الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: الترفيه عن النفس والأهل واجب شرعي

علماء: الترفيه عن النفس والأهل واجب شرعي
19 فبراير 2015 23:26
حسام محمد (القاهرة) أدى تشدد الكثير من الدعاة في بلادنا الإسلامية إلى ظن غير المسلمين وبعض المسلمين أن الإسلام دين متزمت يحرم الفرح ويمنع مظاهر البهجة ويضع القيود أمام من يفكّر في إظهار الفرح علانيّة أو السعي للترفيه عمن حوله. معادلة مفقودة تقول الدكتورة ماجي الحلواني العميد السابق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إنه من بين أكثر من 450 قناة فضائية عربية هناك 45 قناة تخصصت في الرقص، مما يؤكد التراجع الأخلاقي الذي تعيشه هذه القنوات، كما أن هناك قنوات أخرى تقدم المواد الدينية الملتزمة، لكن الترفيه في برامجها ومحتوياتها ضعيف أو لا يوجد فيها ترفيه، وللأسف لا توجد في العالم العربي والإسلامي اليوم قناة واحدة تجمع بين الترفيه غير المسف والأخلاق السامية وهذه المعادلة المفقودة هي التي نحتاجها ونتمنى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه قناة فضائية ملتزمة وتقدم قيما إسلامية حقيقية وفي نفس الوقت بها ترفيه يحرص على الالتزام بأحكام وشرائع الدين. وتضيف: الترفيه مطلوب لكن ليس بهذا الشكل الطاغي على الجوانب الأخرى فالشباب العربي يمثل النسبة الغالبة من المشاهدين لهذه القنوات في حين نفتقد للبرامج الثقافية المفيدة والموجهة لهم، بينما نجد للأسف التركيز على موضوعات وأمور تافهة وبالتالي أصبحت هذه الفضائيات بلا قيمة إعلامية أو تنموية فالمهم ليس فقط تحقيق المكاسب التجارية وإنما الأهم ما تقدمه من فكر وثقافة وتربية لأطفال وناشئين سوف يكونون في المستقبل مسؤولين عن تنمية المجتمع وتقدمه. متطلبات الحياة ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، إن الترفيه والترويح عن النفس أمر أباحته الشرائع كلها وليس الإسلام فحسب لكونه من متطلبات الفطرة البشرية وفي القرآن الكريم أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن إخوة يوسف حينما احتالوا لأخذ أخيهم «أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» سورة «يوسف: الآية 12» فيقول الفقهاء في تفسير تلك الآية، إنها تمثل دلالة على أن اللعب الذي ذكروه كان مباحاً لولا ذلك لأنكره عليهم يعقوب عليه السلام، وهكذا فإن المسلم مطالب بالترويح والترفيه عن نفسه ومن حوله من أهله وأصحابه فينبغي أن ينظم وقته بين العمل واللهو فلا يعتدي على الوقت الذي هو حق لله تعالى كوقت الصلوات المفروضة أو أن يغفل عن ذكر الله في أوقات هو أحوج ما يكون فيها إلى القرب من ربه كإهدار ساعات الليل في السمر واللهو، فالمطلوب هو التوازن بين الجد واللهو ومما ينبغي أن يجتنبه المسلم أيضاً التعدي على الأوقات التي تتعلق بأداء حقوق العباد، كالعمل الرسمي فلا ينبغي أن يقضيه المسلم في الترفيه والترويح تاركاً وراءه مسؤوليات أنيطت به للمتعاملين، فوقت العمل مرتبط بما التزم به الإنسان من عقود ومواثيق يجب الوفاء بها واحترامها وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ». «المائدة:1».ويضيف: للمسلم أن يشاهد من الفنون ما يروح به عن نفسه، شريطة أن تكون من الفنون الملتزمة فهناك من أشكال الفن الحلال ما يجوز استخدامها في مجال الترفيه المباح عن الناس من غير مخالفة للشرع فلا يجوز في التمثيل استعمال المحرمات كالعري والتقبيل وغير ذلك ولا يجوز في البرامج التليفزيونية والإذاعية وغيرها من وسائل الإعلام والفن عرض ما يخالف الشريعة ومن هنا فنحن في حاجة لمخاطبة القائمين على الفن السينمائي والمسرحي وغيره لإنتاج الأفلام المشروعة الهادفة كأفلام الدعوة والأفلام التاريخية والاجتماعية التي تبيِّن روعة المُثل والأخلاق الإسلامية والأفلام الثقافية وكذلك الأفلام الكوميدية التي ترسم البسمة البريئة على شفاه الناس دون ابتذال أو عري. الترفيه واجب ويقول الدكتور محمد كمال إمام رئيس قسم الشريعة بجامعة الإسكندرية عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إن الإسلام لم يحرم الترفيه بل دعا إليه بشرط ألا يكون فيه ما يخالف أحكام الشريعة، مشيرا الى أن الإمام علي بن أبي طالب كان يقول إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة ومن هذا المنطلق فلا بأس على المسلم أن يمزح ويمرح ويتفكه بما يشرح صدره ويزيل التعب والملل عنه وعن أهله، خاصة في أيام العطلات التي تتاح فيها فرص الترفيه والتسلية بعد أعباء العمل، ومن حكمة الله تعالى في النفس الإنسانية أن الترويح عنها ليس بالضرورة مقصورا على الراحة واللهو واللعب فقد تكون راحتها ومتعتها في تنويع الأنشطة والأعمال وفي الهوايات النافعة والرياضات المشروعة والأسفار السياحية وفي الأعمال الخيرية. الحياة المتوازنة ويضيف أنه مما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، مداعبة الصغار وإدخال السرور عليهم والاحتفاء بهم ولعل في قصة الحسن والحسين اللذين كانا يحظيان برعاية خاصة من جدهما عليه الصلاة والسلام ترجمة واضحة ودعوة صريحة للاهتمام بالناشئة وصغار السن وقد أخذ ذلك عنه الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا يلاعبون أطفالهم، ويتوددون إليهم بالهدايا والمنح ولابد أن يكون لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في التوفيق بين مطالب الدين والدنيا وحاجات الروح والجسد وهو المثال الرائع للحياة الإنسانية المتوازنة، وكان حريصا على أن يلاعب ويبتسم ويمزح مع من حوله ولكنه في مزاحه لا يقول إلا حقا. ضوابط الترفيه يقول الشيخ محمد زكي بداري عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إن وسطية الإسلام لا تعني أن يقضي الناس كل أوقاتهم في المساجد كما لا تعني أيضا استنزاف هذه الأوقات في الهراء، بل هي بين هذا وذاك بما يتناسب مع احتياجات النفس البشرية والذي لا جدال فيه أن ديننا فسيح كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في مناسبة الضرب بالدفوف بين يديه في المدينة، فعندما هم أبوبكر بالزجر، قال عليه السلام: «دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح» وفسحة الدين وسماحته تستوجبان أن يوجه الترفيه عبر الفنون التي تعرض على الفضائيات للترويح البريء عن النفس وكذلك لتنشئة الصغار على الفضيلة وتوجيه المشاعر نحو حب الناس والدين والوطن وتأكيد وحدة المسلمين في المشاعر والاهتمامات ولابد في هذا الإطار من تفريغ الفنون من مظاهر الرقص والفجور والعري، والترفيه في الإسلام له عدة ضوابط، أهمها ألا يكون محرما وألا يشتمل على كشف للعورات وألا يتعارض مع حق من حقوق الله وصور الترفيه المحرم أن يشتمل على غمز ولمز وسخرية. ويوضح أن المسلمين اليوم في أشد الحاجة إلى تسخير كل ملكات الإنسان نحو الخير وتوجيه كل وسائل الثقافة والترفيه إلى بناء المجتمع الإنساني الأكثر سعادة وعملا وحبا وإخلاصا للدين والدنيا فعلينا أن نشجّع الترفيه المباح ونعمل على إشاعته ونشره بين الناس دون إسفاف أو خروج عن الحدود.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©