الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حتى لا يستغلها من لا يرحمون

22 ابريل 2008 00:50
يقول احد الأصدقاء: أذكر أنني منذ سنوات قليلة ذهبت إلى المكتب العقاري الذي استأجرت منه السكن الذي أسكن فيه حالياً، وعلى الرغم من أنني أمني نفسي دائماً عند تجديد عقد الإيجار بأن يخفض من القيمة الإيجارية بعض الشيء، إلا أن موظف المكتب يبدأ معي المساومة التي أخسرها سنوياً· حينها لم تكن قد تفاقمت ظاهرة الزيادات اللامحدودة في الإيجارات، التي لا تعرف التراجع، التي تفرض فرضاً على المستأجر الذي يرضخ في كثير من الأحيان· ويقتطع الزيادة المفروضة عليه من قوته وقوت أبنائه، ملغياً بنوداً كثيرة ضرورية من ميزانيته الشهرية والسنوية، لحساب المكتب العقاري والمالك· والآن انضم إليهم تجارٌ ساءهم أن ينفرد المؤجِّرون بـ ''الفريسة'' وحدهم· المهم أن صديقي قال لموظف مكتب العقارات عند تجديد عقده مؤخراً: إن الزيادة هي (كذا %)، فاستغرب كثيراً من تحديده هذه النسبة، قائلاً: إنني لم أسمع أو أقرأ أن هناك نسبة قانونية محددة لزيادة الإيجار· فذكر له صديقي اسم الصحيفة التي قرأ فيها ذلك، لكنه أصر على انه لم يسمع او يقرأ عن قانون يتحدث عن هذه النسبة· رجع صديقي بذاكرته، ليتأكد إن كان قد قرأ عن قانون لتحديد نسبة الزيادة الإيجارية فلم يجد، ولم يتذكر غير نسبة ذكرها أحد المتحدثين في ''تحقيق صحافي'' عن الزيادة الحادثة في القيم الإيجارية في العقارات في ذلك الوقت، وأنها وصلت إلى ''···· في المائة''، في معرض حديثه عن الظاهرة· وبغض النظر عما إذا كان قد قرأ هذه النسبة أم لم يقرأها، وبصرف النظر عن المعايير التي تم على أساسها حسابها، فإن صاحب المكتب فرض عشرة أضعاف هذه النسبة· وطبعاً لم يكن هذا هو السبب الوحيد في زيادة القيمة الإيجارية للعقارات، ولكنه قد يكون أحدها· ما أود الوصول إليه أن تحديد نسبة ونشرها بهذه الطريقة، قد يكونان دعوة غير مباشرة لجعلها محل اتفاق غير مكتوب، بين أصحاب المصلحة ليتمسكوا بها، ولا ينزلون عنها قيد درهم· ونرى ذلك بوضوح عند الإشارة في الصحف إلى تزايد تكلفة بعض السلع الغذائية فيقال مثلاً إن تكلفة مادة غذائية معينة قد زادت بنسبة كذا%، وعلى الفور نجد التاجر يسارعون لاسترداد هذه التكلفة الوهمية بكسب فعلي أضعافاً مضاعفة، وهكذا·· وعلى الرغم من أهمية الأرقام والإحصاءات في توثيق ما نتناوله من موضوعات في كل المجالات التي تهمنا، فإن الأهم هو أن تكون هذه الأرقام والإحصاءات، مبنية على أسس علمية، ومسوح ميدانية شاملة، يقوم بها متخصصون، ويحلل نتائجها أهل الخبرة، وأن تكون صادرة عن جهات معترف بها رسمياً، حتى لا يستغلها من لا يرحمون· محمد كمال حمزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©