الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيانكا ماضية: الشعر لا يكتب تفاصيل الغليان

بيانكا ماضية: الشعر لا يكتب تفاصيل الغليان
23 فبراير 2011 19:42
تماماً كما معظم الأدباء في عصرنا الحالي؛ أبحرت الروائية السورية بيانكا ماضية في بحر الأدب وغاصت في عوالم أدباء كبارا كتبوا لنا خلاصة أفكارهم وتجاربهم وضمّنوا أعمالهم الأدبية سيرة هذه الحياة بكل ما فيها من قيم ومعانٍ. فمع عبد السلام العجيلي، ومي زيادة، وجبران خليل جبران، ونزار قباني، وغادة السمان، وكوليت خوري، ونجيب محفوظ، وطه حسين وغيرهم، كانت رحلتها الممتعة في عالم الأدب، الرحلة التي ما تزال تتذكّر تفاصيلها إلى الآن ـ المكان، الزمان، حقائب السعادة التي حملتها في تلك الرحلة، ألوان الأقلام التي كتبت بها على هوامش تلك الأعمال الأدبية، سفينة القيم الإنسانية التي حملتها، غرف الأفكار التي زارتها فتشبّعت بها، العبارات الساحرة التي اقتطفتها وزرعتها في دفترها “عبارات لاتنس”. ساهمت جميعها إضافة إلى شغفها باللغة العربية وتخصصها الجامعي بها في متابعة الإبحار والغوص بأعماق الأدب أكثر، فأصدرت خلال 3 سنوات روايتين، وهناك المزيد ينتظر النور. بيانكا ماضية تتولى الآن مسؤولية القسم الثقافي في جريدة “الجماهير” بمدينتها حلب. وحازت ماضية المركز الثاني في جائزة سعاد الصباح في النقد عن دراستها “المدينة في شعر نزار قباني”، وجائزة القصة من (وكالة أبي الهول)، فيما تواصل المشاركة في النشاطات الأدبية التي تقيمها المؤسسات والنوادي الثقافية في بلدها وخارجها. وهنا حوار معها عن تجربتها الكتابية والثقافية: ? المحيطون بك يعرفون أن بداخلك شاعرة وقاصة، وربما كانوا ينتظرون صدور ديوان شعر، لماذا ذهبت إلى الرواية؟ ? بدأتُ في مرحلة اليفاعة بكتابة النصوص النثرية التي لا تزال إلى الآن الصنف الأدبي المحبب لدي، وفي المرحلة الجامعية بدأت أكتب قصائد النثر وكانت لي محاولات في كتابة القصيدة العمودية لكنني آثرت المضي في كتابة قصائد النثر. إنما لم أذهب إلى الرواية بل هي التي أتتني في ذلك الوقت، شأنها شأن القصة معي أيضاً. فقد أتتني زائرة لطيفة قدمت كل ما لديها من محبة، فلم أمتلك إلا أن أبادلها تلك المحبة، فكتبتها، وكنت مستمتعة جداً بما كنت أكتبه ومتألمة جداً فيما لم أستطع كتابته. ? هل تقصدين أن ثمة باب ما استعصى عليك فتحه؟ ? كانت الرواية هي الباب الذي بقي عصيّاً أمامي حين كنت أكتب قصيدة النثر والقصة القصيرة، الباب الذي يخفي وراءه عوالم كانت تتوق نفسي لرؤيتها؛ للإمعان في تفاصيلها، عوالم فيها المساحات شاسعة، والأجواء ساحرة، وفيها كل ماكنت أنتظره منذ شوق بعيد. ووجدت المفتاح المناسب أخيراً، بعد أن استعصت مفاتيح كثيرة على فتح باب ذاك العالم الذي رأيته يشبه عالماً كان يغلي في داخلي. ولم يكن للشعر أن يكتب ذاك الغليان والتفاصيل بحروفه القليلة. القصة والرواية ? يُلاحظ أيضاً أنك ولجت عالم القصة القصيرة ونلت جائزة عن إحدى قصصك دون أن تتحمسي لإصدار مجموعة قصصية؟ ? حدث أن قرأت قصة لشاب فلسطيني اسمه محمود ماضي، حرضت بي نوازع كامنة في داخلي، وجعلتني أخوض غمار كتابة القصة، فكتبت تأثراً قصة “فصل من سيرة روائي عاشق” وهي القصة التي نلت عليها جائزة “وكالة أبي الهول” في مصر. ثم تتالت القصص وكأن فتحاً أدبياً قصصياً قد أتاحته لي تلك القصة الفلسطينية، إنما دون أن أصدر مجموعات قصصية. ولم أجد نفسي فيما بعد إلا وأنا أخوض غمار الرواية، هذا الجنس الذي وجدت فيه نفسي حقيقة. ? أثار كتابك الأول “سليمان الحلبي” الذي أنجزت جزءاً منه في فرنسا ضجة إعلامية ترافقت مع حملة وطنية، ما يعني لك هذا؟ ? أفتخر وأعتز بكتابي ذاك، إذ تناولت فيه سيرة بطل لم نكن لنجد عنه الدراسات والكتب التاريخية التي تناولته كشخصية بمفردها، إذ جمعت فيه تقريباً كل ما كتب عنه، وكل الكتب والموسوعات التي تناولته وعرّفت به. وعلى الرغم من أنه صدر في عام 2007 يُطلب مني دائماً، خاصة من المثقفين العرب تحديداً في سورية ومصر، لما أثاره من ضجة إعلامية ترافقت مع الحملة الوطنية الشعبية المطالِبة باسترداد جمجمة سليمان الحلبي ورفاته من باريس. ? أصدرت روايتك “هو في الذاكرة” في نهاية العام المنصرم، أخبرينا قليلاً عن ذكريات توقيع روايتك؟ ? أولى الصور التي تقفز إلى ذاكرتي عن حفل توقيع الرواية، وجود أمي ـ رحمها الله ـ فيه، وقد رحلت عن عالمنا بعد ذاك الحفل بأسبوعين، أتذكر إصغاءها لي حينما كنت ألقي كلمتي فيه، أتذكر سرورها وغبطتها آنذاك، إذ كان حلمها أن أكون كاتبة شهيرة والحمد لله أنني حققت جزءاً من حلمها. وكثيرون من الأدباء أشاروا إلى أن في هذا العدد المهم الذي حضر الحفل ما يشير إلى أن الثقافة في مدينة حلب بخير، وأنها لا تعاني من جفاف وركود وضعف. وقد شعرت حقاً بأنني فراشة الأدب في مدينة حلب (كما أشار بعض الأدباء)، كما أن أصداء الرواية واستقبال النقاد لها أسعدني خاصة الآراء التي أعلنت إعجابها بالأسلوب وفكرة القصة، ومن ثم التقنية الجديدة التي وظفتها في الرواية، حتى أن أحد النقاد السعوديين الدكتور عبدالله بن أحمد الفيفي، أشار إلى لغتها بقوله “استغرقتني الرواية في جاذبيتها، وثرائها المعرفي والتاريخي، ولغتها جاءت قمّة في الروعة والدقّة بحقّ”. ? ما رأيك في الحركة “الأدبية النسائية” وأي أسماء تجدين لها بصمتها في عالم الرواية؟ ? نستطيع القول إن الحركة الأدبية النسائية هي أهم حركات التحرر في القرنين 20 ـ 21، لما شهدته من تحولات فكرية وجمالية وفنية، استطاعت من خلاله المرأة كسر الحصار الذي قيدها به الرجل، كما كسرت مقولة: لا إبداع نسائياً! لأنها أثبتت أن إبداع المرأة لا يقل أهمية وفكراً ووعياً وفناً عن إبداع الرجل، وأنا لست مع الذين يقولون بأن “الكتابة حقل ذكوري خالص”. ومن هنا فقد أصبحت المرأة عنصراً فاعلاً في الحياة الثقافية والأدبية. ومن أهم الأسماء برأيي غادة السمان وكوليت خوري وأنيسة عبود، وأحلام مستغانمي، وسحر خليفة، وهيفاء بيطار، وسمر يزبك، ولينا هويان الحسن، وغيرهن. الورق والنشر الإلكتروني ? هل أنت مع الكتاب والرواية الإلكترونية أم ما زلت تنتصرين للرواية الورقية؟ ? أنا مع كل أشكال الإبداع أكان ورقياً أم إلكترونياً، ولكن لكل شكل نكهته الخاصة، ومتعته الخاصة، والتقنية الفنية التي يقدم من خلالها. ولا أنكر أنني أميل إلى الرواية الورقية، فللورق سحره الخاص ورائحته التي لا تفنى وملمسه الذي لطالما أثّر في إبداع الأدباء، لكنني لست ضد الرواية الإلكترونية لأنها في عصرنا الحالي هي الأسرع إلى المتلقي. ? كونك رئيسة القسم الثقافي في جريدة “الجماهير”، كيف تقيمين دورك، وكيف تنظرين إلى واقع الثقافة الأدبية في بلدك؟ ? سعيت من خلال عملي رئيسة للقسم الثقافي إلى استقطاب كتّاب وأدباء المدينة، وبذلت جهداً لابأس به للنهوض بالصفحة التي كانت مقتصرة على أسماء أدبية معينة، مع التأكيد على بعض التقصير من جهتي الذي أعزوه إلى قلة المحررين العاملين في القسم الثقافي. أما الواقع الأدبي في حلب فهو يبشر بالخير بعد الجمود الذي كان مسيطراً عليه. هناك الآن جهود متميزة للنهوض به سواء على صعيد الفنون والآداب. فهناك فترات يسيطر فيها الجمود على النشاطات الثقافية، إلا أن الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تقيمها مديرية الثقافة ودار الكتب الوطنية والجمعيات والنوادي الثقافية وجامعة حلب تجعلنا نقيّم هذا النشاط بأنه نشاط فعّال يسعى إلى تقديم فنون الإبداع المختلفة لدى أبناء المدينة. ? ماذا عن جديدك الذي تعدّين لنشره، وكذلك ماذا في جعبة طموحاتك؟ ? لديّ مجموعتيّ القصصيتان اللتان أعمل على ترتيبهما الآن للنشر. ومجموعة “رسائل في الذكريات” وهي نصوص نثرية، أكتبها على شكل حلقات في زاوية في “الجماهير” وقد بدأت بكتابتها منذ عام، وسأطبعها حين تتوقف الذاكرة عن إرسال تلك الرسائل. أما طموحي ـ الحالي ـ فهو استمرار العمل على ملحق ثقافي يصدر عن صحيفة الجماهير، ويجمع بين صفحاته أسماء كتّابنا السوريين والعرب، ملحق أنشر من خلاله ما لم توافني الفرصة لنشره أو العمل عليه في الصفحة الثقافية، وقد أتت الفرصة الآن للعمل به، وأسميناه (فضاءات) وفي هذه الآونة نعدّ العدد الأول الذي آمل أن ينال إعجاب القراء حين صدوره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©