الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ذاتي» يضع أجيال اليوم على عتبة الغد

«ذاتي» يضع أجيال اليوم على عتبة الغد
1 ابريل 2010 21:13
حضرنا للمشاركة بالبرنامج بدافع الفضول الذي أثاره فينا من حولنا، وكنا نظن أنه كأي محاضرة أو ندوة، أو حتى حصة مدرسية، لا يتجاوز محاضروها أسلوب التلقين الذي كاد يعشش في أدمغتنا منذ أن وطأت أقدامنا المدرسة للمرة الأولى!! تفاجأنا، انبهرنا، لعبنا، تعلمنا. تغيرت فينا سلوكيات فشلنا ويئسنا من تغييرها، وزالت عن ذواتنا مشاعر الوحشة والضياع، بعد أن تعرفنا عليها وعلى حاجياتها وطرق إشباعها، صرنا أكثر حماسا وحيوية وإيجابية!! حلقنا بعيدا، بعيداً بسعادة وأمل وحب وعمل... بهذه الكلمات الحماسية الجميلة يصف الشباب والفتيات مشاركتهم ببرنامج «ذاتي» الذي يعتبر أول برنامج إرشادي متخصص للناشئة من عمر 14-18 سنة في الإمارات العربية المتحدة. هذا البرنامج الذي انطلق من مدينة العين، برعاية الشيخة الدكتورة شمة بنت محمد بن خالد آل نهيان، التي فردت البساط لتلك الأيادي المعطاءة إذ تقول: «يسعد مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي أن يقدم هذا البرنامج الذي يهدف إلى المساهمة في بناء شخصياتكم، واكتشاف دوائر الإبداع داخل ذواتكم، كي تكونوا أقدر على المساهمة الإيجابية في الارتقاء بوطنكم، والمحافظة على هويته الوطنية فأنتم نصف الحاضر وكل المستقبل». ماهية «ذاتي» يعرِّف مستشار التدريب والتطوير، المهندس ماجد بن عفيف ببرنامج ذاتي، فيقول: «كل منا بحاجة إلى من يضعه على بداية الطريق نحو الحياة؛ ليتفهم نفسه والناس من حوله.. فمع هذا المشروع بإذن الله يحقق كل فرد رحلته نحو عالم العظمة والعظماء، ليس بالقراءة عنهم فحسب، وإنما بأن يفعل مثل ما فعلوا، ويكون في مقدمة ركب المؤثرين، ويتصدر النخبة». ويضيف المستشار: «يساعد نفسه والآخرين على إحداث فروق إيجابية في المجتمع، وفي الارتقاء نحو النجومية، والمحافظة عليها من خلال تقديم المعارف والمهارات اللازمة، والخبرات المساندة ليتعرف كل مشارك كيف سيصل ويبرز في المكان الذي يريده، ويخدم وطنه من خلاله». ويسترسل ماجد «برنامج ذاتي هو برنامج ريادي نشأ من خلاصة دورات ودراسات استقصائية أجريت على مجتمع الإمارات، من أجل التعرف على احتياجات أبنائه، والتي سيتم إشباعها عبر 4 باقات هي ذاتي وحياتي ومستقبلي ووطني، كما أن برنامج ذاتي لا يعرف قاعات المحاضرات المملة وأساليب التلقين التقليدية، بل هو عبارة عن ورش عمل تعطي لكل مشارك فرصة التطبيق (أنشطة إبداعية) أولا بأول، لكل ما يتعلمه المتدرب، ولكل المهارات التي يسعى البرنامج إلى إكسابه إياها في إطار عمل جماعي منسق». قيم نبيلة يتابع ماجد حديثه عن أبرز القيم التي يطمح البرنامج إلى تحقيقها: «أنجزنا جلسات كثيرة لحصر كل القيم التي بإمكان المشارك معنا أن يسير على ضوئها، وفي دائرته، والتي تنبئ عن الكينونية السوية المفعمة بحب ذاتها وقدراتها، وحب وطنها وبذل الغالي والنفيس من أجله، فحصرنا تلك القيم، وانتقينا منها بعد إخضاعها لمعمل الترشيح، للوصول لأقوى القيم الذي سيخدم المشارك من خلالها ذاته ووطنه، وكانت محصلة تلك القيم هي: الارتقاء والاحتراف والإبداع والأصالة والأسبقية والصدق والأمانة والنهضة والرضا». شعار «ذاتي» يشرح ماجد فكرة شعار برنامج «ذاتي» الذي يلفت الأنظار، ويثير التساؤلات: «أتت فكرة هذا الشعار من كون «ذاتي» هو ذلك الفتى اليانع الذي يتمنى الجميع أن يكون والده ووالدته، فهو ابن للجميع، ونريد ذلك الابن أن يكبر بخطى ثابتة وعملية ومدروسة، هو ابن الكل، حتى غير المتزوج يطمح أن يكون له ابن يسمى باسمه، ينطلق ويتحرر من قيوده، ويعرف ما الذي يريده في هذه الحياة، ومن ثم يرسم خططه، وبعدها ينشر ما تعلمه في أنحاء وطنه المعطاء، دولة الإمارات العربية المتحدة. ففي الشعار صورة فرد باللون الرمادي ومكتف الأيدي، وهي غير واضحة إشارة إلى كونه لا يعرف ما يريده في هذه الحياة، ومن ثم تأتي كلمة ذاتي باللون البرتقالي، بما هو لون النشاط والحيوية والابتكار، فينطلق الفرد، ويتحرر من قيوده، ويفتح الأيدي فيحلق كما في طرف الشعار الأيسر باللون الأزرق، شخصية منطلقة رسمت خطواتها بثبات، ومن ثم الانطلاقة البرتقالية في اليسار من الأعلى دلالة على كونه يجوب أنحاء وطنه لنشر ما تعلمه في ذلك المشروع الرائد والواعد بإذن الله تعالى». للحديث عن الباقات الأربع التي يشتمل عليها برنامج ذاتي بنوع من التفصيل والخصوصية، التقينا الاستشارية التربوية والنفسية الأستاذة ريما عودة. الباقة الأولى «ذاتي» تقول ريما: «تركز باقة ذاتي، وهي الباقة الأولى، وتحمل نفس اسم البرنامج، على تعريف الناشئة بذواتهم ومن يكونون؟ وماذا يريدون؟ وكيف يحققوا ما يريدونه؟ وما هي استراتيجيات النجاح التي تصل بهم إلى ما هو أبعد من طموحاتهم؟ وكذلك تعريفهم على مشاعرهم الشخصية، وكيفية استكشاف مشاعر الآخرين وآلية التحكم بالغضب، والوعي بقضايا الجنس، ومضار وقت الفراغ، وتنشيط شقي الدماغ». الباقة الثانية «حياتي» وتوضح ريما أبرز ما تشتمل عليه باقة «حياتي» فتقول: «تركز حياتي على زرع الثقة بالنفس، وكيفية الاعتماد عليها، وحرية التعبير وطلاقة اللسان ومهارات التفكير الإبداعي والمحادثة الهادفة والاستماع الجيد والقراءة الواعية الناقدة والتواصل الاجتماعي والتغلب على حواجز الاتصال، وغيرها». الباقة الثالثة «مستقبلي» عن باقة «مستقبلي» تقول ريما: «هي تنبه الناشئة إلى ضرورة وضع خطة شخصية يسيرون في ضوئها لصناعة مستقبلهم، وكيف يصنعون هذا المستقبل الذي يطمحون للوصول إليه، ويحددون التخصص الذي يريدون الالتحاق به في الجامعة أو الكلية، وكيف يكتبون السيرة الذاتية». الباقة الرابعة «وطني» لا تقل أهمية باقة «وطني» عن غيرها من الباقات، بل ربما تتفوق عليها. هكذا تبدأ ريما حديثها عن هذه الباقة، وتضيف: «لا بد أن نعلم الناشئة ونوعيهم كيف يتركون بصمات واضحة لوطنهم الذي لم يبخل عليهم بعطائه وخدماته، فلا بد أن يتعلموا أن لهذا الوطن حقاً عليهم، بل هو أمانة في أعناقهم، كما تغرس باقة وطني فيهم ثقافات التطوع والالتزام المروري وفن القيادة والريادة». ولتحقيق هذه الباقات، تضيف ريما، اتبعنا أساليب احترافية متعددة مثل ورشات العمل والأنشطة والألعاب التي ترافقها أناشيد وطنية ودينية تطلق عنانهم وتحمسهم، بالإضافة إلى الرحلات والزيارات الميدانية، ومناقشة جزء من المجلة التي جرى توزيعها عليهم، وهي تشتمل على أسئلة وقصص وعبر وألغاز وغيرها، ولم تخل أنشطتنا جميعها من النقاشات الحرة والبناءة. وتلفت ريما إلى أنها أعدت هذا البرنامج بعد مرورها بتجارب عميقة مع الناشئة، اطلعت خلالها على مشكلاتهم وحاجياتهم، وتعتبر أن هذا المشروع فجر طاقات الشباب والفتيات، وجعلهم يعملون كخلية نحل تعلو الفرحة والمتعة والانسجام وجوههم، مما أشعرها بسعادة غامرة، وتصف الموقف بالقول: «كدت أطير معهم من الفرح»! ولأن التواصل مع الأهل، بالحوار وغيره، من أهم الأمور التي تحتاجها الناشئة، فقد أعدت الاستشارية ريما أوراقا صغيرة أشبه ما تكون بسندات قبض، ليعبر عليها الوالدان عن آرائهم في الأنشطة التي خضع لها أبناؤهم وبناتهم، كل يوم بيومه، مما يضطر الأهل لسؤال أبنائهم عما فعلوه، فتقوى بينهم علاقات التواصل والحوار. أجوبة لأسئلة كبيرة مصعب النجار (17 سنة) هو أحد الشباب الذين شاركوا ببرنامج «ذاتي»، وانتهى من الباقة الأولى التي استغرقت أسبوعين بمعدل 3 ساعات يومياً، وانقطع لانشغاله بامتحانات الثانوية العامة، لكنه مصر على أن يعود لإكمال الباقات الثلاث الباقية من البرنامج بعد انتهائه من الامتحانات». يصف مصعب مشاركته بالقول: «أحمد الله عز وجل على التحاقي بهذا البرنامج الذي أعتبره أكثر من رائع، فقد ساعدنا على التعرف على ذواتنا ومن نكون؟ وماذا نريد أن نكون مستقبلا؟ ما هو هدفنا في الحياة؟ وماذا فعلنا لنحقق ذلك؟ أسئلة غريبة ومثيرة لم نسألها لأنفسنا من قبل، ساهم البرنامج في لفت انتباهنا نحونا، وشحذ هممنا وتحفيز طاقاتنا الجسدية والتفكيرية الإبداعية على الانطلاق والتعبير، ورسم خطة منظمة ومدروسة تقضي على العشوائية وتضييع الوقت، اللذين كنا نعيش فيها، وكم كنا نستمتع ونتفاجأ بالأنشطة التي تختلف بين اليوم وسابقه!! كما تعرفنا على سلوكيات خاطئة كنا نمارسها وكيف نصلحها، لقد صرنا أكثر وعيا وجدية وإيجابية، وأنا أتوقع أن من دخل هذه البرنامج خرج منه إنسانا آخر!! كم أتشوق لأعرف ما تخبئه الباقات الأخرى، التي لم يحالفني الحظ بالمشاركة بها، لكنني سألتحق بها بعد انتهائي من الامتحانات مباشرة بإذن الله». أما عمير النيادي 15 سنة فقد التحق بالبرنامج بعدما سمع عنه من عمته التي تكبره بعام، وسبقته للمشاركة به، فقد وصفته بأنه برنامج ينمي الفكر والشخصية بأسلوب لا يخلو من المتعة، حينها تشوق عمير للمشاركة، وتوجه مباشرة إلى مركز الشيخ محمد بن خالد الثقافي. الرأي الآخر يقول عمير النيادي «لقد توزعنا على مجموعات، فتعرفت على شباب جدد عملت معهم بروح الفريق، وتعلمنا معنى التعاون والإخاء واحترام رأي الآخر، وحسن الاستماع له، كما تعلمت كيف أرتب أولوياتي وأحسن إدارة وقتي، ففي السابق كنت أقضي أغلب وقتي في مشاهدة مباريات كرة القدم، وآخر شيء أفكر فيه دراستي التي كنت أمنحها الجزء البسيط المتبقي من وقتي، وبعد أن شاركت ببرنامج ذاتي منحت دراستي الأولوية، وصرت أشاهد المباريات بعد أن أنتهي منها، ولم يعد وقتي يضيع كما كان في السابق، بالإضافة إلى أن هذا البرنامج ساعدني في التغلب على الخوف من الامتحان الذي كان يعتريني، وكنت كثيرا ما أقع في صداقات أندم عليها لاحقا، بسبب عدم دراستي لنفسية وشخصية أصدقائي، فكنت أعمق علاقاتي بهم قبل أن يحين الوقت المناسب، فأصاب بصدمات وخيبات أمل، لكن بمشاركتي ببرنامج ذاتي صرت أتدرج في صداقاتي الجديدة، وأتعامل بحدود وحواجز ولا أفشي أسراري، قبل أن أدرس جيدا الصديق الذي تعرفت عليه، وهل يستحق أن يكون فعلا صديقي أم هو مجرد زميل». ومن جانبها، أعربت اليازية النيادي، إحدى عضوات مركز الشيخ محمد بن خالد، عن حماسها لهذا المشروع الذي دفعها إلى تحفيز ابنتيها وقريباتها للتسجيل في البرنامج، وذلك إيماناً منها بما سيحققه لهن في هذه المرحلة العمرية الحرجة التي يمررن فيها، وهو ما لا يوفره لهن أي مصدر آخر. تقول اليازية: «لقد أثر البرنامج في طريقة تعامل ابنتيي وجعلهما أكثر مرونة وإيجابية، وثقة بالنفس وصارتا تخططان لدراستيهما بمنهجية، كما كنت أحرص على التحاور معهما أثناء اصطحابي لهما في طريق العودة عن الأنشطة والفعاليات والألعاب التي تمارسانها كل يوم بيومه، فكنت ألحظ الحماس واللهفة والفرح في نظراتهما وكلماتهما، وكنت أتفاعل معهما كثيراً». وتقترح اليازية أن تكون هناك دورة خاصة بأولياء الأمور، لتعريفهم بشكل مفصل بالأنشطة التي سيأخذها أولادهم وكيف يقومون بدورهم ويكملون ما بدأ البرنامج بغرسه، فيسيرون في خط واحد دون تناقض.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©