السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب وإعلامهم .. وإعلامنا الإنجليزي!

12 أكتوبر 2016 09:58
أحمد مصطفى العملة حتى ولو لم يصل للبيت الأبيض، يكفي وصول دونالد ترامب إلى هذه المرحلة في سباق انتخابات الرئاسة الأميركية، ونجاحه في حشد كل هذا التأييد، لنعرف كيف ساهم الإعلام الغربي في صعود اليمين المتطرف في الغرب كله. والمفارقة، أن قطاعات كبيرة من هذا الإعلام ما زالت تتعامل حتى الآن مع الأمر، وكأنها فوجئت بصعود «الوحش» الذي شاركت في صنعه مع آخرين!. و«الوحش» هنا هو موجة عداء متصاعدة ضد المسلمين والعرب، حملت أحزاب اليمين وقياداته إلى الصفوف الأولى بساحات السياسة على الضفة الأخرى من المتوسط والأطلنطي. وتتبرأ الميديا الغربية من النجم الصاعد في سماء السياسة الأميركية ولسان حالها يقول: لقد كنا نتعامل معه بخفة، فكنا ننشر أخباره بصفحات المنوعات وبرامج الترفيه. وهذا صحيح إلى حد ما، خاصة في البدايات. لكنهم تدريجياً فتحوا له الصفحات الأساسية وأعمدة الرأي، بزعم أنه ظاهرة عجيبة وغريبة واستثنائية، وكأنهم يغسلون أياديهم منه. غير أنه، هو ومن يقفون معه ووراءه، يمثلون ثمرة تغطية مكثفة ملحة، تخلى فيها الإعلام الغربي عبر سنوات طويلة عن قدر كبير من حياده وموضوعيته، فيما يتعلق بالشرق الأوسط وثقافته ومشكلاته، على الرغم من تظاهره بعكس ذلك. ففي أفضل الأحوال، كانت الميديا الأوروبية والأميركية في معظم تغطيتها للمنطقة، تقول لجمهورها بصوت خفي وراء كل قصة (أياً كانت): «أرأيت.. إنهم مختلفون عنا.. إنهم لا يحبوننا.. إنهم غريبو الأطوار». واعتمدت في تغطياتها عموماً منهجية مبسطة جداً، في عرض قضايا المنطقة، منهجية تستمد مضمونها ليس من واقع التعقيد البالغ لمشكلات الشرق الأوسط بأبعادها المتشعبة، بل تستند إلى تأويلات تاريخية للصدام الكلاسيكي بين العالمين الإسلامي والمسيحي، بكل حمولته المريرة. وبالطبع قدم الإرهاب والتطرف، بشتى أشكاله، خدمات جليلة لهذا التوجه الذي تبناه صحفيون بدوا وكأنهم يستكملون مسيرة مدرسة استشراقية، لم تر في العالم الإسلامي إلا كل ما هو شرير أو متخلف أو خارج نطاق العقل والتاريخ. فكأن صعود ترامب ورفاقه، بمثابة تطرف رداً على تطرف آخر. وفي الحقيقة يطرح ذلك قضية مهمة تمس قطاعاً من الإعلام العربي، وهو بالتحديد الإعلام الناطق أو المطبوع باللغة الإنجليزية. فقد كان من المأمول أن يلعب هذا الإعلام المدعوم رسمياً في العالم العربي، دوراً إيجابياً لجسر الهوة بين الطرفين، وتقديم صورة واقعية وحقيقية وموضوعية للمنطقة وقضاياها ومشكلاتها، من دون تأويل أو تهويل. على الأقل ليعرف الغرب بلغته من خلال هذا الميديا الخاصة بنا.. من نحن وماذا نريد وماذا يحدث بالضبط عندنا؟. لكن للأسف تثبت التجربة حتى الآن أنها لم تنجح كثيراً. فما زال هذا النوع من الإعلام ضعيف التأثير على الرغم من استعانته أحيانا بكوادر صحفية غربية متميزة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©