الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصفقات الكبيرة غائبة والناشرون الشباب هم الفائزون

الصفقات الكبيرة غائبة والناشرون الشباب هم الفائزون
24 ابريل 2008 02:15
يحار المتابع لبرنامج الثقافة العربية الذي استضافه معرض لندن الدولي للكتاب هذا العام كيف يصنف هذه التجربة، هل هي ناجحة وبحسب المؤمل منها في تحقيق بصمة قوية على ارض الواقع البريطاني ومن ثم الغربي بشكل عام، أم انها أقل من مستوى الحلم والمتوقع؟ الاجابة تعتمد على اساس منطلق المحاكمة، هل نأمل بتحقيق العرب خرقا سريعا وضاجا وربما لمرة واحدة فقط، ام مجرد ترك اثر مقبول وتدريجي يمهد لفتح حوار بين الشرق والغرب من خلال الثقافات؟ القراءة المتأنية لفعاليات الأيام الثلاثة في المعرض وبعد انتهائها قد تمنح المتابع الاعلامي والقارئ معا رؤية أوضح· بداية ننوه ان من اشرف على الفعالية العربية في الاساس هو المجلس الثقافي البريطاني بالتعاون مع الجامعة العربية ومنظمتها الثقافية (الاليكسو)، وبمشاركة 16 دار نشر عربية الى جانب اتحاد الناشرين العرب· وقد اشرف المجلس على تنظيم المشاركة العربية واختيار الأسماء وبرمجة الندوات واللقاءات، وتوزيع المحاور التي تشمل حقول الرواية والشعر والفكر والترجمة وسواها· وحضر 40 مبدعا عربيا ما بين اديب وناقد واكاديمي توزعوا جغرافيا على شمال افريقيا والسعودية والخليج ومصر وبلاد الشام· حضر بينهم كتاب لا يكتبون بالعربية مثل الليبيين هشام مطر الروائي المقيم في بريطانيا وخالد مطاوع الشاعر المقيم في الولايات المتحدة، والمغربية ليلى ابو زيد التي تكتب السرد بالانجليزية، وعزيز شواكي الذي يكتب الشعر والسرد بالفرنسية· النشاط العربي انقسم النشاط العربي الى مستويين، الندوات والامسيات التي تخص المبدعين او اصحاب القرار في ندوة او اكثر تخصهم، ثم مستوى النشر واقسامه في القاعة الواسعة الارجاء التي تصل بين محطتي قطار في غرب لندن، وحيث اعطي العرب جزءا خاصا بهم بدا محدودا امام البحر المتلاطم من دور النشر العملاقة في العالم، اذ يجتذب معرض لندن للكتاب حوالي 1200 دار نشر من 115 دولة· معرض لندن للكتاب في الاساس ليس مخصصا لبيع الكتب للافراد، وهو ما ينطبق على كثير من معارض الكتب في العالم المتقدم· فالكتاب سلعة يومية في هذه المدن تخضع لقوانين الصناعة من صفقات وتسويق وترويج، وخصومات كبيرة على السلعة التي هي الكتاب في مواسم الحسم· من البدء اذن، هناك توجهان مختلفان بين الضيف والمضيف· العالم العربي الذي يحل ضيفا على مكان يختلف او يتأخر عنه باشواط واسعة، في شروط عالم النشر· هذا قبل ان نتحدث عن الكتاب بمعناه البسيط في اذهاننا من نص وكاتب· من هذا المقياس بدت الاجنحة العربية باردة الحركة الى حد ما قياسا بالنشاط المحموم الذي يعج في الاجنحة الاخرى العالمية، لا الغربية فقط، اجنحة دور نشر جاءت تستثمر الايام الثلاثة بأقصى طاقتها بحيث ان الصفقات تجري على الطاولات والمقاعد نفسها التي يتم تناول الوجبات الخفيفة عليها مع الضيف، حرصا على عدم اضاعة الوقت· صحيح ان العرب ضيوف على المعرض ولكنهم ليسوا كذلك بمعنى الضيافة العربية، مثل ان الاخرين سيأتون اليهم ويرون ما لديهم من بضاعة تصلح للترجمة الى اللغات الاخرى· يستثنى من ذلك بعض الناشرين العرب الذين انجزوا ''الواجب المنزلي'' قبل ان يأتوا الى المعرض، فاتصلوا بوكلاء وناشرين ليلتقوهم في تلك الايام المحدودة، بينما قال ماهر كيالي مدير المؤسسة العربية للدراسات والنشر، انه أحضر معه ترجمة لأجزاء من الكتب التي يريد عرضها على ناشرين بريطانيين· ورغم ان السرية والتكتم غطيا على تفاصيل اي صفقة بين العرب وغيرهم، فان ما تسرب منها يؤكد ان ما اخذته دور النشر العربية من عقود ترجمة يفوق ما باعته بكثير!· فهل لمشاريع الترجمة الممولة من دولة الامارات دور في تشجيع الناشر العربي على تلك الصفقات يا ترى، خصوصا بعد ان درجت بعض دور النشر العربية، لعقود طويلة، على ترجمة الانتاج العالمي من غير اذن من المصدر الاصلي؟ تفاصيل المعرض القاعتان الضخمتان للمعرض الذي يقع في منطقة ''ايرلز كورت'' كانت اشبه بسوق عكاظ للكتب· النشر هنا لا يتجمد عند تعريفه الاولي والعارضون يقدمون كل ما له علاقة بعالم الكتاب المقروء والمسموع والالكتروني الخ·· انه ايضا عالم النشر الالكتروني، والانتاج الجديد من الديجيتال والسوفت وير وبقية البرامج الالكترونية، وكل ما يساعد في الكتابة والنشر والبيع في المكتبات، من غير ان ننسى ان المعروض من انتاج في المعرض يخص ايضا تطوير حقوق النشر بالمعنى الاجرائي العملي، وليس بالمعنى القانوني فهذه خارج نطاق الناشرين وتخص التشريعات الوطنية· وفي النشاطات التجارية حضرت شركة مثل ''دي اتش ال'' المتخصصة بالبريد السريع لتروج لتقديم خدمات متطورة في توصيل الكتب الى الزبائن· كذلك حضرت شركة جوجل من خلال ممثليها الذين زاروا بعض دور النشر، ومنها العربية، لاقناعها بوضع فصول من الكتب المنشورة لديهم على محرك البحث الخاص بجوجول· اما في عالم كتاب الاطفال فإن المفاجآت تنتظر الفرد ليرى كيفية تحوير الكتاب الى لعبة واقراص مدمجة، والشكل المتطور للكتاب من تصميم والوان واضافات بحيث يجذب الطفل اليه· الحضور العربي جناح دور النشر اللبنانية كان مثل خلية نحل خصوصا بوجود وزير الثقافة طارق متري الذي روج لبيروت عاصمة عالمية للكتاب لعام 2009 بحسب اليونيسكو، بحضور وزير الثقافة البريطاني· دار الساقي للنشر استغلت توقيت المعرض لتحتفل بمرور 25 سنة على انطلاقتها في لندن وايضا للاعلان عن اصدار سيرة جديدة عن جبران خليل جبران بمناسبة مرور 125 سنة على ولادته، وهي من اعداد اسكندر نجار· اما الجناح المصري فقد برزت فيه تحديدا دار الشروق التي لها ان تتباهي بأن ثلاثة من كتابها المصريين كانوا نجوم المعرض، تتوزع الملصقات التي تروج لرواياتهم، خصوصا علاء الاسواني وروايته ''عمارة يعقوبيان''· اما الروائي بهاء طاهر فكان نجم الندوات الثقافية بصفته الفائز بجائزة البوكر العربية في دورتها الاولى لعام 2007 عن روايته ''واحة الغروب'' وقد استضافه المقهى الثقافي الذي يشرف عليه اتحاد الكتاب فرع انجلترا (بن)· خالد الخميسي كان ايضا ضيف المقهى وانهى اللقاء بتوقيع على نسخ من روايته ''تاكسي: حواديت المشاوير'' المترجمة الى الانجليزية· وهذه اللقاءات تجلب عادة الحضور فهي مفتوحة بحيث إنها قد تلفت انتباه أي زائر فينضم الى الحضور خصوصا أنه يمكن جلب المشروبات الى المكان، على عكس الندوات العربية الاخرى التي تمت في قاعات مغلقة· موضوع الحريات كان نقطة اهتمام المناقشين من ضيوف وحضور، عربا وبريطانيين واوروبيين· وهو ما ركزت عليه ندوات ''بن'' بصفتها منظمة معنية بحرية المبدعين، ولكن الموضوع اثير حتى في ندوة الشعراء التي ضمت عباس بيضون، امجد ناصر، نجوم الغانم، منذر المصري الذين ناقشوا حدود علاقتهم مع اللغة العربية وقدسيتها· وفي كتابة المرأة العربية وحدود تعبيرها عن أوجاع الروح والجسد وعن الحرية المعطاءة لها في المجتمع ككل، أدارت هذه الجلسة د· رضوى عاشور وتحدثت فيها الكاتبة السعودية رجاء عالم، التونسية عروسية النالوتي، والمغربية ليلى ابو زيد· وبدت ندوة الذاكرة والمذكرات في الادب العربي التي أدراها الناقد المغربي محمد برادة من الموضوعات الشيقة في ظل ندرة الاعمال التي تصدر بالعربية كمذكرات او سيرة ذاتية، وشارك فيها المفكر جلال امين الذي اصدر سيرته أخيرا، الاكاديمية اللبنانية الفلسطينية جين مقدسي سعيد وكتابها ''تيتا وأمي وأنا'' سيرة ثلاثة اجيال من النساء، والباحث السوري جمال باروت الذي يعلمنا ان تلك التفاصيل الصغيرة في زوايا الكتب تعوض عن غياب الدراسات الاجتماعية والسياسية· ننوه ايضا بحضور الفائزين بالقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية وهم بهاء طاهر، جبور الدويهي، الياس فركوح، مي منسى، خالد خليفة، ومكاوي سعيد· الجمهور التقاهم في ندوة عن اعمالهم وعن الكتابة بشكل عام· العرب حملوا معهم ايضا همومهم الخاصة في الابداع وغيره فبدوا احيانا يتحدثون مونولوجا داخليا لا يخص المستمعين من غير العرب كثيرا، وندوة الشعر كانت مثالا على ذلك، ما دعى مديرة الجلسة الكاتبة فيونا سامبسون الى التعليق بقولها ''يبدو ان الكتابة بالعربية أمر اشكالي، والحمدلله انني اكتب بالانجليزية''· قضايا من فلسطين والعراق القضية الفسطينية حضرت من خلال ندوة عن الكتاب الفلسطينيين وكتاباتهم بإدارة الناقد الفسطيني الأردني فخري صالح، ومشاركة فيصل دراج الناقد الفلسطيني، محمود شقير القاص الفلسطيني المقيم في اسرائيل، والقاصة الفلسطينية الشابة عدنية شلبي المقيمة في باريس· ودار الحديث عن الكتابة في ظل اقتلاع الكاتب من ارضه، ودور الذاكرة الخاصة في تغذية الكتابة في المنافي كبديل عن حضور المكان الاصلي· ايضا حضر الفلسطينيون من خلال الشاعر مريد البرغوثي الذي كان ضيف المقهى الثقافي في أحد الصباحات· أما الامارات العربية المتحدة فحضرت في معرض لندن للكتاب كراعية للثقافة العربية وجوائزها وقد بدا ذلك من المؤسسات المتعددة: هيئة ابوظبي للثقافة والتراث التي لفتت الانتباه الى مشاريعها الثقافية التي أطلقتها اخيرا، مثل ''جائزة الشيخ زايد للكتاب'' و''أكاديمية الشعر''، و''مشروع كلمة''، و''شركة كتاب'' ومشروع ''قلم''· وكذلك الترويج لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب· اما مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم فقد ركزت على التعريف ببرنامجيها: ''اكتب'' و''ترجم'' المعنيين بتشجيع الكتابة والتأليف والترجمة في العالم العربي، علاوة على التواصل مع دور النشر والترجمة الإقليمية والعالمية المشاركة وبحث فرص التعاون في إطار هذين البرنامجين الواعدين لإثراء المكتبة العربية بمؤلفات وترجمات جديدة· هل حقق العرب شيئا مهما أم لا من هذه المشاركة؟ إنها البداية ولا يمكن التفاؤل المفرط ولا أظن انه يمكن للعرب اقتحام الغرب نشرا وتأليفا وحضورا ثقافيا من المرة الاولى· ربما في المرات القادمة تتطور الفعاليات الى حوار بين المثقفين العرب والمثقفين البريطانيين في أمور شتى، بينها هموم الكتابة وفهم الآخر· جائزة الناشرين الشباب إذا كان الناشرون العرب خرجوا بالتفاتة معنوية لم تترجم كثيرا الى مقابل مادي، فإن بعض الناشرين الشباب من العرب، رشحوا للجائزة العالمية لرواد الناشرين الشباب، يمنحها المركز الثقافي البريطاني ضمن فعاليات معرض لندن للكتاب، فاز بها الناشر اليمني نشوان المغافي (مكتبة اليمن) ضمن تسعة مرشحين للجائزة· بينهم خمسة من الناشرين العرب الشباب، هم: منصور بالهول (الإمارات)، كريم إلياس (مصر)، ثريا باترجي (السعودية)، ونادين توما (لبنان)· وكانت مفاجأة مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في حفل الاعلان عن الجائزة، أنها أعلنت عن مساهمتها في طباعة عشرة عناوين لكل دار نشر عربية تم ترشيحها للجائزة ومجموعهم خمس دور، إضافة إلى شراء ألف وخمسمئة نسخة من كل كتاب من اجل دعم وتشجيع الناشرين الشباب، اما المغافي الفائز بالجائزة فسيحصل على دعم طبع 30 كتاباً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©