تعتبر الصفقة بين فيسبوك وواتس آب، البالغ حجمها 19 مليار دولار، خطوة مهمة نحو توطيد وضع الشركة الأميركية خارج الولايات المتحدة.
غير أنه في آسيا، التي بها أكبر عدد مستخدمي وسائط تواصل اجتماعي في العالم، لم تحقق فيسبوك بعد الانتشار الذي كانت تأمله.
يعود سبب ذلك إلى أن سوق وسائط التواصل الاجتماعي المتنامية في آسيا تنشط عبر الهواتف المحمولة.
وإن أرادت فيسبوك أن تكون المهيمن على الهواتف الذكية في آسيا مثلما فعلت على أجهزة الكمبيوتر الشخصية، سينبغي إذاً على واتس آب اجتذاب مستخدمين من ثلاثة تطبيقات واسعة الانتشار في آسيا هي: تطبيق لاين التابع لشركة نافر، وتطبيق ويتشات التابع لشركة تنسنت هولدنجز، وتطبيق كاكاو توك التابع لشركة كاكاو كورب.
لكل تطبيق من هذه التطبيقات الثلاثة انتشار كاسح في السوق الآسيوية الكبرى، وإن كانت الثلاثة شبه مغمورة في الولايات المتحدة، ولاين في اليابان، وويتشات في الصين، وكاكاو في كوريا الجنوبية.
وهذه التطبيقات التي تقدم خدمات شبكة التواصل الاجتماعي وخصائص التسلية، بجانب خدمة الرسائل اللحظية، تمثل توجهاً في إنترنت المحمول بدأ في آسيا، وهو تحول من توجهات بدأت في الولايات المتحدة ثم أخذت في الانتشار في آسيا.
وفي الوقت الذي نمت فيه شعبية واتس آب في بعض الأسواق الآسيوية، مثل هونج كونج وسنغافورة، انتشر ويتشات وكاكاو في آسيا خلال السنتين الماضيتين، ليجعلاها منطقة يصعب التنافس فيها.
وقال جن ماسودا مدير استراتيجية لاين مؤخراً: «إنها حقيقة مؤكدة أن التنافس يزداد شدة في العديد من الأسواق».
وأضاف ماسودا: «إن صفقة فيسبوك التي أبرمت مؤخراً دليل على مدى قيمة وأهمية رسائل الهواتف الذكية في عصر المحمول».
وقال متحدث بإسم كاكاو إن صفقة فيسبوك في مصلحة هذه الصناعة، وأنها تبرز أن خدمات الرسائل تصلح أن تكون منطلقاً لطرح منصة محمول كاملة الخدمات، ولكن تنسنت رفضت التعليق.
لدى واتس آب بمستخدميها النشطين الأربعمائة والخمسين مليوناً شهرياً، قاعدة عالمية أكبر من التطبيقات الآسيوية الثلاثة، ولكنها ليست متأخرة عنه كثيراً.
إذ لدى لاين 350 مليون مستخدم مسجل، ولدى ويتشات ما يفوق 272 مليون مستخدم نشط شهرياً، بينما لدى كاكاو 133 مليون مستخدم مسجل.
كذلك أثبتت التطبيقات الآسيوية قدرتها على زيادة أرباحها عن طريق تقديم ألعاب وخدمات أخرى، يدفع المستخدمون رسومها.
يذكر أن واتس آب تفرض رسماً ثابتاً على المستخدم بواقع دولار واحد بعد سنة من الاستخدام. وتعتبر التطبيقات الآسيوية قاطرة لبعض توجهات رسائل المحمول.
إذ أضحت ويتشات واسعة الانتشار في الصين، بفضل استخدام يتيح للتطبيق العمل كجهاز إرسال واستقبال لاسلكي، ويسمح للمستخدمين بتبادل رسائل صوتية موجزة.
وفي العام الماضي قامت واتس آب بإجراء تطوير عملية الرسائل الصوتية.
وفي الصين غير المتاح فيها فيسبوك إلى حد كبير، لم يغلق تطبيق واتس آب، وهو الأمر الذي يفتح قناة ممكنة جديدة أمام فيسبوك، تستطيع من خلالها المنافسة في أكبر سوق هواتف ذكية في العالم.
ومع ذلك، لو أضاف واتس آب استخدامات وسائط تواصل اجتماعي، وأحرز نجاحاً وانتشاراً في الصين، فإنه من المرجح أن يضطر إما إلى البدء في عملية الرقابة الذاتية مثلما تفعل شبكات التواصل الاجتماعي الصينية أو إلى المجازفة باحتمال إغلاقه في الصين.
ونظراً لهيمنة ويتشات في الصين، قال محللون إنه سيصعب على واتس آب إحداث تغير في السوق الصينية.
وباستحواذها عام 2012 على انستاجرام بات لفيسبوك مكان في الصين، غير أن هذا التطبيق المتخصص في تبادل الصور لا يزال غير منتشر نسبياً في الصين بسبب المنافسة المحلية.
وقال زاي كي، البالغ من العمر 32 عاماً، والموظف في صناعة النشر في بكين، إنه تحول من واتس آب إلى ويتشات، وعلل ذلك بأن ويتشات به خدمات تواصل اجتماعي ومجموعات دردشة كبيرة في وسعه وأصدقائه استخدامها للتحدث في أوقات الملل.
وقالت تنسنت إن لدى ويتشات ما يتجاوز 100 مليون مستخدم مسجل خارج الصين.
وفي العام الماضي أنفقت تنسنت 200 مليون دولار للترويج لويتشات في عدة أسواق كالهند واسبانيا وجنوب أفريقيا.
ومن وسط التطبيقات الآسيوية الثلاثة، حقق لاين الياباني أكبر نجاح خارج سوقه المحلية.
إذ يشكل الآن المستخدمون غير اليابانيين، وغالبيتهم في آسيا، قرابة 85% من مستخدمي لاين حسب الشركة.
وتستخدم التطبيقات الآسيوية، التي يمكن تحميلها مجاناً، ألعاب المحمول لتحقيق عائدات من خلال مشتريات بضائع افتراضية مثل الأسلحة لاستخدامها في الألعاب.
وقالت لاين إن عائدات الربع الرابع زادت أكثر من أربع أمثالها إلى 120 مليون دولار بسبب الألعاب في المقام الأول.
عن «وول ستريت جورنال»
ترجمة: عماد الدين زكي
عدد اليوم
