الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة احترام القانون

21 فبراير 2015 22:19
القانون وألا تكون مرغماً على اتباعه شيء جميل، والأجمل عندما يكون احترام ثقافة القانون والالتزام به نابعاً من ذاتك، تكون قد ساهمت في رقي وتوعية أفكار الفرد، وبالتالي المجتمع، عندما أقصد الذهاب إلى عملي أدخل في صراع مرير مع المركبات البطيئة المحدودة السرعة. أعيش أجواء حلبات السباق بسيارتي أعلم أن ما أفعله خطأ بسبب طيشي وأعرض غيري للمخاطر فهو لا ذنب له، كثيراً ما أسمع حديثاً في نفسي: قم باكراً لتتحاشى زحام الطريق، ولكن للأسف بات هذا الصوت حواراً داخلياً فقط لا أطبقه في الواقع، ففي إحدى الدوائر الحكومية أتودد لصديق قديم لينهي لي معاملتي سريعاً دون أن أقف في طوابير الانتظار. عندما اذهب إلى محطة الوقود لتعبئة الوقود آخذ صفوفاً للسيارات تارة يمنة وتارة يسرة، ليس لي مكان محدد مكاني أن أنهي هذا الكابوس كابوس الانتظار وعدم اتباع القانون، لا أراعي مشاعر الآخرين ولا أتعاطف معهم.. فهم أحق مني وانتظروا قبلي، كثيراً ما أركن سيارتي في مواقف المعاقين، عذري الوحيد الأبدي لا وقت لديَّ، والأغلب هناك مواقف متوفرة، وكثيراً ما أتردد إلى المطاعم لا أتعب نفسي بركن سيارتي في مواقف المطعم. أحب أن أقف في وسط الطريق مقابل بوابة المطعم لأخذ طلبي بسرعة، وإن لم يكن هناك أي شيء ينتظرني، تعودت اللامبالاة وأحسب نفسي دائماً أني على حق وكثيراً ما أذهب إلى طوارئ المستشفى لأخذ العلاج فأقدم بطاقتي على أمل أن أنتظر. لكن للأسف أكره القنبلة الزمنية الانتظار، أري أن هناك أناساً في أكثر حاجة للعلاج مني فأتقدمهم، أعلم كل العلم أن سلوكي السلبي يتعارض مع القوانين وادخل في عراك نفسي داخلي فالقوانين صارمة تقطعني وتقتل كبريائي فلا أتصالح معها ولا أعترف بالخطأ، دائماً ألقي اللوم على الناس والدوائر الحكومية وغيرها من الأماكن التي يكثر فيها الزحام، فكلما انغمست في إلقاء اللوم على الآخرين يقل تفكيري في عيوبي فأخفف من وطأة لوم نفسي ولا أكون أنا المتهم، وكثيراً ما أرى أصدقائي مثلي فأحب مساندتهم ودعمهم لي في خرق القوانين، فأنا لست مثالياً ودائماً أخرج عن السيطرة حتى في صلاة الجمعة لا أكترث وأركن سيارتي في وضح النهار وفي وسط الطريق حتى وإن أغلقت الطريق على من أمامي وخلفي مما يجعلهم ينتظرونني إلى أن أحرك سيارتي. ففي الأماكن التدخين فيها ممنوع لا أمنع نفسي من التدخين، وجاء ذاك اليوم يوم الصلح النفسي مع الواقع والقانون، حيث في إحدى المقاهي جلست ادخن بشراهة وتراءى لي طفل في العاشرة من عمره من بين هذه الأدخنة يضع منديلاً على أنفه لكي لا يستنشق هذا السم، أشار بإصبعه البريء على لافتة مكتوب عليها ممنوع التدخين، أحسست بالخجل وأول مرة في حياتي ألوم نفسي على ما فعلت!! اكتفيت بالصمت الطويل فسرحت في كل مرة تجاوزت وخرقت بها القوانين، انتابني الضيق، كم أصبحت صغيراً بتفكيري أمام هذا الطفل الذي أنقذني من هذه المعركة مع نفسي وعنادي، ووعد نفسي بالسلام النفسي والهدوء، لا ذنب للناس أن كنت أواجه ضغوطاً في اجتماعاتي خارج العمل، أو حياتي الشخصية، أو حتى مسايرة أصدقائي في عدم اتباع القانون، أعلنت استسلامي وتصالحت مع جميع القوانين فأنا اليوم من أعز أصدقاء القانون ومتبعيه. لطيفة القصاب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©