الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة الأرز الآسيوية··· جذور وعُقد

أزمة الأرز الآسيوية··· جذور وعُقد
24 ابريل 2008 01:54
تمثل مزرعة ''جانتالان بلورينزيو'' مفارقة واضحة في قلب أزمة الأرز الآسيوية المتفاقمة، فعلى الرغم من أن تلك الأزمة كانت تستدعي زيادة المساحات المزروعة أرزا، ومنها هذه المزرعة فإن ما حدث هو أن جزءا كبيرا من مساحتها، قد ظل معطلا بسبب عدم توافر كميات كافية من الماء، وفي الوقت الذي تطل فيه أزمة أرز إقليمية برأسها، مهددةً بحدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي، فإن الحقول المتعطلة في قرية السيد ''بلورينزيو'' تلقي الضوء على حالة من الفشل في السياسات، والفشل في التنبؤ بالتطورات المستقبلية، ليس في الفلبين وحدها وإنما في عدد من الدول الآسيوية أيضا، فقد ظلت الحكومات الآسيوية لعقود تشجع على الاستثمار في الخدمات وناطحات السحاب، ولكنها لم تفعل شيئا لزيادة الاستثمارات اللازمة لإنتاج المزيد من الأرز، على الرغم من الانفجار السكاني الذي شهدته تلك البلاد· هذا الإهمال يعتبر سببا من الأسباب الرئيسية لما يطلق عليه المحللون في الوقت الراهن'' العاصفة الكاملة''، والتي يقصدون بها تزامن عدد من الظواهر وتضافرها بما يؤدي إلى تشكيل أزمة كبيرة مثل الارتفاع في أسعار النفط عالميا، وتعدد حالات الجفاف، وسوء الأحوال الجوية، والتغيرات المناخية· يعلق ''دونكان ماكينتوش'' -المتحدث باسم'' المعهد العالمي لأبحاث الأرز'' الذي يتخذ من''لاجونا'' الواقعة على بعد 40 ميلا من العاصمة ''مانيلا'' مقرا له- على ذلك بقوله: ''إن ما يحدث يمثل إخفاقا في إدراك أهمية الزراعة، وهو ما يرجع في الحقيقة إلى أن الكثيرين أصبحوا ينظرون إلى الزراعة كنشاط غير عصري''· والفلبين -التي تعتبر أكبر دولة مستوردة للأرز في العالم تقع في عين العاصفة الحالية، وذلك بعد عجزها عن تأمين وارداتها التي تصل إلى مليون طن سنويا من الدول الكبيرة المصدرة لها مثل الهند والصين وكمبوديا وفيتنام- تدفع في الوقت الراهن أثمانا باهظة، لأي كميات من الأرز تتمكن من وضع يدها عليها، وهو ما أدى إلى المزيد من الارتفاع في أسعار تلك السلعة عالميا، وقد أدى ارتفاع أسعار الأرز، ونقص الواردات منه إلى ظهور مخاوف في هذا البلد من إمكانية اندلاع مظاهرات غذاء مثل تلك التي اندلعت في دول مثل هاييتي، والمكسيك، ومصر، وبوركينا فاسو، والسنغال قد تصل إلى حد المطالبة بإقالة الرئيسة ''جلوريا أرويو'' بسبب عجزها عن التعامل مع هذه الأزمة، هناك سؤال بسيط قد يتبادر إلى الذهن هنا وهو: لماذا تعجز الفلبين، وغيرها من الدول في آسيا عن إنتاج الكميات التي تكفي لإطعام شعوبها من الأرز· هناك أسباب تقع خارج نطاق سيطرة الفلبين وغيرها من الدول التي تتكون من أرخبيلات، منها أن حقول الأرز في تلك الدول تتوزع على آلاف الجزر الصغيرة، مما يجعل من عمليات إنتاج ذلك المحصول، وريه، وحمايته من الآفات، ونقله مكلفة للغاية، كما أن هناك سببا ثانيا، وهو أن الفلبين تفتقر إلى دلتا نهر تسمح بتوفير كميات وفيرة ورخيصة من المياه لحقول الأرز، مثلما هو الحال في دول أخرى مثل فيتنام والهند وكمبوديا على سبيل المثال، أما السبب الثالث فيكمن في ارتفاع أسعار البترول التي تؤدي بالتبعية إلى ارتفاع أسعار الأسمدة، والمخصبات، وتكلفة نقل المحاصيل إلى الأسواق· هناك بالطبع أسباب تقع في نطاق السيطرة منها على سبيل المثال، الفشل في التنبؤ بالتطورات المستقبلية، فعلى الرغم من الانفجار السكاني الذي كان يعني أن الاحتياجات من الغذاء، وخصوصا الأرز سوف تتفاقم، فإن الفلبين وغيرها من الدول الآسيوية استثمرت في الزراعة مبالغ أقل كثيرا مما تستثمره بقية دول العالم النامي، وعلى الرغم من أن آسيا يفترض أن تزرع مساحة إضافية من حقول الأرز تقدر بـ1 في المائة سنويا حتى تتمكن من توفير ما تحتاجه شعوبها من الأرز، إلا أنها مضطرة أن تفعل هذا مع وجود كميات أقل من المياه، وأراض أقل، وعدد من المزارعين أقل بسبب اتجاه أعداد هائلة من العمالة الزراعية للعمل في المجالات الأخرى· هناك أيضا سبب يتعلق بالفلبين، وهو أن تلك الدولة لم تمتلك يوما من الدوافع ما يجعلها تعمل على تحقيق الكفاءة في إنتاج الأرز، حيث كانت تجد دائما أنه ''من الأسهل بالنسبة لها شراءه من الدول المجاورة''، كما يقول ''أنجليتو بانيو'' مدير معهد ''بي آر· بوليتيك'' وهو مركز دراسات وأبحاث يتخذ من مانيلا مقرا له، ويرى ''بانيو'' أن الأزمة الحالية قد أثبتت بطلان هذا النمط من التفكير، وأظهرت مدى الحاجة إلى المزيد من التنسيق بين الدول الآسيوية في مجال إنتاج الأرز وتصديره، بحيث لا تقوم الدول المصدرة للأرز بفرض قيود صارمة على تصدير ذلك المحصول من جانب واحد مثلا، فتتسبب بذلك في خلق مشكلات للدول المستهلكة التي لا تجد أمامها في هذه الحالة من سبيل سوى الهرولة للبحث عن ذلك المحصول في أي مكان، وبأي سعر، مما يؤدي بدوره إلى مفاقمة الأزمة- تماما مثلما يحدث في الوقت الراهن· ويتفق الخبراء على أن قارة آسيا بحاجة في الوقت الراهن إلى ثورة زراعية ثانية، يتم من خلالها تخصيص المزيد من الاستثمارات على الأبحاث العلمية الخاصة باختراع وسائل جديدة لمقاومة الآفات والأمراض الزراعية، وتحسين كفاءة إنتاجها من المحاصيل الغذائية وعلى رأسها الأرز· بوهول- الفلبين ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©