الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قوات «السلام» في مقديشو... الرهان والتحدي

قوات «السلام» في مقديشو... الرهان والتحدي
30 مايو 2009 00:02
للاتحاد الأفريقي رحالهم في العاصمة الصومالية مقديشو، حتى بادر المتمردون إلى استقبالهم بتحذير واضح وصريح: «أميسوم، سوف نقتلكم جميعاً». كانت تلك هي الرسالة النصية القصيرة التي تلقوها في هواتفهم النقالة. وقد تصاعد القتال في مقديشو خلال الشهر الماضي في وقت باتت تتحمل فيه قوات حفظ السلام الأفريقية بشكل متزايد، وهي التي تعاني أصلاً من نقص في الجنود والموارد، عبء النزاع المرير الذي يخوضه متمردون إسلاميون متطرفون ضد حكومة انتقالية معتدلة. وإذا كان بعض المحللين يقولون إن المهمة تمضي بشكل جيد بالنظر إلى الظروف المحيطة بها، فإن مسؤولي «أميسوم» يقولون إنهم- والحكومة الهشة التي يحاولون حمايتها- معرضون للخسارة على جبهة مهمة هي «حرب المعلومات». وقد بدأ المتمردون الموالون للمليشيات المعروفة باسم «شباب المجاهدين» و«الحزب الإسلامي»، أحدث جولة من هجماتهم على الحكومة في الثامن من مايو الجاري، وتمكنوا من «تضليل» المجتمع الدولي حول قوتهم، كما يقول «نيكولاس بواكيرا»، المبعوث الخاص لمفوضية الاتحاد الأفريقي إلى الصومال ورئيس بعثة حفظ السلام، لكن «أميسوم» ترد الهجوم الآن بالكلمات. ومن مكتبه في نيروبي، حيث يوجد مقر «أميسوم» بسبب انعدام الأمن في مقديشو، يقول بواكيرا إن مهمته تتمثل في وضع النقاط على الحروف، مضيفاً أن «الصورة السائدة هي أن الحكومة لا تسيطر على أي شيء في الصومال، وهذا غير صحيح». وفي هذا الإطار، تخطط «أميسوم» لإطلاق حملة توعية عامة، ستقوم خلالها بتوظيف صحفيين من أجل صياغة المهمة ورسالة الحكومة، وإعادة إحياء وتأهيل الإذاعة الحكومية «راديو مقديشو»، ونشر مقالات في الصحف المحلية. وفي هذا الصدد يقول «فريد نجوجا جاتيريستي»، ومستشار بواكيرا: «إننا نريد حقاً أن نحكي القصة ونقل الصورة كما هي»، مضيفاً: «إننا سنقوي ونمكن الصوماليين من قول قصتهم الحقيقة؛ وهي أنهم لا يريدون الوهابية». هذا، ومن المنتظر أن تمنح البعثةُ الأفريقية المنظمات المحلية غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني موارد لـ «شن حربها». لكن البعثة ما زالت تواجه تحديات جسيمة بعد أكثر من سنتين على شروعها في الانتشار بالصومال، حيث تسبب الاقتتال الداخلي في حرمان هذا البلد من حكومة مستقرة منذ عام 1991. فبعد وعود كثيرة، لا تتوافر «أميسوم» اليوم سوى على حوالي نصف جنودها الـ8000 المفوضين، وهي 3 كتائب أوغندية وكتيبتان بورونديتان. غير أن بواكيرا يقول إنه «متفائل جداً وواثق» من أن البعثة ستصل إلى قوتها الكاملة بالنظر إلى تعهدات كل من سيراليون وملاوي اللتين من المؤكد أنهما ستفيان بها. وإذا كان نشر كتيبة عسكرية من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، يستغرق في العادة فترة تتراوح ما بين تسعة أشهر واثني عشر شهراً، فإن بلدان الاتحاد الأفريقي تستطيع الانتشار بشكل أسرع نظراً لـ «التزامها»، كما يقول بواكيرا. والحال أن نيجيريا تخلفت عن في الوفاء بإرسال كتيبة كانت قد وعدت بإرسالها، في حين ترددت بوروندي كثيراً قبل أن ترسل كتيبة ثالثة. وفي هذا السياق يقول «روجر ميدلتون»، المحلل المتخصص في الصومال بمركز «تشاتم هاوس» البحثي بلندن: «إنك في هذه الحالة لا ترسل جنودك إلى مكان حيث سيقومون بحفظ السلام، بل ترسلهم إلى مكان حيث سيكونون هدفاً للنيران»، مضيفاً: «ولذلك، أستبعد كثيراً أن يرسل أي بلد آخر جنوده إلى هناك». وحتى الآن، فقدت البعثة الأفريقية إلى الصومال 43 من جنودها، في وقت تواجه فيه بشكل متزايد هجمات انتحارية متطورة وكميات غير مسبوقة من الأسلحة، من بينها الصواريخ المضادة للطائرات وصواريخ أرض- جو. ويقول المحللون إن إريتريا هي الداعم الرئيسي للمتمردين الصوماليين الذين يحصلون على التمويل من بلدان أخرى. وهذا الأسبوع، اعترف الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد، بعد نفيه المتكرر في السابق، بوجود عناصر خارجية من «القاعدة» في بلاده، ودعا الصوماليين والمجتمع الدولي إلى مساعدة الحكومة على التغلب عليهم، مما يمثل في رأي البعض مؤشراً على مدى السوء الذي باتت عليه أوضاع الصومال. والواقع أنه حتى «أميسوم» تعترف بأن 8000 جندي لن يكونوا كافين لوقف القتال، وذلك على اعتبار أنه في التسعينيات، كانت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتوافر على أكثر من 20 ألف جندي في الصومال، من بينهم جنود مدربون تدريباً جيداً من قوات «المارينز» ويتوافرون على أفضل الأسلحة والمعدات في العالم، «ومع ذلك، لم يستطيعوا حفظ السلام»، كما يقول ميدلتون. ثم يواصل قائلاً: «إن أكبر مشكلة تواجه قوة حفظ السلام اليوم تتمثل في أنها في بلد لا يوجد فيه سلام أصلاً». وقد أرغم القتال الأخير في مقديشو 57 ألف شخص على الفرار من مناطقهم في أقل من ثلاثة أسابيع، بينما فر 8 آلاف يوم الجمعة قبل الماضي وحده حين شنت الحكومة هجوماً مضاداً، وذلك حسب الأمم المتحدة. كما قُتل 208 أشخاص وجُرح 700 آخرون، 80 في المئة منهم مدنيون، كما أفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن وزير الشؤون الإنسانية محمود إبراهيم جروين. وتتمثل أولويات «أميسوم» في ثلاثة أمور هي: حماية المؤسسات الحكومية والنقاط الاستراتيجية (مثل المطار والقصر الرئاسي)، وبناء قدرة القوات الأمنية المحلية، وتسهيل العمليات الإنسانية. وتقول باولا روك، الباحثة المختصة في شؤون القرن الأفريقي بمعهد الدراسات الأمنية، وهو مركز بحثي في بريتوريا بجنوب أفريقيا: «أعتقد أنها تمضي على نحو جيد حقاً، خاصة الآن مع ما يسميه الناس معركة مقديشو»، مضيفة: «لقد لعبت أميسوم دوراً أساسياً في حماية الخط الأمامي، خط الحكومة». ومن جانبه، يقول محلل إقليمي، طلب عدم ذكر اسمه، إن أميسوم بدأت في إبهار الناس الشهر الماضي فقط من خلال «صمودها في ظل الظروف الصعبة جداً»، ثم يضيف: «لقد أثبتوا أنهم في مستوى التحدي حقاً!». هبة علي - نيروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©