الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان··· ومعضلة طالبي اللجوء

اليونان··· ومعضلة طالبي اللجوء
26 ابريل 2008 02:41
على أطراف ''باتراس'' هذه المدينة الساحلية يقف مخيم قذر كمثال صارخ لنظام اللجوء السياسي الفاشل في اليونان· فالمئات من الشبـــان والأولاد من أفغانستــان -الكثيرون منهم يقولون إنهم فروا من العنف- يتكدسون في بيوت وحول نار الطهي في انتظار أن يتم تهريبهم إلى عمق أوروبا· أما في حال ألقي القبض عليهم، فيمكن أن يواجهوا الترحيل إلى اليونان وفق سياسةٍ يعتمدها الاتحاد الأوروبي بخصوص مسألة اللاجئين تُعرف باسم ''دبلن الثانية''، وتنص على أن يقدم طالبو اللجوء طلباتهم في أول بلد أوروبي يدخلونه· غير أن الظروف سيئة إلى درجة أن القليلين منهم فقط يرغبون في البقاء· ويقول ''إحسان ختري''، الذي يقتسم كوخاً مع ابن عمه ورجال آخرين في المخيم: ''لو كانت ثمة منشآت جيدة مثل تلك الموجودة في بلدان أوروبية أخرى، لما حاول أحد المغادرة ولبقي الجميع هنا''· وتواجه اليونان انتقادات متزايدة بخصوص معاملتها للأشخاص الساعين للحصول على اللجوء السياسي· فالأسبوع الماضي قالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة إن نظام منح اللجوء السياسي في البلاد يعاني الكثير من الاختلالات والعيوب إلى درجة بات فيها من الضروري أن تعدل البلدان الأوروبية الأخرى عن إرجاع طالبي اللجوء إلى اليونان، وهو ما يشكل اختباراً حقيقياً بخصوص التعاون على الصعيد الأوروبي بخصوص مواضيع اللاجئين· وتتهم المفوضية أثينا برفض طلبات اللجوء بغض النظر عن الأحقية والجدارة، وبعدم توفير المنشآت الكافية والمناسبة لطالبي اللجوء· أما اليونان، فترد على هذه الاتهامات بالقول إنها تتعرض لسيل من طالبي اللجوء وتحتاج إلى دعم أكبر من البلدان الأوروبية الأخرى على اعتبار أن عدد طالبي اللجوء ارتفع منذ 2001 من نحو 1200 شخص إلى 20684 شخصاً، وذلك وفق الأرقام التي قدمتها الحكومة اليونانية للمفوضية الأممية· وبالفعل، فقد باتت اليونان، بالنظر إلى موقعها في الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي، بمثابة بوابة للأشخاص الفارين من النزاع في العراق وأفغانستان؛ حيث يدفع معظم طالبي اللجوء مبالغ مالية للمهربين من أجل نقلهم برا عبر الأراضي التركية، ثم بحراً عبر الباخرة إلى اليونان· غير أن العديد منهم يقضون عقوبة السجن في واحد من مراكز الاعتقال التابعة للدولة بتهمة الهجرة غير القانونية، حيث يتم أخذ بصمات أصابعهم، وإدخال بياناتهم في نظام أوروبي يدعى ''فورنتيكس''، ويُحكم عليه بالترحيل· غير أن البعض يختار البقاء في اليونان، إما بشكل غير قانوني أو عبر طلب وضع لاجئ هنا؛ ولكن معظمهم يخطط لمواصلة المسير إلى البلدان الأوروبية الأكثر ثراء، مثل السويد، والمعروفة بسياساتها الأكثر سخاء وكرما في هذا المجال· وهم إما أنهم لا يعرفون شيئاً عن قوانين ''دبلن الثانية'' أو يختارون ركوب المغامرة· ومن هؤلاء ''ختري''، وهو شاب يقول إنه غادر أفغانستان بعد أن هددته ''طالبان'' لأنه كان يعمل مترجماً لدى القوات الأميركية؛ فهو يعرف القوانين، ولكنه يقول إنه مازال مصمماً على متابعة السفر إلى انجلترا وطلب اللجوء هناك· غير أنه حتى الأشخاص الذين يرغبون في البقاء لا يستطيعون ذلك في أغلب الحالات· ففي ،2007 لم تمنح اليونان وضع ''لاجئ'' سوى لثمانية أشخاص فقط في البداية، ثم 132 آخرين بعد الاستئناف· إلا أن معدل القبول -0,5 في المئة وهو الأدنى على الصعيد الأوروبي- ليس سوى واحد من العراقيل التي يواجهها طالبو اللجوء في اليونان· إذ تقول منظمات حقوق الإنسان إن طالبي اللجوء، الذين يتم التعامل معهم عادة كمهاجرين، يعامَلون معاملة قاسية من قبل السلطات، ونادراً ما يتم إخبارهم بحقوقهم· وعلاوة على ذلك، فإن البنى التحتية الخاصة بإيواء الأشخاص الذين تمكنوا من طلب اللجوء تنعدم تقريباً، مثلما ينعدم الأمل، أو يكاد، في أن تلقى طلباتهم رداً إيجابياً، وهو ما تعلق عليه فكتوريا ''بانتي مركوتي''، المنسقة المكلفة بموضوع اللاجئين في مكتب منظمة العفو الدولية في أثينا، بالقول: ''لا توجد إرادة سياسية لتوفير ظروف إنسانية لهؤلاء الناس''· غير أن سيل الانتقادات بدأ يعطي أكله على ما يبدو؛ ففي وقت سابق من العام الحالي، أعلنت النرويج أنها لن تقوم من هنا فصاعداً بإرجاع طالبي اللجوء إلى اليونان، كما رفضت محكمة سويدية إعادة طالب لجوء عراقي إلى اليونان· وبالعودة إلى مخيم طالبي اللجوء في باتراس، فإن العديد من الناس هناك يشعرون بأنه لا يوجد مكان يستطيعون اللجوء إليه؛ إذ تُشدد السلطات المحلية إجراءاتها، مما يزيد من صعوبة إمكانية مواصلة المسير نحو إيطاليا، حيث تتحرش الشرطة بالأفغان وتعتقلهم حين يغادرون المخيم من أجل شراء الطعام أو استعمال مرحاض عمومي مجاور· وفي هذا السياق، يقول ''كريستوس كارابيبيريس''، الذي يعمل لدى الفرع المحلي للصليب الأحمر اليوناني: ''الأشخاص الذين يأتون إلى اليونان يَعلقون· فمعظمهم لا يريدون طلب اللجوء هنا· ولكنني أعتقد أنه إذا كان واضحاً أن باستطاعتهم طلب اللجوء هنا، فربما سيكون ثمة عدد أكبر من طالبي اللجوء''· ويحاول ''كارابيبيريس'' وزملاؤه إقناعهم بأن أفضل فرصهم تتمثل في محاولة طلب اللجوء في اليونان؛ غير أن الصليب الأحمر ليس موضع ثقة في المخيم؛ وذلك، يقول ''كارابيبيريس''، لأن المهربين الذين يهيمنون على المخيم ينشرون إشاعات تفيد بأن الصليب الأحمر يعمل مع الشرطة· وعليه، فإن معظم القادمين إلى هنا يحاولون مع ذلك مواصلة المسير على الرغم من الأخطار المحدقة· يقول ختري: ''لقد حاولت مرات كثيرة، ولكن الحظ لم يحالفني بعد· إلا أنني سأستمر في المحاولة حتى أجتاز هذه الحدود''· نيكول إيتانو -باتراس- اليونان ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©