الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

40 مليون قطعة سلاح في الهند!

23 فبراير 2012
يقـف فيكر امجيت سينج فـي موقـف سيارات تابع لأحد الأندية الراقية في شانديجار، متحدثاً حول أحد المواضيع الأثيرة عنده: المسدسات. لديه 10 مسدسات أو نحو ذلك، فهو لا يستطيع تذكر عددها بالضبط. وقد تصبح مهمة ومفيدة إذا ما طفا النزاع العائلي على السطح من جديد. ففي نزاع عائلي درامي طويل يقض مضجع هذا الطالب البالغ 25 عاماً، تعرض جده لطلق ناري أرداه قتيلاً هنا في ولاية البنجاب الغربية، بينما دخل والده السجن بسبب جريمة قتل انتقامية. ورغم أن العائلتين اتفقتا على الهدنة قبل بضع سنوات، إلا أن سينج غير مستعد للمجازفة، إذ يقول: "أن يكون لديك سلاح طوال الوقت أمر مهم وضروري"، مضيفاً: "فأنت لا تعرف ما إن كان أقاربهم سيعاودون الظهور. ثم إن سلاحاً باهظ الثمن بات رمزاً للمكانة الاجتماعية أيضاً. لذلك، فالمرء لا يمكنه إظهار أي سلاح قديم". الهند، بلاد المهاتما غاندي والمعروفة بمعتقداتها التي تؤمن بحرمة الحياة، تعشق الأسلحة. وقد ساهم ارتفاع المداخيل في جعل الأسلحة "الفاخرة" شكلاً جديداً من أشكال الأبهة، كما أن ازدياد الجريمة وذكريات هجوم مومباي الإرهابي عام 2008 جعلا الهنود يتوقون للتسلح. الموظف الحكومي "ديب سيدو" يجلس في صالة بيته يتحسس سلاح العائلة ويشير إلى لوحة يظهر فيها رجل يُشهر مسدسه: "الأسلحة توجد في الدم"، مضيفاً: "أما فكرة العفو والسلام، فلن تؤدي إلا إلى جعل الباكستانيين يعتقدون أننا أهداف سهلة". ويقول والده، "راجا سيدو"، من جانبه: "كل تلك الأشياء المتعلقة بغاندي هي للسياح فقط"، ويكمل: "عليهم أن يذهبوا إلى فراناسي لرؤية البقرات المقدسات". ورغم القوانين الصارمة في مجال حيازة الأسلحة، فإن الهنود يمتلكون نحو 40 مليون قطعة سلاح، 85 في المئة منها مسدسات رخيصة ويسهل الحصول عليها تُستعمل في 90 في المئة من جرائم القتل. ومع ذلك، فهناك 3 أسلحة فقط لكل 100 شخص في الهند، مقارنة مع 89 سلاحاً لكل 100 شخص في أميركا التي تعد زعيمة العالم في هذا المجال. وحسب "مكتب سجلات الجريمة الوطنية" الهندي، فقد عرفت الهند 80 ألف حالة خرق لقانونها الخاص بحمل السلاح في 2009، بما في ذلك امتلاك وصنع ونقل أسلحة غير قانونية، وهو ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 8 في المئة عن 2007. ورغم هذا الارتفاع، فإن معظم جرائم القتل ما زالت تستعمل فيها الأسلحة البيضاء، بينما تمثل المسدسات 14 في المئة فقط من أعمال القتل. ومع ذلك مازالت الهند أقل عنفاً بكثير من الولايات المتحدة، فالمعدل المسجل فيها هو 2?78 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، مقارنة مع 4?96 لكل 100 ألف نسمة في أميركا. غير أن عشاق السلاح الهنود ما زالوا مقتنعين بأن البلاد في حاجة إلى مزيد من الأسلحة النارية، وذلك نظراً للنسبة المنخفضة لعدد أفراد الشرطة مقارنة مع عدد السكان، والتي تعد من أدنى النسب في العالم. وبينما تنتشر ثقافة السلاح، عرضت الحكومات المحلية إجراءات سريعة لمنح تراخيص الأسلحة النارية في حال كان الرجال قد خضعوا لعمليات قطع القناة الدافقة. لكن العائلات ما انفكت تهدي الأسلحة ضمن مهور الزواج، رغم أن السلطات بدأت تثني الناس عن إطلاق النار الاحتفالي في الأعراس بعد عدد من الحوادث، ومن ذلك وفاة عريس مؤخراً عندما أخطأت طلقات عمه المحتفل طريقها نحو رأسه. كذلك تحفل الصحف بالأخبار حول أعمال القتل: موظف شباك تحصيل الرسوم قُتل بمسدس محلي الصنع بسبب خلاف حول 50 سنتاً، ورجل في الثانية والعشرين من عمره تعرض لطلق ناري قاتل بعد شجار بسبب التبول، ورجل في العشرينيات من عمره قُتل بعد تدافع في الطابور وتهافت على صهريج مياه. وفي 28 يناير الماضي، قُتل خمسة أشخاص خلال عنف انتخابي في ولاية مانيبور الشمالية. وفي هذا الإطار، يقول الناشط المعارض للأسلحة بينالاكشمي نيبرام، أمين عام "جمعية مراقبة الأسلحة" في الهند، متسائلاً: "ألسنا بصدد دفع ثمن العنف المتزايد للأسلحة في الهند؟"، مضيفاً: "إنه تصور خاطئ أن المرء يحتاج إلى سلاح من أجل الأمن". وفي محاولة لكبح أعمال العنف، شرعت نيودلهي بشكل حازم مؤخراً في فرض قوانينها الصارمة أصلاً في ما يخص الترخيص للأسلحة، والتي كان من السهل الالتفاف عليها من خلال الرشى والعلاقات الشخصية. وتشمل هذه القوانين تحقق الشرطة، وتحديد سقف صارم للذخيرة، والحاجة إلى إثبات أن حياة المرء في خطر. غير أن الموظف الحكومي "سيدو" يقول: "الناس باتوا أكثر غنى ويحصلون على أسلحة باهظة الثمن، الأمر الذي يحسِّن صورتهم"، قبل أن يضيف: "لكن رغم القوانين، فإنك لا تستطيع منع بنجابي من عشق السلاح". وفي هذه الأثناء، يسعى العديد من الناس إلى تبديد المخاوف من إمكانية أن تتحول الهند يوماً ما إلى "الغرب المتوحش"، والحال أن بعض الهنود يُظهرون بعضاً من صفات شخصيات الغرب المتوحش. فهذا جاجديب سينج، وهو مدير وكالة بنكية، يحب أن يدس مسدسه المرخص تحت قميصه في رحلاته بواسطة السيارة في الطرق التي تعرف حركة مرورية قليلة، أو في الطرق النائية، وهو الذي سبق أن استعمل سلاحه بنجاح في أوائل التسعينيات للتصدي لمعتدين. ويقول سينج: "ثم إن لدي ابنتين جميلتين... وهذا سبب إضافي لاحتفاظي بالسلاح". مارك ماجنير - شانديجار - الهند ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©