروكربونيك”، لافتاً إلى أنها تعتمد على المبيدات والأسمدة الكيماوية لتوفير العناصر الغذائية اللازمة للنباتات التي تختلف فيما بينها في درجة ونسبة هذه الاحتياجات، ما قد يؤدي بمرور الوقت، من وجهة نظره، إلى ارتفاع نسبة تركيز هذه العناصر في المياه، ما يشكل نوعاً من التحدي قد يواجه فكرة التوسع في هذه الزراعة، الأمر الذي يدعم معه التوجه الجدي نحو “الاكوابونيك”. جهود بحثية في المقابل، كشفت الدكتورة إليك ليومان رئيس قسم دراسات الأراضي القاحلة وأستاذ تغذية النباتات بكلية الأغذية والزراعة بجامعة الإمارات، عن جهود بحثية مركزة تجري في الكلية حالياً لاستخلاص مواد عضوية جديدة لاستخدامها في الزراعة المائية، مؤكدة أن هناك آفاقاً واعدة للزراعة المائية في الدولة، تمكن من إنتاج محاصيل زراعية عضوية بعينها يصعب استيرادها من الخارج لأنها تتميز بسرعة التلف. وأشارت أستاذة تغذية النباتات بكلية الأغذية والزراعة بجامعة الإمارات، إلى أن هناك اعتقاداً خاطئاً بأن نظام الزراعة المائية يضاعف من فرصة وجود متبقيات للأسمدة الكيميائية في النباتات، مؤكدة أن الحقيقة تأتي عكس هذا الاعتقاد، فالزراعة العادية في التربة الرملية أو الجيرية تفقد معها السيطرة على المواد الكيميائية. أما في حالة الزراعة المائية التي تتم داخل مساحات محدودة، فإن السيطرة تكون أكبر بكثير جداً. وأكدت الدكتورة ليومان أن نظام الزراعة المائية يتناسب كثيراً مع بيئة وظروف دولة الإمارات، خصوصاً في موسم الشتاء، حيث تكون الظروف مواتية بشكل كبير لإنتاج نباتات ومحاصيل زراعية عضوية عالية الجودة بأقل تكلفة. ولفتت ليومان إلى أن هذه الطريقة في الزراعة قد تكون قليلة الجدوى في الصيف من الناحية الاقتصادية، نظراً لارتفاع التكلفة نتيجة ارتفاع درجات الحارة والرطوبة، حيث تحتاج البيوت المحمية إلى عملية تبريد ما يلزم معه استخدام كميات من الوقود، ما يضاعف من حجم التكلفة، إضافة إلى الآثار البيئة السلبية الأخرى المترتبة. وأضافت أن الزراعة المائية تعني إنتاج أنواع من النباتات من دون تربة، من خلال استخدام محلول غذائي معين، مشيرة إلى أن من أكبر مزايا هذه الطريقة في الزراعة تقليل الفاقد من المياه في التربة، إضافة إلى تقليل معدل التبخر. وتتميز الزراعة المائية “الهيدروكربونيك” بأنها تمكن من زراعة عدد كبير من النباتات، في مساحة محدودة، خاصة في ظل استخدام طرق تقنيات جديدة، في هذا النظام من الزراعة مثل الزراعة المتدرجة (الزراعة على الرفوف) أو الزراعة داخل الأنابيب. رصد المعادن السامة في المياه وأكد الدكتور محمد يوسف بني ياس نائب مدير جامعة الإمارات وأستاذ واستشاري علم الأدوية وعلاج التسمم بكلية الطب ومستشفى توام، أن مشكلة المياه في الدولة تنطوي على شقين؛ الأول يتعلق بشحها، والثاني يتعلق بمدى سلامتها وتوافقها مع المعايير والاشتراطات الصحية. وأضاف بني ياس أن هناك 3 معايير واشتراطات أساسية لسلامة المياه، تشمل مدى خلوها من البكتريا والميكروبات الضارة، وغيرها من المعادن الثقيلة السامة مثل الزئبق والزرنيخ التي تشكل خطورة كبيرة على صحة الإنسان، وضرورة احتوائها على العناصر الغذائية اللازمة كالكالسيوم، الماغنسيوم والبوتاسيوم وبنسب معينة. وأشار بني ياس إلى أن العديد من الأمراض تنتقل عن طريق المياه، وأن هناك آثاراً صحية سلبية لمعالجة مياه الشرب ببعض المواد الكيميائية والمضادات الحيوية، مشيراً إلى أن جامعة الإمارات أنجزت دراسات ومشروعات بحثية عدة تتعلق برصد العناصر السامة في المياه، خاصة المياه الجوفية في المناطق الجبلية أو تلك القريبة من البحر. وأكد نائب مدير جامعة الإمارات وأستاذ واستشاري علم الأدوية والسموم بكلية الطب والعلوم الصحية ومستشفى توام، أن الكلية تقوم بجهد وافر من خلال قسم علم الأمراض والسموم بها، لرصد العناصر المعدنية السامة في المياه وتأثيراتها السلبية على صحة الإنسان. وأوضح أن ذلك يتم من خلال عينات المياه التي يجري تحليلها في المختبرات العلمية الحديثة في الكلية التي يمكنها رصد هذه العناصر وغيرها من آثار المبيدات الحشرية في المياه بدقة كبيرة، إضافة إلى آثار المضادات الحيوية الأخرى في لحوم الدجاج والحيوانات والألبان، وقياس معدلاتها للتأكد من أنها ضمن المعدلات المسموح بها أم أنها تزيد على ذلك بما يلحق الضرر بصحة الإنسان. مركز خدمة المزارعين أبوظبي (الاتحاد) - يولي جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية اهتماماً كبيراً بتوسيع دائرة تطبيق نظام الزراعة المائية “الهيدروبونيك”، في مزارع الإمارة. وقام الجهاز مؤخراً ممثلاً بمركز خدمة المزارعين بتنظيم سلسلة من ورش العمل، لتعريف المزارعين بطبيعة وآليات وأهمية هذه الطريقة الحديثة في الزراعة التي تسهم في زيادة الإنتاج وتحسين الجودة، وفي الوقت نفسه تعمل على تقليل معدل استهلاك المياه، والحفاظ على البيئة سعياً لتحقيق الاستدامة تماشياً مع رؤية إمارة أبوظبي. ويقدم مركز خدمات المزارعين الإرشادات الفنية للمزارعين حول التقنيات والأجهزة المستخدمة في الزراعة المائية، تأكيداً على أهمية هذه التقنيات في مواجهة تحديات البيئة الصحراوية، بما في ذلك التربة الجافة ونقص المياه وغيرها، وزيادة حجم الإنتاج وتنوعه بما يحقق الأمن الغذائي المنشود. وأكد الجهاز في مناسبات عدة، أهمية الزراعة المائية باعتبارها من أكثر الأنظمة ملائمة لبيئة الإمارات من حيث التحكم في مكوناتها والأدوات المستخدمة بها ونوعية الأوساط الزراعية، بما يتناسب مع أنماط المحاصيل الزراعية. ويتميز محصول الزراعة المائية بجودته العالية ومردوده المادي وقلة حاجته لمياه الري وللمبيدات الحشرية، إضافة إلى أنه أقل عرضة للإصابة بالآفات والأمراض بالمقارنة بمحاصيل الزراعة التقليدية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©