الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ألف ليلة وليلة هيروشيمية

ألف ليلة وليلة هيروشيمية
11 يناير 2008 00:35
بالرجوع إلى ''ألف ليلة وليلة''، والتي سأرمز لها لاحقاً بـ ''أ· ل· ل'' ومقارنتها مع زمن الليالي التي نعيشها الآن، سنجد أنها صارت في عداد الموتى، فالتطوُّر المادي والتكنولوجي للواقع، تخطّى مراحل النُّصوص الخيالية السابقة بفوارق لا نهائية، كما أن عوالم السُلطة والفقر الحاليين تنتج ما يعجز عنه العقل تعبيراً، حتى أن اللسان، أو لنقل الكلام أصبح غير ذي فائدة نَصِّية تُذكر· ولو اضطررنا، من باب التسلية، أن نرى ما الذي تبقّى من ''أ· ل· ل'' غير كونها صارت نَصَّاٌ متعدياً لشخصها ذاته، لن تكون سوى قناة تلفزيونية لمسلسلات قديمة، ووضعية لخيال قاصر في واقع مزهو بسُلطته كأنه أحد أفلام الفضاء، لكن الدور السردي للتوالد الحكائي سيبقى، باعتباره أحد مصائر اللذة الخفية بين الحاكم والمحكوم· ليس بالضرورة إقامة المقارنة على أساس ما يحدث ـ في سياق الأذهان، وبيوتاته الماجنة بإطلاق غرائز التاريخ الاقتصادي والديني الدراكولية ـ، وما نراه في المولات ومدن الملاهي، وأشكال الأسلحة الحديثة، والحروب، وحفلات الأغاني، والغرب القاتل، والشرق الخانع، ومافيا بيع الأعضاء البشرية، وآكلي لحوم الخيال الحديث، الذي لم يعد سوى نوع من الشاورما· أقصد لسنا محتاجين للمقارنة على أساس أي معنى طبقي، على الرغم من الوضوح التام لطبقية العالم القاسية والصارمة الآن، بين المجتمعات على حدة، كما بين الدول· إن السرد المنتج في ''أ· ل· ل'' مفتوح على جغرافيات ذهنية وخيالية عدَّة، لا يستطيع نظام العولمة المبني على الاقتصاد الحديث الآن أن ينتج مثله، فشكل الاستشراف الإنساني للعدل بين هذا وذاك، اختلفت نوازعه· لقد تمَّ تقسيم العالم تقسيماً حاداً، وهذا ما يجعل الصراع يتجاوز مفهوم المآسي القديمة، عنتر وعبلة، أوديب، هاملت، أنتيجونا··· إلخ، ويجعل مهمة شهرزاد لتأجيل موتها، ومغامرات السندباد، والبساط السحري·· إلخ، نوعاً من الخيانة العسكرية لمهمة العالم الآن، ولننظر إلى تاريخ وجود الغجر وتاريخ انتهائهم· وما كان يبدو في ''أ· ل· ل'' على أنه تقديس ترفيهي لدور الفقراء وفقرهم، ـ والعَدل ونبذ الظلم ـ، ولو بقصد إبقائهم في حدود دورهم التمثيلي في الواقع كما في الخيال، وما كان يبدو فيها من احتماء الأمراء والحاكمين بشرعيتهم للسيطرة على مقاليد السرد، لن يوازي اكتشاف القنبلة الذرية وإلقاءها على هيروشيما، فلن يستطيع مثلاً مشهد خروج الجني من المصباح، أن يصمد أمام الاستجفال البدني والعقلي لمشهد انفجارها· قد تكون المقارنة بين امرأة تغسل ملابس عائلتها على يدها على شاطئ الترعة، ونشرها على أحبال الشمس، وبين غسالة ونشافة أوتوماتيكيتين تقومان بذلك، قد تكون المقارنة عادلة، بل ومتطابقة في معنى العدل الوجودي بين زمنين لهما اختلافهما العلمي· أما المقارنة بين ''أ· ل· ل'' بمغامراتها القطنية، وبين الهيجان الغربي للكرة الأرضية الآن، فلن تكون إلا نوعاً من الكسل والنوم بسخاء في الحضيض· eachpattern@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©