الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون العراقيون··· محنة إلى متى؟

اللاجئون العراقيون··· محنة إلى متى؟
24 ابريل 2008 01:53
إنها أزمة إنسانية خطيرة، إذ يعيش 1,5 مليون لاجئ عراقي في ظروف صعبة ومزرية في سوريا والأردن، صحيح أنهم لا يعيشون في مخيمات، وإنما في أحياء حضرية، ولكنهم يتكدسون مزدحمين في شقق مظلمة وقذرة، كما أن الكثير منهم مازالوا يحملون آثارا نفسية جراء أعمال العنف التي شهدوها في العراق، ثم إن مدخراتهم أخذت في النقصان، حيث بات الكثير منهم غير قادر على دفع إيجار السكن والتدفئة والطعام، والقليلون منهم يتوفرون على الرعاية الطبية اللائقة، بعد أن التقينا مع اللاجئين والقادة في كل من سوريا والأردن وخبراء منظمة الأمم المتحدة، توصلنا إلى الاستنتاج الحتمي الذي لا مفر منه، في أن هذه الأزمة يمكن أن تتواصل لسنوات عدة وأنه لا بد من مزيد من المساعدات الآن، لا أحد يستطيع إنكار المسؤولية الخاصة التي تقع على عاتق الولايات المتحدة بخصوص تقديم المساعدة، ذلك أن العنف الطائفي الذي فر منه اللاجئون العراقيون ليس سوى نتيجة فرعية للغزو والمرحلة الكارثية التي تلته، والحال أن الولايات المتحدة بذلت جهودا أقل بكثير من ردها السخي تقليديا، غير أنه إذا كان على الولايات المتحدة أن تتزعم هذه الجهود، فإن نطاق هذه الحالة الإنسانية الطارئة ومدتها غير الأكيدة يتطلبان مساهمة المجتمع الدولي، ومن ذلك المشاركة الفعالة والنشطة للدول الأوروبية ودول الخليج العربي· فاللاجئون يواجهون اليوم ثلاثة خيارات: العودة أو البقاء أو إعادة التوطين، غير أن أيا من هذه الخيارات لا يعد جيدا، ذلك أنه من الخطورة بمكان العودة إلى العراق، كما أنهم سيزدادون فاقة وعوزا إن هم بقوا حيث هم اليوم، ثم إن بعضهم فقط سيعاد توطينهم في بلدان أخرى· وبالتالي، فيتعين على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذ ثلاث خطوات من أجل تخفيف محنة اللاجئين العراقيين إلى أن يأتي اليوم الذي يستطيعون فيه العودة إلى وطنهم في أمن وأمان، أولا، يحتاج هؤلاء اللاجئون بكل بساطة إلى مزيد من المساعدات، ونعتقد أنه لا بد من توفير ملياري دولار سنويا كحد أدنى، وذلك على مدى السنتين إلى السنوات الأربع المقبلة على الأقل من أجل خدمة هؤلاء الناس، ومن اللائق أن تغطي الولايات المتحدة نصف هذه الكلفة على الأقل· الواقع أن مساهمات المجتمع الدولي تعد غير كافية إلى حد كبير، فحتى الآن هذا العام لم تقدم الولايات المتحدة سوى 208 ملايين دولار على شكل مساعدات إنسانية مباشرة إلى النازحين العراقيين، هذا في حين قدمت دول الخليج العربي 11 مليون دولار منذ شهر أكتوبر، غير أنه بالنظر إلى أموال النفط المهمة، فيتعين على الحكومة العراقية أن تبذل جهودا أكبر على صعيد مساعدة مواطنيها النازحين: ذلك أن الـ25 مليون دولار التي رصدتها ضمن ميزانية هذا العام غير كافية ولا تفي بالغرض، كما يتوجب على البلدان المضيفة أيضا أن تسمح للمنظمات غير الحكومية بالوصول إلى اللاجئين العراقيين والأهالي المحليين المنكوبين· ثانيا، ونظرا لأن عددا لا بأس به من العراقيين لن يعودوا إلى وطنهم تحت أي ظرف، فلا بد من إعادة توطين المزيد من اللاجئين في البلدان الأخرى، غير أن الكثير من الأبواب أوصدت للأسف أو أنها توصد، وهنا أيضا، يتعين على الولايات المتحدة أن تتزعم، ولكنها لا تفعل، حيث لم تقم الحكومة الأميركية بإعادة توطين سوى أقل من 5000 لاجئ عراقي منذ أن بدأت الحرب، وبالتالي، فيتعين على الولايات المتحدة هذا العام على الأقل أن تحقق هدف إعادة توطين 12000 لاجئ عراقي، والوفاء بما التزمت به من قبول 5000 عراقي (وعائلاتهم) ممن سبق أن عملوا مع الولايات المتحدة ويستوفوا معايير الحصول على تأشيرات الهجرة الخاصة، هذا وتستطيع الولايات المتحدة في الواقع قبول 30000 عراقي سنويا على الأقل خلال السنوات المقبلة· ومن جهتها، يتعين على البلدان الأوروبية -وبخاصة بريطانيا التي، شأنها في ذلك شأن الولايات المتحدة، تتحمل قدرا من المسؤولية- قبول أعداد أكبر من العراقيين الأكثر تأثرا بتبعات الحرب كالنساء وأطفالهن والعراقيين الذين عملوا مع التحالف· ثالثا، من المهم لفت انتباه المجتمع الدولي إلى مشكلة اللاجئين العراقيين ولهذا الغرض، يتعين على الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ''بان كي مون'' أن ينظم مؤتمرا رفيع المستوى لدول الجوار والجهات المانحة المهتمة، ويتعين على هذا المؤتمر أن يبحث ويدرس محنة اللاجئين العراقيين ويتعهد بمساعدات ملموسة وحقيقية، ونظرا لأن ثمة أيضاً حاجة ملحة للخطوات التي من شأنها المساهمة في تحسين الظروف في العراق وتسهيل العودة الآمنة والطوعية للعديد من اللاجئين إلى العراق، فيجب على المؤتمر أن يشمل وزراء الخارجية الذين يستطيعون التعاطي مع الجوانب السياسية والدبلوماسية لهذه الأزمة، وليس الجوانب الإنسانية فحسب· اللافت أن المحادثات حول العراق سواء هنا أو في الخارج تركز على زيادة عدد القوات الأميركية في العراق، وعلى الجداول الزمنية لسحب الجنود الأميركيين، وبالتالي، فما ينقص هو تقييم واقعي لمصير اللاجئين العراقيين الذين يقدر عددهم بـ1,5 مليون شخص ولديهم دور مهم ليلعبوه في ضمان استقرار المنطقة على المدى البعيد· مورتون أبرامويتز - رئيس سابق لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي جورج روب - رئيس سابق لجامعة كولومبيا جون وايتهيد - نائب سابق لوزير الخارجية الأميركية جيمس وولفنسون - رئيس سابق للبنك الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©