الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأسواق الشعبية.. صورة حية للمجتمع الإماراتي القديم

الأسواق الشعبية.. صورة حية للمجتمع الإماراتي القديم
1 مارس 2014 00:46
أحمد السعداوي (أبوظبي) - نجح مهرجان قصر الحصن عبر فعالياته المتنوعة في نقل صورة حية من حياة أهل الإمارات في الزمن القديم، خاصة مع انتشار نماذج حية لأشكال البيئات الإماراتية من بحرية وبدوية وزراعية وحضرية، وما اشتملته من حرف تراثية ومشغولات متنوعة تعكس قدرة أبناء الإمارات على الإفادة من المكونات البيئية المحيطة بهم، وتطويعها لتيسير سبل حياتهم. الأسواق الشعبية المقامة في قصر الحصن كانت خير مثال على التنوع الذي حفلت به البيئة الإماراتية، وثراء الموروث المحلي، لكثرة ما عرضته من سلع ومنتجات صنعتها أيادي أبناء الإمارات، وفي الوقت ذاته عبرت عن صورة حية للواقع الاقتصادي للمجتمع الإماراتي القديم. حرف أهل الصحراء تقول فاتن المنصوري، عضو برنامج سفير أبوظبي، وإحدى المشرفات على فعاليات مهرجان قصر الحصن، إن هناك ثلاثة أسواق شعبية زينت أرجاء قصر الحصن، بما تضمنته من أشكال مختلفة للبضائع والمنتجات التي سادت المجتمع الإماراتي عبر القرون، وهذه الأسواق هي: سوق أهل البر، سوق أهل البحر، سوق أهل جزيرة أبوظبي والذي جمع بين سمات السوقين السابقين، كون سكان جزيرة أبوظبي كان منهم من يقيم على المناطق الساحلية ويعمل في الحرف البحرية، ومنهم من يقيم في أعماق الصحاري ويمتهن الحرف المرتبطة بالبداوة ومعيشة أهل الصحراء. وأكثر ما عرضه سوق البيئة البدوية، ملابسهم التراثية المزركشة بالتلّي والزري، والدخون والعطور التي صنعتها نساء الإمارات، وفخاريات متنوعة الأشكال والأحجام كانت مستخدمة في تقديم الرطب والحليب وغيرها من المأكولات التي اعتمد عليها الإماراتيون القدامي بشكل رئيس في حياتهم. كما اشتمل على مشغولات يدوية من الخوص مثل السرّود والمكبة وغيرها من منتجات النخيل التي كانت تصنع بشكل مباشر أمام رواد المهرجان، كيف يتعرفون على أسرار هذا العالم الثري، والطريقة التي جعلت أهل البدو يكتشفون عشرات الفوائد للنخيل، بحيث صارت الصديق الوفي لسكان البادية الذين عوّلوا عليه في كثير من نواحي حياتهم الاقتصادية واحتياجاتهم اليومية. عبق التاريخ ومن سوق البيئة البدوية ينتقل الزائر إلى سوق أهل البحر بعبقه التاريخي ونماذج المحامل الشراعية وكيفية صنعها وفلق المحار، وغيرها من الحرف المرتبطة بأهل المناطق الساحلية، غير أن أبرز ما في سوق البيئة البحرية، هو تقديم درس عملي في زراعة اللؤلؤ بطريقة مستدامة بهدف إحياء تراث الأجداد من خلال مشروع «لؤلؤ أبوظبي»، التابع لهيئة البيئة - أبوظبي، حيث يطرح على الجمهور ولأول مرة بشكل حي ومباشر كبقية تلقيح المحار بـ «نواة»، مصنوعة من الصدف من أجل تحفيز المحار لإفراز المادة التي تكوّن طبقات اللؤلؤ بالشكل الذي نعرفه. قصة الماضي ركن حمل اسم «قصة الماضي» اعتبر من أميز المشاركات في سوق البيئة البحرية، وقال المسؤول عنه، يوسف المرزوقي، إنه يعرض لبعض وسائل الإعلام والترفيه التي استخدمها أهل الإمارات مع بداية دخول المخترعات الحديثة إلى البلاد في بدايات القرن الماضي، حيث يقدم عدد من الجروموفون (آلة سماع الموسيقى في ذلك الزمن، وكانت تعمل عن طريق أسطوانة دائرية تركب على الجهاز ومن خلال التلامس بين أبرة موجودة بالجهاز والأسطوانة تظهر الألحان والأغاني المسجلة على تلك الأسطوانات). ويعرض المرزوقي أيضاً مجموعة من أجهزة الراديو التي استعملها أهل الإمارات في تلك الحقبة الزمنية، موضحاً أن عمر أقدمها يعود إلى سنة 1920 ميلادية، أم أقدم جهاز جرامافون، يرجع إلى سنة 1930، مشيراً إلى أن هذه المقتنيات حرص والده على تجميع أغلبها من مختلف أنحاء الإمارات، كما ورث بعضا عن الأهل، مؤكداً أن هذه المعروضات تعطي للآخرين صورة عن حياة أجدادنا وآبائنا وتعاملهم مع العالم المحيط بهم في بدايات القرن الماضي. أما سوق جزيرة أبوظبي، صدحت في أرجائه أنغام من الماضي الجميل، تغنى بها المطرب الإماراتي ميحد حمد، وطربت لها آذان مرتادي السوق مستمتعين بعذب الألحان التراثية وجميل الأشعار الإماراتية الأصيلة، التي تشعر كل من ينصت إليها بالقيمة الغنية للموروث الفني الإماراتي الشامل. سوق شامل تقول دانة المرزوقي، عضو برنامج سفير أبوظبي والمشرفة ضمن فعاليات مهرجان قصر الحصن، إن سوق جزيرة أبوظبي يعتبر أكثر شمولاً من سوق البيئتين البرية والبحرية، نظراً لكثرة وتنوع مظاهر الحياة في المجتمع الظبياني القديم، ويعرض السوق نماذج من منتجات الخوص ودلال وأواني القهوة والعطور، بجانب المأكولات الشعبية الإماراتية مثل «الثريد» ومصنوع من ثريد القمح مع لحم الضأن، والـ «يريش» ويكون من لحم الضأن مع قمح مجروش، والـ»فريد» وهو عبارة عن صالونة دجاج تضاف فوق خبز رقاق، بالإضافة إلى الحلوى مثل اللقيمات المصنوعة من الطحين المحمر المخلوط بالسكر والهيل والزعفران. ومن أبناء الإمارات الذين أسهموا بمنتجاتهم التراثية في سوق جزيرة أبوظبي، أحمد حسن صعب، الذي عرض أدوات صيد ورحلات، باعتبارهما من أكثر الهوايات التي ارتبط بها الإماراتيون على اختلاف أعمارهم واهتمامهم، حيث قدم نمازج من المندوس، والمساند والمنقلة (الشواية)، والغواري (جمع غوري وهو براد الشاي) إلى الجوار منه، قدمت أم عامر، إلى الجمهور مجموعة رائعة من البراقع والسرّود والدلال المشغولة بأشكال تراثية بديعة، لتستخدم جميعاً كهدايا تذكارية، أو لاستعمالها في الحياة اليومية داخل البيت لتمنح حياتنا لمسة تراثية وتربطنا بماضي أجدادنا بشكل جذاب ومفيد في الوقت ذاته. «لولو أبوظبي» الفائدة من مشروع «لولو أبوظبي» التابع لهيئة البيئة - أبوظبي، وعرض ضمن سوق أهل البحر، الحفاظ على التراث وتشجيع الأجيال الجديدة على التعامل مع اللؤلؤ بأسلوب يتناسب مع التطور العصري واستعمال طرق حديثة في استخراج اللؤلؤ واستخدامه على نطاق واسع بشكل تجاري، يحقق منفعة مزدوجة، بحيث يجد الشاب مشروعا تجاريا ناجحا يحقق له استقلالية مادية ونجاحا في الحياة العملية. وفي الوقت ذاته يرتبط بتراث البحر والمهنة التي عمل فيها الآباء والأسلاف منذ القدم. ثراء المعروضات أعرب الزوار عن إعجابهم بحالة الثراء والتنوع الفريد الذي اتسمت به معروضات الأسواق الشعبية الثلاثة الموجودة في ساحات قصر الحصن، مشيدين باهتمام أبناء الإمارات بموروثهم المحلي بهذا الشكل اللافت، وتنافس الجميع منهم خاصة الأجيال الجديدة على إبراز الجوانب الجمالية في حرف الآباء والأجداد، وكذا توضيح الأساليب التي كانوا يعيشون من خلالها مع العالم المحيط بهم، ونجحوا عبرها في ترسيخ وجودهم على هذه الأرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©