الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الربيع العربي»... لحظة أوباما في الشرق الأوسط

«الربيع العربي»... لحظة أوباما في الشرق الأوسط
23 فبراير 2011 21:28
ويليام كريستول محلل سياسي أميركي من الممكن بالطبع، بل لعله من المرجح، أن ينتهي الربيع العربي لعام2011 بالإخفاق، كما أخفقت من قبل فصول ربيع سياسية أخرى في الشرق الأوسط، وغيره من المناطق في مختلف أنحاء العالم، ولم يقدر لها أبداً الاكتمال. مع ذلك، سيتبقى هناك من الأسباب المستمدة من الشرف والواجب، ما يدفع الولايات المتحدة لتقديم يد العون، وعمل الشيء الصحيح، والوقوف مع معارضي الطغيان، حتى لو انتابها الشك، بل وربما قدر كبير من اليقين بأنهم سيتعرضون للإخفاق في خاتمة المطاف. نحن بالطبع لا نعرف أن الربيع لن يكتمل. ولكن لا شيء على الإطلاق يبرر وقوف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي، مقيدة بعدم اليقين، مفتقرة للحجة، مشلولة بالشك في النفس، مثلما فعلنا ونحن نتفرج على الانتفاضات التي اندلعت نيرانها قبل أن نتمكن من رصد مؤشراتها في الشرق الأوسط، عندما رحنا نفكر، ونتأرجح، ونتذبذب، ونحن نرى لحظة تاريخية من لحظات الشرق الأوسط، وهي تتسرب من بين أيدينا. لقد كانت تلك لحظة أخرى ضائعة. ليس فقط لأن تلك اللحظة كان من الممكن لو أمسكنا بها أن تثبت صحة ومصداقية المبادئ الأميركية، وليس لأنها كان يمكن أن تساعدنا كثيراً على تحقيق مصالحنا، ولكن لأننا أيضاً كنا نتباهى دوماً بأن المبادئ الأميركية هي في الوقت ذاته مبادئ عالمية، من الواجب مقاربتها، متى ما كان ذلك -وأينما كان ذلك- ممكنا. ويمكننا القول إن هناك على أقل تقدير جهوداً تبذل لمقاربة تلك المبادئ في الشرق الأوسط في الوقت الراهن. قد لا نتمكن من التحكم في محصلة تلك الجهود، بل وقد لا نكون قادرين على التأثير فيها بشكل حاسم، ولكن علينا - مع ذلك - أن نتذكر أن قوى الحضارة لا تخلو عادة من الحيل والأساليب، التي يمكن أن تلجأ إليها وتستعين بها عند الحاجة. وتحديد ماهية الأشياء التي يتعين عملها في كل حالة من الحالات، أمر على درجة كبيرة من التعقيد، لأنه يعتمد في البداية والنهاية، على التحليل الدقيق للحقائق، كما هي على الأرض. ولكن، هناك مع ذلك خطوط إرشاد عامة يمكننا الاهتداء بها، منها على سبيل المثال، زيادة عدد المحللين والمعلقين المنوط بهم بحث قضية أو حالة ما، وقضاءهم وقتاً أطول للخروج بتصور عما يمكن عمله على وجه التقريب، وتقليص الوقت الذي يقضونه في محاولة إيجاد أوجه شبه بين الحالة المطروحة، وحالات أخرى مقاربة لها، أملاً في الخروج بتصور تقريبي عما يمكن أن تنتهي إليه الأمور، أو لمحاولة العثور على المزيد، والمزيد، من الأسباب التي تجعلنا نقرر أن أي دور سنقوم به سوف يكون مآله الفشل في النهاية. إذا ما فعلنا ذلك فقد نتوصل من خلاله لنتيجة مفادها أننا في الحقيقة نمتلك من الوسائل والآليات التي يمكن لنا بها التأثير على مجريات الأحداث، أكثر مما كنا نتوقع بكثير. ولكننا لا نستطيع الاعتماد على المحللين والمعلقين فقط في مثل هذه اللحظات، التي يتطلع فيها الجميع عادة نحو شخص بعينه هو الرئيس، كي يروا ماذا يقول، وماذا يفعل، وكيف يتصرف، وكيف ستكون نتيجة كل ذلك. وهذا تحديداً هو ما فعله الكثيرون منا، عندما نظروا باتجاه الرئيس، ولكن ما توقعوه منه لم يحدث. فالشيء الذي افتقدته إدارة أوباما في استجابتها، هو الإحساس بإمكانية اللحظة، وبقابلية حدوثها، وتوافر الالتزام الكافي من جانبها ببذل كل ما في وسعها، لضمان أن تلك اللحظة سوف تتبلور في أبعادها الكاملة، ويقينها التام بأن هذه اللحظة هي من اللحظات الفارقة في تاريخ العالم التي يجب أن تخرج بنا عن مسارنا العادي والرتيب. مثل هذه الأمور تتطلب من الرئيس ما هو أكثر من الخطابة - على أهميتها كنقطة بداية. إنها تتطلب منه، مثلًا، جهوداً جسورة علنية ومستترة، مباشرة وغير مباشرة... وتتطلب منه مساعدة الليبراليين - بالمعنى القديم للكلمة - في الشرق الأوسط. وهذه الأمور تتطلب من الرئيس التفكير ألف مرة قبل استخدام القوة إذا كانت القوة ستستخدم في قتل المدنيين الأبرياء، كما تعني الانخراط الكامل للحكومة الأميركية في القضية موضوع البحث، وتعني في النهاية القيام بجهد واسع النطاق مع الحلفاء والمنظمات الدولية، والتركيز الحقيقي على التحديات التي تطرحها اللحظة التاريخية. إن هذه اللحظة التاريخية يمكن أن تكون لحظة أوباما أيضاً. ربما لا تكون هذه اللحظة هي تماماً اللحظة التي توقعها، أو التي تمناها وأرادها. ليس هذا فحسب، بل وربما يكون أوباما نفسه ليس هو الرئيس الذي كنا نفضل لو كان موجوداً لدينا كي يتعامل مع تلك اللحظة.. ولكن هذا هو الواقع أمامنا وهذه هي لحظتنا. التاريخ يحفل بالمفارقات الساخرة، ولكن ذلك ليس دعوة لاعتناق السلبيـة، وليـس في حد ذاته سبباً يدعوه للوقوف موقف المتفرج على ما يحدث أمامه دون أن يتدخل بالتأثير فيه. وإذا تمكن أوباما من الارتفاع لمستوى اللحظـة التاريخيـة، وإذا استطـاع تقديـم مـا يستطيعه من عون، من أجل مساعدة زهور الربيع العربي على التفتح، حتى لو جزئياً، فإننا -منتقدو إدارته- سوف نكون على استعداد وقتها لتقديم التحية لها. ولسنا وحدنا فقط من سيفعـل ذلـك ولكـن -وهذا هو الأكثر أهمية بما لا يقاس- مئات الملايين من عشاق الحرية في أركان المعمـورة الأربعـة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©