الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقامرة ترامب الكورية الشمالية

12 مارس 2018 23:10
مما لا شك فيه أنه من الأفضل لكوريا الشمالية والولايات المتحدة أن يتبادلا الكلمات بدلاً من الصواريخ؛ غير أن قرار دونالد ترامب الالتقاء مع «كيم أون»، يبدو لي مقامرة خطيرة وفكرة سيئة، وأخشى أن كوريا الشمالية تتلاعب بترامب، وأن ترامب بدوره يتلاعب بنا. إنني أخشى أن يتم التلاعب بترامب لأنه من البداية، ومقابل لا شيء واضحاً على ما يبدو، وافق على منح كوريا الشمالية ما كانت تتوق إليه دائماً: الاحترام والشرعية اللذين يأتيان من وقوف الزعيم الكوري الشمالي كنِدٍّ بجانب الرئيس الأميركي. كما أخشى أن يتم التلاعب بنا في الإعلام والجمهور؛ لأن هذه طريقة ليغيّر بها ترامب الموضوع من التحقيق في التدخل الروسي المفترض وتقديم نفسه كـ«صانع سلام عظيم». والأكيد أنني أؤيد المفاوضات. فمنذ أن شرعتُ في تغطية موضوع كوريا الشمالية في الثمانينيات، كنت دائماً أؤيد محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، كما دعوت ترامب إلى إرسال مبعوثين للالتقاء مع كيم أون. ولكن المفاوضات المباشرة ينبغي أن يجريها دبلوماسيون مخضرمون، يعرضون إمكانية عقد لقاء قمة كجزرة فقط في نهاية العملية فقط – وفقط إذا كانت القمة تخدم هدفاً أعلى من تغيير عناوين الأخبار في الولايات المتحدة وإضفاء الشرعية على نظام كيم في الخارج. فلقاء مباشر وجهاً لوجه ينبغي أن يخدم مصالح البلدين، وليس الزعيمين فقط. وهناك تصور خاطئ مؤداه أن اقتراح الكوريين الشماليين للقاء مباشر يمثل تنازلاً كبيراً. ولكن هذا ليس صحيحاً البتة، وذلك لأن هذا شيء يسعون وراءه منذ عقود، ولكن الرؤساء الأميركيين السابقين كانوا يرفضون. وبالتالي، فإن القمة تمثل هدية ضخمة لكيم، ومن المحير حقاً أن يقبل «صانع الصفقات العظيم» بالتنازل عن الكثير من البداية. التخوف الثاني بشأن قمة بين ترامب وكيم يكمن في إمكانية رفض الرئيس الأميركي لنصائح مساعديه، ويوافق بتسرع أثناء مأدبة العشاء على مخطط متهور من أجل عقد صفقة. وبالفعل، يبدو أن ترامب قفز على الفكرة من دون التشاور مع مساعديه المهمين، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للإشادة بمحادثات من النوع، الذين كانوا ينددون به في السابق. ومع ذلك، فإنه لمن المشجع حقاً أن كيم لم يعارض استئناف الولايات المتحدة مناورات عسكرية، وأنه يبدو مستعداً لتعليق الاختبارات النووية والصاروخية. فهذه تنازلات حقيقية، وإنْ كان لا يعلّق، على ما يبدو، إنتاج المواد النووية أو الصواريخ ؛ وهذا شيء ينبغي أن نشدّد عليه أيضاً. أما إذا أوقف كيم الاختبارات، فربما هناك صفقة كبرى يمكن تحقيقها. صفقة قد تشمل تخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي في مقابل إنهاء الولايات المتحدة للعقوبات وتطبيع العلاقات معها، مع بعض الالتزامات من قبل كوريا الشمالية بحقوق الإنسان أيضاً. وهو ما يمكن أن يشكّل إنجازاً كبيراً يجعل العالم أكثر أمناً، ولكن التحقق من ذلك سيمثل تحدياً ضخماً، وسيتطلب زيارات تفتيش بإشعار قصير للمواقع العسكرية. والواقع أن معظم الخبراء يشككون في أن يوافق كيم على صفقة يتخلى بموجبها عن الأسلحة النووية على نحو يمكن التحقق منه. ويقول البيت الأبيض إن كيم التزم بتفكيك برنامجه النووي، ولكن ذلك يمكن أن يكون بشروط غير مقبولة اقترحتها كوريا الشمالية من قبل: عليكم – أنتم الأميركيين – إنهاء تحالفكم مع كوريا الجنوبية وسحب جنودكم؛ وبالمقابل، سنشرع – نحن - في تفكيك البرنامج النووي (ربما على أساس لا يمكن التحقق منه). وإذا كان البيت الأبيض يقول إن الولايات المتحدة لم تقدم أي تنازل، فإن القمة بنفسها هي التنازل. ولا شك أن عدول ترامب عن موقفه السابق، المتمثل في أن «الحوار ليس هو الحل»، هو أمرٌ صحي. وهو على حق هذه المرة في أن الحوار يمكن أن يكون جزءاً من الحل – حتى وإن كانت القمةُ هي الطريقةَ الخاطئة للبدء. غير أن أحد أسباب التشكك هو أنه لم يسبق لأحد أن كسب مالاً من المراهنة على اعتدال كوريا الشمالية أو قيامها بتفكيك برنامجها النووي. ولا شك أن عقد لقاء قمة يرفع الرهان؛ وبالتالي، فإن الإخفاق يمكن أن يتسبب في تصعيد جديد غاضب على كلا الجانبين، ما قد يتركنا أسوء حالاً مما كنا عليه من قبل. قد أكون مخطئاً. فلا أحد يستطيع ادعاء الخبرة في ما يتعلق ببلد مثل كوريا الشمالية. والدبلوماسية التقليدية لم تنجح بكل تأكيد في الماضي. وعلى كل حال، لدينا الآن تعليق لخطر حرب نووية لمدة شهرين. وعليه، فبوسع المرء الآن تصور طريق إلى الأمام بالنسبة للولايات المتحدة وكوريا الشمالية – حتى وإنْ كان ذلك يعني أن نقلق أيضاً من أن ينتهي الحوار إلى طريق مسدود. ولكن بوسعنا في الوقت الراهن على الأقل التطلع إلى المحادثات بدلاً من الدبابات. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©