الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الطب والتكنولوجيا يتجاوزان حصار الاحتلال لغزة

الطب والتكنولوجيا يتجاوزان حصار الاحتلال لغزة
4 مايو 2016 21:01
اخترق جهازا كومبيوتر لوحيان وكاميرتان متناهيتا الدقة الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، منذ عشر سنوات، على قطاع غزة حيث نقلت تقنية علمية جديدة لطاقم طبي في القطاع الفلسطيني يد جراح لبناني وخبرته عبر الحدود ليستعين بها زميل له في غرفة عمليات تبعد مئات الكيلومترات.
               
ويشرح الدكتور غسان أبو ستة رئيس قسم جراحة الترميم في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت التقنية بقوله "المهم في هذه التكنولوجيا أنها قادرة على أن توفر في الأماكن- حيث لا مياه ولا كهرباء- الخبرات الطبية اللازمة عبر الانترنت والأقمار الاصطناعية".

واستخدمت  تقنية بروكسيمي (Proximie) للمرة الأولى في لبنان والمنطقة في مطلع الأسبوع في إرشاد الطبيب حافظ أبو خوصة في غرفة عمليات في مستشفى "العودة" في قطاع غزة إلى الخطوات الدقيقة التي يتعين عليه اتباعها في ترميم يد مريض تعاني من تشوه خلقي أدى إلى قصر المسافة بين الإبهام والسبابة وأفقدها القدرة على الإمساك بالأشياء بطريقة صحيحة.

ومن غرفة اجتماعات عادية مكتظة بالمتفرجين في مستشفى الجامعة الأميركية، رسم أبو ستة بقلمه على يد المريض البادية أمامه على شاشة الجهاز اللوحي الشق الذي يتعين على أبو خوصة إحداثه لإطالة المسافة بين الإصبعين من دون المس بأعصابهما بينما كانا يتشاوران مباشرة حول عمق الشق الجراحي المطلوب وطريقة لأم الجرح بعد الانتهاء من العملية.

وخلال العملية التي استغرقت نصف ساعة تقريبا، كانت الجراحة الترميمية نادين حشاش حرم مبتكرة فكرة "بروكسيمي" ومهندس البرمجيات طلال علي أحمد الذي حولها إلى حقيقة يواكبان التفاصيل وسير الخطوات تفاديا لأي انقطاع في التواصل بين الطرفين.

وشرحت حرم نشأة الفكرة بالقول "قبل عامين، دعونا جراحين من العراق واليمن وسوريا لنعلمهم كيفية إجراء عمليات معينة وتطوير قدراتهم لكن لم يتمكن أحد من الحضور بسبب الأوضاع في المنطقة فشعرنا أن فرصة ثمينة قد ضاعت هباء ولم نتمكن من مساعدتهم".

وأضافت "من هنا، فكرنا في تقنية جديدة يمكن أن تفيد الجراحين وتملأ هذه الفجوة في التواصل معهم فخرجت فكرة برنامج بروكسيمي فطورتها بالتعاون مع زميلي طلال وباتت الآن مستخدمة في الأميركيتين وبريطانيا وفيتنام وها هي تطبق في الجامعة الأميركية لمساعدة غزة وإن شاء الله تتطور لتستخدم في المنطقة بأكملها".

ومضت حرم في الحديث بحماس عن التقنية العابرة للصراعات والحدود قائلة "ما يميز بروكسيمي أنها يمكن أن تستخدم في كثير من المجالات.. في الحرب والجراحات الميدانية وفي المستشفيات التي تعاني نقصا في الكادر الطبي وتحتاج لآراء استشارية ومع طلاب كليات الطب الذين سيتمكنون بفضلها من التعلم بشكل مباشر".

وأشارت إلى أن منظمات دولية مثل "أطباء بلا حدود" والصليب الأحمر أبدت اهتمامها بهذه التقنية وتتفاوض مع المعنيين لبدء اعتمادها نظرا لما يحدث في المنطقة.

ومن الناحية التقنية، أكد أحمد أن ضعف الانترنت في أي منطقة لا يؤثر على الإطلاق على القدرة على التواصل إذ يمكن تعديل حجم الشاشة التي يظهر عليها مكان الجراحة ليتلاءم مع الظروف المتوفرة.

من جانبه، أوضح أبو ستة أن "أهمية هذا البرنامج هي في عدم اعتماده على أكثر من جهاز لوحي موجود في مستشفى المتلقي للاستشارة. وهذا يعني أننا في  المستشفيات المتقدمة تقنيا يمكن أن نقدم للمستشفيات الميدانية أو المستشفيات الأخرى في مناطق الصراع.. حيث الانترنت ضعيف.. خبراتنا وأن ندعم الطواقم الجراحية التي تجد نفسها أمام عمليات لا خبرة لها بها".

وأشار إلى أن أهميته مع قطاع غزة تحديدا في ظل الحصار المفروض عليه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي هو "توفير التواصل بين الأطباء في القطاع وزملائهم خارجه بسبب عدم قدرتهم على مغادرة منطقتهم. وبالتالي، فإن جزءا من أهمية هذا البرنامج تكمن في تقديم الدعم من ناحية التواصل رغم الحصار إلى أن تنتهي الأزمة ويقدرون على التنقل ليمارسوا ما يقوم به أي طبيب وهو التطوير المستمر للقدرات الطبية".

وفرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارا على قطاع غزة عام 2006.

ومن غزة، قال أبو خوصة "المشكلة عندنا تكمن في الافتقار إلى الخبرات. وعبر هذه التقنية، بات يمكن مثلا ربط مستشفى الشفاء في غزة مع مستشفى جامعة النجاح في نابلس.. وممكن أن يقوم الجراح وهو في بيته بتوجيه الطاقم الطبي في غرفة العمليات".

وأضاف "ممكن أن تساهم هذه الطريقة أيضا في علاج بعض الحالات الصعبة الموجودة. وحتى نبدأ في تعميمها، يجب أن ندرب الطاقم الطبي بمشاركة أطباء من الخارج ..  ليتم الاستعانة لاحقا بالخبراء في أي  مكان للمساهمة في علاج هذه الحالات".

ومضى يقول "في الوضع الذي نعيشه في غزة، يمكن أن تحل هذه التقنية جزءا من المشكلة التي نعانيها".

ويعاني المجال الصحي في قطاع غزة، مثل غيره من المجالات، تدهورا كبيرا جراء الحصار وبعد حروب متتالية باتت الحاجة إلى الخبرات والمهارات الخارجية أكثر إلحاحا.

وقال عمر النصر المتحدث باسم وزارة الصحة إن إجراءات الاحتلال الإسرائيلي تعوق عمليات التحويل الطبية التي تجري عبر منفد واحد من قطاع غزة. وأضاف "بكل تأكيد، قطاع غزة يخضع لحصار جائر يؤثر على كافة نواحي الحياة ومن ضمنها الوضع الصحي".

ويعاني كثير من سكان غزة من إصابات تحتاج إلى متابعة أو ترميم جراء الحروب المتتالية التي شهدها القطاع.
               
وربما لا تستطيع التقنية الطبية الجديدة أن تذلل كل المصاعب لكنها قد تكون الملاذ الأخير في ظروف مستحيلة ليتحايل الأطباء من أجل إنقاذ جريح أو مريض بمشرط جراحي يمسك به زميل لهم في مكان ما من العالم ليخط على جهاز لوحي رسما قد يمنح الكثيرين حياة جديدة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©