الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنطقة الخضراء... سيطرة عراقية وقيود أمنية

المنطقة الخضراء... سيطرة عراقية وقيود أمنية
23 فبراير 2012
المنطقة الخضراء، أو المنطقة الدولية هذه بعض من الأسماء التي كانت إلى حد قريب تطلق على أحد الأحياء الأكثر تحصيناً وسط العاصمة العراقية، بغداد. لكنها اليوم وبالنسبة للعديد من الأجانب الذين ما زالوا يقيمون في العراق، اكتسبت المنطقة اسماً آخر هو مدينة الأشباح. فمنذ تولي الحكومة العراقية السيطرة الكاملة على القلب النابض سابقاً للاحتلال الأميركي وإشرافها على الموضوع الأمني وهي تتحكم فيمن يمكنهم الدخول والخروج من المنطقة المحصنة ومن يمكنه عبور الأسوار العالية التي تفصل المنطقة عن باقي أجزاء العاصمة. والأكثر من ذلك عمدت قوات الأمن العراقية على اقتحام مكاتب شركات الأمن الخاصة داخل أسوار المنطقة الخضراء لتحرمهم من الترخيص مع ما ترتب على ذلك من هروب لشركات أخرى في "المنطقة" كانت تعتمد على حماية متعاقدي الشركات الأمنية. وعن هذا الموضوع، يقول "دوج بروكس"، رئيس جمعية عمليات الاستقرار الدولية التي تمثل الشركات الأجنبية والمنظمات غير الربحية في العراق "بعد منع الشركات الأمنية من العمل داخل المنطقة الخضراء لم يعد من الممكن البقاء داخلها". والنتيجة أن المنطقة التي كانت توصف بالدولية، أصبحت منطقة عراقية خالصة، كما أنها غدت أكثر عزلة عن باقي مناطق بغداد. وفي هذا الصدد يقول البرلماني العراقي، محمود عثمان: "ما يجري في المنطقة الخضراء بعد تولي الحكومة العراقية السيطرة عليها هو مزيد من التحصين وتعزيز عزلتها عن باقي العراقيين". وتغطي المنطقة التي تشرف على ضفاف نهر دجلة مساحة تمتد على خمسة أميال مربعة، وتصطبغ بالرمادي أكثر من الأخضر الذي اقترن اسمها به، لا سيما وأن السمة الطاغية عليها تتمثل في المباني الحكومية ومساكن كبار المسؤولين، بالإضافة إلى الشوارع التي تتخلل المناطق السكنية وأشجار النخيل المتربة. ويرجع تاريخ تسليم سلطة المنطقة إلى الحكومة العراقية إلى مطلع 2009 بعد التحسن الملحوظ وقتها في الوضع الأمني بالعراق، وابتداء من الربيع الماضي شرع الضباط العراقيون في تفتيش الشركات الأمنية داخل المنطقة الخضراء، ثم بعدها بدأوا يقررون في من يحصل على بطاقات المرور. واليوم باتت المنطقة بالكامل تحت السيطرة الحكومية، ويُذكر أن المنطقة الخضراء تستضيف أهم مؤسسات الدولة العراقية بما فيها مكتب رئيس الوزراء، والبرلمان، هذا بالإضافة إلى مقار كبار المسؤولين العراقيين الذين لا يخرجون من المنطقة الخضراء، أو يدخلون إليها إلا بصحبة المواكب الأمنية. وما أن تدق الساعة الرابعة بعد الظهر حتى تخلو شوارع المنطقة الخضراء وتصبح مقفرة تماماً إلا من رجال الأمن المنتشرين في الشوارع والواقفين على الزوايا، وهم مستعدون للتدخل في أي وقت وتحت أي شبهة قد تسترعي انتباههم. ولم يقتصر المنع على الشركات الأمنية التي كانت تقيم داخل المنطقة، بل امتد الحظر أيضاً إلى بعض الشركات السياحية المتخصصة في تنظيم جولات بالمناطق الخطرة، بحيث لم يعد بإمكانها الدخول إلى المنطقة الخضراء التي تضم بعض المآثر مثل السيفين المتقاطعين اللذين يرمزان للنظام السابق. والحقيقة أن الحكومة العراقية معذورة في إجراءاتها المتشددة ومنعها الشركات والأشخاص من دخول المنطقة، ففي 28 نوفمبر الماضي، استهدفت سيارة مفخخة مقر رئيس الوزراء في محاولة على ما يبدو لاغتياله، وقد تمكن الانتحاري بالفعل من دخول المنطقة والاقتراب من المقر الذي فجر سيارته بالقرب منه، ملحقاً ضرراً بمبنى البرلمان القريب. وبعد ثلاثة أسابيع على ذلك أصدرت السفارة الأميركية الواقعة داخل المنطقة الخضراء تحذيراً للمواطنين الأميركيين من أنهم قد يتعرضون للاختطاف داخل المنطقة المحصنة. وعن هذا الموضوع، يقول "علي هادي الموسوي"، المتحدث باسم المالكي في لقاء صحفي "لا مناص من اتخاذ هذه الإجراءات الأمنية المتشددة لحماية المنطقة الخضراء من الاختراق". ويضيف "الموسوي" أن قوات الأمن العراقية تتولى مراقبة الداخلين والخارجين من المنطقة وتمنع بطاقات الولوج عن الشخصيات المهمة، أما فيما يتعلق بالشركات الأمنية التي مُنعت من العمل داخلها، فإن الموسوي يبرر ذلك بالسمعة السيئة التي اكتسبتها تلك الشركات على مدار السنوات السابقة في أعين العراقيين واستخدامها المفرط للعنف في الشارع العام، مضيفاً أن المنطقة الخضراء غدت أكثر أماناً بدون العناصر الأمنية التابعة للشركات الخاصة، وحتى فيما يخص الشركات غير الأمنية التي تعمل داخل المنطقة، يقول الموسوي "إذا لم يكن لوجودهم ضرورة داخل المنطقة فمن الطبيعي أن يغادروها". ويعود تاريخ إنشاء المنطقة إلى ما قبل الاحتلال الأميركي وتحديداً إلى عهد النظام السابق، حيث أنشأ المنطقة لتستضيف المقار الحكومية، لكنها توسعت بعد 2003 لتضم مجموعة من الأحياء المحيطة ولترتفع أسوارها أعلى مما كانت عليه. وقد استفادت الشركات الدولية من العمل داخل المنطقة، لأن ذلك جعلها قريبة من صناع القرار والسياسيين ومكنها من عقد الصفقات بمنأى عن العنف والفوضى المستشريين خارج الأسوار. وبسبب التعقيدات المستجدة وصعوبة حصول الأجانب على تصريحات للدخول إلى المنطقة، أو الخروج منها، أصبح التجول في شوارع بغداد، أو الذهاب إلى مدن عراقية أخرى، بالغ الخطورة، بل أصبح الأمر يستدعي مواكب حماية ضخمة يزعج منظرها العراقيين. والأكثر من ذلك أن الدبلوماسيين الأميركيين الذين تعج بهم السفارة الضخمة وسط المنطقة الخضراء باتت تحركاتهم أكثر صعوبة، وهو ما دفع واشنطن إلى إعلان نيتها تقليص عدد العاملين بالسفارة وخفض حجمها ليتناسب مع باقي البعثات الدبلوماسية في العالم. وعندما تُرفع بعض الشكاوى إلى المسؤولين العراقيين بشأن تأثير الإجراءات الأمنية المتشددة على الشركات والاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها العراق، يرد الموسوي بأن الشركات العاملة داخل المنطقة الخضراء يمكنها ببساطة نقل نشاطها خارجها، مضيفاً أن الشعب العراقي لا ينظر إلى المنطقة الخضراء على أنها معزولة، بل على أنها محررة بعدما غادرتها العناصر الأجنبية وعلى رأسهم الأميركان. دان مورس - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©