الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفساد أدخل «داعش» للموصل!

27 مارس 2017 00:44
تحتاج الحرب ضد «داعش» في العراق إلى ما هو أكثر من النصر العسكري. فبدون الحد من الفساد الذي ابتليت به حكومة البلاد، سيكون من المستحيل هزيمة الإرهاب. ومنذ عصر «روبن هود»، كان تسليط الضوء على الفساد تكتيكاً ناجحاً للغاية بالنسبة لهؤلاء الذين يسعون إلى قلب المؤسسة. ربما يكون الخطاب الدعائي لـ«داعش» بسيطاً، لكنه أيضاً فعال. فهو يصل إلى المظالم والغضب الشعبي العميق إزاء تفشي المحسوبية والرشوة في العراق وسوريا. وهم يعدون ليس بمجرد مكافأة في الجنة، بل كذلك بعالم تتحقق فيه العدالة! «حاربوا الفساد»، صرخة مألوفة في العديد من الدول الهشة. ففي ليبيا، أجريت مقابلة مع بعض المقاتلين السابقين، حيث قالوا إنه موضوع مشترك في معسكرات تدريب «داعش». وفي الإحاطات اليومية، يقوم زعماء «داعش» بتشويه صورة نظم الحكم متهمين إياه بالفساد والقمع. وفي ليبيا، حيث لم تكن الحكومة الانتقالية قادرة على توفير الأمن للجمهور أو تفكيك شبكات المحسوبية، يصعب الرد على هذا السرد. وبالنسبة للكثيرين ممن يشعرون بخيبة أمل بسبب عدم إحراز تقدم بعد القذافي، فإن رسائل «داعش» بشأن الحاجة إلى تحقيق العدالة والقضاء على الفساد تكون مؤثرة. لكن في حين أن «محاربة الفساد» كانت صيحة فعالة لحمل السلاح، فإن فساد «داعش» الخاص هو جزء من خطة التنظيم لتوسيع نطاق سيطرته. ففي العديد من الدول، استغل «داعش» المؤسسات الضعيفة والهشة، وذلك باستخدام الفساد، لتسهيل عملياتها بسرعة مخيفة. واعتمدت الجماعات المتطرفة في ليبيا والعراق على التهريب والجريمة (بما في ذلك تجارة البشر)، والمسؤولين الفاسدين، حتى وهي تسعى لتصوير نفسها كبديل لتلك لأنظمة. وفي الأشهر التي سبقت سقوط مدينة الموصل، كان العديد من كبار الضباط العراقيين، الذين تم تعيينهم وفقا لولائهم الطائفي والمذهبي، بدلا من سجلهم المهني، يركزون بشكل أكبر على تكديس الثروات الشخصية، عن طريق اختلاس الموارد العامة وابتزاز المال من مرؤوسيهم بدلاً من الحفاظ على قوة قتالية فعالة وتقييم المعلومات الاستخباراتية بدقة. وجنباً إلى جنب مع الطائفية، فقد أدى هذا الفساد المنتشر على نطاق واسع إلى سلسلة غير فعالة من الأوامر والانطباعات الخاطئة عن القوة الفعلية للقوات، والروح المعنوية المتدنية للغاية، والعلاقات الضعيفة مع السكان المدنيين. وبحلول الوقت الذي دخلت فيه قوات «داعش» إلى الموصل، كان جيش العراق مليئاً بأشباح الجنود، أي قوات موجودة فقط على الورق، ما سمح للقادة بالاستيلاء على رواتب هؤلاء الجنود. ومن ناحية أخرى، فإن الفساد يقوض الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية والمجتمع الدولي للرد على التهديد الذي تشكله الجماعات المتطرفة. ورغم ذلك، فنادراً ما يتم إدراك أن هذه المشكلات هي السبب الجذري للتطرف، وأن القوى الدولية متواطئة مع بعض الأنظمة الفاسدة والطائفية، وهذا من العوامل التي جعلت الغرب عرضة لهجمات تنظيم «داعش». لذلك يجب أن تدرك حكومات الغرب المخاطر الكامنة التي يشكلها هؤلاء بالنسبة لجهودها ضد الإرهاب. ومن الناحية العملية، ربما يعني هذا تعزيز رقابة أفضل على المؤسسات، بدلا من التركيز على توفير المعدات والتدريب لقوات الدفاع والأمن، أو وضع شروط على المساعدات العسكرية لتشجيع الدول للقيام بإصلاحات في حوكمة الدفاع، وتعزيز الشفافية والمحاسبة. إن هزيمة التطرف العنيف لا تعتمد فقط على قدرة الجيش العراقي لاسترداد أحياء الموصل، بل بالأحرى تعتمد على ما إذا كانت الحكومة العراقية قادرة على استعادة ثقة الشعب العراقي وإصلاح مؤسساتها الهشة. *صحفية أميركية عن دورية «ديفينس وان» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©