السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«حديقة التجارب» الجزائرية.. مناخ استثنائي يطيل عمر كائناتها

«حديقة التجارب» الجزائرية.. مناخ استثنائي يطيل عمر كائناتها
27 مايو 2009 00:29
يتوافد الجزائريون بالآلاف يومياً على «حديقة التجارب» بمنطقة «الحامة» بقلب الجزائر العاصمة منذ إعادة فتحها في أوائل مايو الجاري بعد 5 سنوات من الإغلاق، للاستمتاع بجمالها وظِلالها الوارفة ومناخها المعتدل وقضاء أوقات هادئة داخلها. وهي حديقة جميلة وواسعة مساحتها 32 هكتاراً، وقد شرعت فرنسا في إنشائها ابتداءً من سنة 1832، أي بعد عامين فقط من احتلالها الجزائر، وجلبت لها أشجاراً ونباتاتٍ نادرة من مختلف مناطق العالم، فأبدت قدرة على التكيف مع مناخ البحر المتوسط، وبعدها سمحت لأحد المعمِّرين الفرنسيين وزوجته سنة 1900م بإنشاء حديقة حيوانات صغيرة داخلها مساحتها هكتار واحد، فكان يجلب لها حيواناتٍ من مختلف قارات العالم وبخاصة من إفريقيا. وكانت فرنسا تغرس مختلف النباتات والأزهار التي تجلبها من إفريقيا وقارات أخرى داخل هذه الحديقة، وما أن تتكيف مع مناخها حتى تقوم بتصديرها إلى مختلف دول العالم، كما اتخذتها «مخبراً علمياً» فكانت تقوم بمختلف التجارب العلمية على النباتات وسمَّتها «حديقة التجارب» ولا تزال تحمل هذا الاسم إلى اليوم. أرقام قياسية عمر الحيوانات التي تعيش فيها، عادة ما تحطم الأرقام القياسية العالمية في طول العمر؛ فقد عاش التمساح «جاكلين» وهي أنثى، 99 سنة، ومنها 90 سنة داخل هذه الحديقة و9 سنوات في نهر الميسيسيبي، موطنه الأصلي، قبل أن تجلبه فرنسا إلى «الحامَّة» سنة 1900 لتحطم بذلك الرقم القياسي العالمي في طول عمر التماسيح. وحينما توفيت «جاكلين» في 28 أبريل 1990، أبى القائمون على الحديقة إلا فتح جناح آخر لحفظه، وهو متحف الحيوانات التي عاشت في الحديقة، وقد أضيف إليها الدبُّ «أوسيريوس» حينما توفي في 21 أبريل 2003، عن عمر يتجاوز 81 عاماً متجاوزاً بذلك العمر الطبيعي للدببة (25 عاماً على الأكثر)، فضلاً عن حفظ حيوانات أخرى صغيرة ومنها ابن آوى. وقد وُضعت»جاكلين» و»أوريسيوس» في صندوقين من زجاج بعد سحب الهواء منهما، بينما تمَّ تحنيطُ باقي الحيوانات الصغيرة ووضعها في الهواء الطلق أمام الجمهور مباشرة. ويُضاف إلى هذه الحيوانات، الأعجوبة «أكتور» وهو نسرٌ لا يزال حياً يرزق برغم تجاوزه 117 عاماً من العمر، ليحطم بذلك الرقم القياسي العالمي في طول عمر النسور، ويقوم الأطفال وذوُوهم الآن بزيارة «أكتور» في حديقة الحيوانات ويتأملون هذا الأعجوبة، وتحيط به الكثيرُ من الحيوانات التي جُلبت من كل قارات العالم ومنها الفهد العربي والرخمة المصرية والنعامة الأسترالية والسنجاب البربري وغيرها. مناخٌ متفرِّد يعود سبب طول عمر أشجار الحديقة وحيواناتها وتجاوزها المعدلات الطبيعية للأعمار، إلى المناخ الاستثنائي الذي تنفرد به الحديقة عن باقي مناطق الجزائر العاصمة، وهذه ثالث أعجوبة؛ حيث إن درجة الحرارة داخلها تختلف اختلافاً شاسعاً عن درجة الحرارة خارجها، وحينما زرناها منذ أيام كان الجوُّ حاراً ويصل إلى 21 درجة في الجزائر العاصمة، ولكن ما إن ولجنا الحديقة حتى لاحظناً عجباً؛ فالجو لطيفٌ للغاية، وقد سألنا أحد عمالها عن درجة حرارتها في تلك الأثناء، فأجاب 13 درجة! وقد علمنا بهذا الصدد أن درجات الحرارة في حديقة «الحامة» تنخفض بسبع إلى ثماني في الصيف وترتفع بنفس القدر في فصل الشتاء عما هو سائد في باقي مدينة الجزائر وعلى بُعد أمتار قليلة منها فقط؛ أي أن هناك عادة فصلاً داخل الحديقة يختلف عن الفصل الذي يوجد خارجها ببضعة أمتار! ولهذا السبب، تجد الكثيرَ من الجزائريين يفضلون الهروب من قيض الصيف إلى داخل حديقة «الحامة» بينما يفضل آخرون مختلف شواطئ الجزائر العاصمة. مناظر خلابة حينما تسير داخل الحديقة، ترى تنظيماً وتصميماً هندسياً بديعاً؛ فهي واسعة الجنبات على كثرة الأشجار فيها، ومن أهم أجزائها الحديقتان الفرنسية والانجليزية. وتتميز «الحديقة الفرنسية» هذه بالاتِّساق والجمال وكثرة الاخضرار، حيث زُرعت مربعات عشبية مزدانة بالورود والأزهار على جانبي الطريق بطريقة تناظرية، فهي تحمل نفسَ الألوان على الجانبين ولها نفس المقاسات، وتحيط بالمربعات أشجارٌ باسقة متناظرة طولاً بدورها، ويصل طول بعضها إلى 20 متراً، وتتوسطها نافورات مياه، وقد سُمَّيت بهذا الاسم لأنها تشبه حديقة فيرساي الفرنسية في تصميمها وهندستها. آلاف الجزائريين يتجولون قرب هذه المربعات ويلتقطون صوراً تذكارية، وبخاصة أمام نافورة المياه. المنظر من الجانب العلوي لـ «الحديقة الفرنسية» يبدو أكثر جمالاً لأن الناظر إليه يرى البحر المتوسط وراءها مباشرة، فهي لا تبعد عنه سوى بأقل من مئتي مترٍ فقط. حديقة إنجليزية قرب «الحديقة الفرنسية» بحوالي مئة متر، توجد «الحديقة الإنجليزية» التي تتميز بضيقها النسبي مقارنة بنظيرتها «الفرنسية» وبقرب أشجارها من بعضها البعض وتشابك أغصانها وتعانقها بشكل بديع. ويفضل آلافُ الشباب التجولَ بها وقضاء أوقاتهم بها في هذه الأجواء الرومانسية الحالمة والظِّلال الوافرة للأشجار. وقرب الحديقة الانجليزية، أقيمت مربعاتٌ كثيرة ومشاتل للشجيرات والأزهار والورود، بعضها بغرض البيع وتعزيز مداخيل الحديقة، وبعضُها الآخر لإجراء التجارب العلمية عليها ومنح دروس تطبيقية لطلبة معهد «البستنة» الموجود داخل الحديقة لتكوين متخصصين في حماية النباتات وإجراء تجارب علمية عليها لأغراض شتى. وتولي الحكومة الجزائرية هذا المعهد أهمية كبيرة قصد الحفاظ على الحديقة وتجديد أشجارها والحؤول دون تكرار تدهورها وتفادي غلقها مجدداً. اليوم يشعر الجزائريون أن الحديقة الماثلة أمامهم لا تكاد تكون لها علاقة بفترة ما قبل 2004، فقد عرفت تعديلاتٍ واسعة، واهتماماً كبيراً وتنظيماً أفضل وتوفيراً للأمن والرعاية للأطفال والعائلات. وقد أعرب كل من قابلناهم من الزوَّار عن رضاهم وامتنانهم للتحسينات والتغييرات التي طرأت على الحديقة، ويتمنُّون بقاءها على ما هي عليه، فهي إحدى أجمل مناطق بلادهم إن لم تكن الأجمل على الإطلاق، وهم يفتخرون بالثروة النباتية والحيوانية الكبيرة التي تزخر بها والتي تتجاوز 3 آلاف نوع نباتي يجمع كل قارات وبلدان العالم داخلها، وتنسيقها الهندسي البديع الذي جعلها إحدى أجمل ثلاث حدائق في العالم. ولا يزال الجزائريون يذكرون بكثير من الفخر زيارة عددٍ من مشاهير العالم لها ومنهم كارل ماركس وفيكتور هوجو وشارل ديجول والممثل العالمي «طرزان» الذي صور جزءاً من مسلسله الشهير داخلها لأن تشابك أغصانها وكثافة أشجارها ونباتاتها وفر له بيئة مثالية للتنقل عبرها
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©