الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى··· إيمِي سيزير

سِقْط اللِّوَى··· إيمِي سيزير
24 ابريل 2008 02:38
إيمِي سيزير (1913 ـ 2008) (Aimé Césaire)، شاعر مارتينيكي كبير وافتْه المنيّة منذ أيّام ببلده· وهو من أصل إفريقيّ ممّن أُخِذوا قهراً بالسلاسل ليكونوا عبيداً للأمريكيّين في محنة إنسانيّة رهيبة، ولذلك لا تزال إفريقيّته تتنازعه على الرغم من أنّ دانيال ماكسيمي الذي كتب عنه مقالة في الموسوعة العالميّة يجعله غيرَ منتمٍ لأيّ قارّة فيزعم أنّه ليس إفريقيّاً، ولكنّه ليس أيضاً أوربياً! وقد كان صديقاً لفرانس فانون الذي ناضل في الثورة الجزائريّة· تميّزَ هذا الشاعر الإفريقيّ العظيم برفْضه عضويّة الأكاديميّة الفرنسيّة على الرغم من أنّه تقلّد كثيراً من المناصب، ومنها نائب عن المارتينيك في البرلمان الفرنسيّ· إنّ رفْض هذه العضويّة وراءَه حتماً دوافعُ سياسيّة تنهض على التمسّك بقيم كان يؤمن بها الشاعر ويمجّدها، ولم يُرد أن ''يُفسد'' نضاله بقبولها، على الرغم من أنّه كان صديقاً شخصيّاً للرئيس الفرنسيّ السابق جاك شيراك· وقد اختصّته معاجم التراجم الفرنسيّة والموسوعات العالميّة بحيّز مشرّف في موادّها التعريفيّة· ويبدو أنّ الرئيس الفرنسيّ الحالي أراد أن يحضر جنازته، ولكنّ شعب المارتينيك الذي يعدّ هذا الشاعر أباً له، ومعلّماً روحيّاً أبى ذلك، وقرّر إقامةَ جنازة وطنيّة مهيبة للفقيد الكبير··· فكأنّ هناك شيئاً سياسيّاً خفيّاً وراء كلّ هذه الأحداث: رفْض عضويّة المجمع الفرنسيّ، ورفْض أن يحضر رئيس الجمهوريّة في مراسيم جنازة الشاعر··· توزّعت أعمال إيمي (ومعناه بالفرنسيّة: محبوب) بين الشعر والمسرح والملحمة حيث نشر مجموعة من الدواوين الشعريّة منها ديوانه الشهير: ''سجلّ العودة إلى الوطن الأمّ''؛ و''شمس العنق المقطوعة'' (نُشر سنة 1948)؛ و''سجلّ عقاريّ'' (1961)، بالإضافة إلى مجموعة من المسرحيّات منها: ''مأساة الملك كريستوف'' (1963)؛ و''موسم في الكونغو'' (1966)؛ و''عاصفة'' (وهي تبنٍّ بتصرّف واسع لأحد أعمال شكسبير) (1969)··· وتتميّز أعمال إيمي سيزير باعتزازه الشديد بزنجيّته، ومحاولته تبليغ الصوت المارتينيكيّ بقوله الشهير: ''سأنادي بكل قوايَ وأنا أطلق الصرخة الزنجيّة الكبرى التي توشك أن تهزّ أركان العالم ط· والذي نعجب منه أنّه كيف تهتزّ أمّة المارتينيك كلّها لموت شاعر فتقيم له جنازة وطنيّة من حيث يموت شعراؤنا الكبار فلا نكاد نأبه لموتهم إلاّ من بعض التأبينات الباردة، على الرغم من أنّ هذا التقليد هو عربيّ، أصلاً، انتُزع منّا حيث كانت القبائل العربيّة تقيم الأفراح، وتذبح الذبائح، ويتسابق الفرسان، ويتبارى العدّاءون، في احتفال بهيج حين كان ينبغ فيها شاعر كبير··· وعلى أنّ هذا التقليد كأنّه بصدد العودة، بفضل إمارة أبو ظبي، حيث إنّ الشاعر الفرعون أصبح أشهر من نانسي عجرم، ومحمد عبده، وبعض أشهر لاعبي كرة القدم··· فقد ورد اسمه في النيت مليون مرّة، بل أكثر من ذلك··· في حين صوّت ستّة ملايين لصالح شاعر المليون في الموسم الثاني؛ فهل هي عودة، بالفعل، لدولة الشعر في المجتمع العربيّ؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©