الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صدفة مدهشة: تقرير سرّي يكشف العمليات الإرهابية في باريس

20 فبراير 2013 20:43
يتحدث لطفي بن الكحلاء، عن الظروف التي أدت به إلى سلوك طريق معاد للثورة الإيرانية فيقول: «وبعدة بضعة أيّام ذهبت إلى الشيخ الإبراهيمي في مكتبه فاستقبلني بحفاوة بالغة، وبعد تجاذب أطراف الحديث من هنا وهنالك دعاني إلى مكتبه في المنزل في قم، وقبل أن ينسحب من مكتبه في المنزل ليذهب إلى غرفة النوم ليستريح اقترحت عليه أن ارتب له جانبا من المكتبة وكذلك جانبا آخر من الأرشيف! فقبل اقتراحي بسرور وانسحب. فطفقت أرتب جانبا هاما من المكتبة المبعثرة حتى أرجع كلّ كتاب مكانه، وذلك حسب مادته! لم تكن تلك المرّّة الأولى التي أقوم فيها بترتيب الكتب والملفات والأرشيف للشيخ. كذلك كانت لي فكرة متكاملة وصحيحة حول المكتبة بمختلف موادها ومواضعها وأصنافها! وكذلك الأمر بالنسبة للملفات والأرشيف. ممّا تجدر الإشارة إليه أني كنت أستفيد جدّا وبصورة مختصرة ومختزلة من هذه الكتب، بمعرفة عناوينها وكذلك معرفة بعض التفاصيل المتضمنة في محتوياتها، ذلك أني كنت أورق بعض الكتب التي تلفت انتباهي عناوينها فكنت كلّ مرّة تحت تأثير رغبة حبّ الاطلاع أقرأ جملتين أو ثلاثة أو حتّى مقطع! أمّا بالنسبة للملفات وعلب الأرشيف فكان أحيانا يستوقفني عنوان ملف أو عنوان علبة أرشيف، فلم أكن أتردّد في اقتحام محتوى هذا أو تلك! وفجأة!! استوقف نظري عنوان ملف: «سري للغاية» فتجرأت لفتحه وشرعت في تفحّص ورقاته، ثمّ أغلقته لأكتشف عنوانه وإذا بي أقرأ: «علاقات الجمهوريّة الإسلاميّة مع فرنسا» ثمّ رجعت من جديد لتفحّص محتوى الورقات التي لم يكن عددها يتجاوز الستة ومن خلال قراءتي اكتشفت أنه تقرير أرسله وزير الدّاخليّة الإيراني إلى الشيخ منتظري نائب الإمام الخميني والذي سيخوّل له دستور الثورة أخذ زمام الحكم عند موت الخميني أو انسحابه من الحكم. ويبدو ان هذه الرسالة وجدت في هذا الملف الذي سيعالجه الشيخ الإبراهيمي مع الشيخ منتظري باعتبار أنه أمينه العام ومستودع أسراره. ويمكن أن أحوصل جوهر مضمون هذه المراسلة كالتالي: يعلم وزير الداخليّة الإيراني الشيخ المنتظري أنّ ميزانيّة الدولة توجد في حالة عجز تام، وغير كافية لمواصلة الحرب وتغطيّة مصاريفها الباهظة جدّا، وتمثّل هذه الرسالة من ناحية أولى إعلاما بما يجري في تلك اللحظة بين فرنسا وإيران، وذلك باعتبار موقعه في الثورة. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن أن تتدخل فرنسا لدى الولايات المتحدة الأمريكية لتدعمها ماليّا، كان يتوجّب على فرنسـا تسـديد مبلـغ المليار دولار إلى إيران وهذا المبلغ يمثّل في الأصل مستحقات Eurodif، هذا المشروع النووي الذي شاركت في تأسيسه إيران مع فرنسا وبلجيكيا وإيطاليا وإسبانيا. وتمّ الإتفاق على تمكين إيران من قبض عشرة من المائة من منتوج الأورنيوم المخصّب الذي تصنعه مركزيّة triscastin تريسكستان. وممّا يجب ذكره أنّ فرنسا قد جهزت إيران بمفاعل نووي وكانت اشترته من الولايات المتحدة وكانت لها سلطة احتكار قطع الغيار، ونضيف إلى ذلك بأنّ ألمانيا كذلك شاركت في صفقات البيع هذه بجانب فرنسا. وقد تمّ زمن الشاه وبعد اندلاع الثورة سنة 1979، رفضت فرنسا تنفيذ ما اتفقت عليه مع إيران (...). وفي أوج قيظ الظهيرة التي كنت أحسّ بشدّة لظاها المؤذي والمتسرّب من خلال النافذة النصف مفتوحة في مكتب الشيخ الإبراهيمي وأصلت تفحصي الملف الذي كان بين يدي فاكتشفت سرّا آخرا وهو عظيم الخطورة. ويتمثّل في تحريض حزب اللّه في لبنان للقيام بتأثيرات على الحكومة الفرنسيّة حتّى تقلع عن إمداد العراق بطائرات من صنف SUPER ETENDARDS التي تعرف بخصوصيتها العسكريّة والإستراتيجيّة والتي تتمثّل في قدرتها التحليق بانخفاض كبير بالقرب من الناس وخاصّة من القواعد العسكريّة الأمنيّة وممّا تمتاز به هذه الطائرات أن الرادارات غير قادرة على اكتشافها. ويشير الملف من ناحية أخرى إلى أنّ الوسائل التي يستعملها حزب اللّه تعتمد بالأساس على العنف الشديد بما في ذلك من قتل وتخريب وتدمير. ويشير التقرير كذلك إلى أنّ حزب اللّه استخدم عناصر لبنانيّة ومغاربيّة للقيام بهذه العمليّات. وممّا يجب الإقرار به أنّ رأس الحربة الذي يسير العمليّات «البطوليّة» هو المواطن التونسيّ فرات بن صالح. وعند هذا الحدّ تملكتني الحيرة وانتابني الجزع! أحسست بتمزّق نفساني. ووجدتني أمام أزمة اختيار. أأحتفظ بالملف وأوصله إلى أيدي الأمن الفرنسي؟ لكن ماذا سيترتب عن ذلك ياترى؟ أو أرجعه إلى الرفّ وأغضّ الطرف وألتزم الصمت؟! شعرت بصعوبة حادة في الاختيار. أمّا الاختيار الأوّل فسيفتح عليّ أبواب جهنم وسأشقى كثيرا، أليس لي زوجة وأبناء؟ سأحتمل جحيم المخابرات بما فيه من مناورات واستفززات وأتعاب لا يدرك كنهها إلاّ اللّه. أمّا الاختيار الثاني فهو أكثر راحة وسلامة. وبعد أن تأملت في الموضوع جيّدا وقلبته على أوجهه المختلفة قررت أن أقوم بالاستخارة الشرعيّة عسى أن يهديني اللّه إلى سبيل الرشاد، فيكون اختياري بإرادة اللّه فتطمئن نفسي ويهدأ بالي (...) جذبت الملف بحركة عصبيّة من جديد بعد أن أرجعته إلى مكانه في الرفّ، وأسرعت في دسه تحت قميصي وجلست على الأريكة ساندا رأسي إلى إحدى المخدات واستأنفت تنفسي بكثير من الراحة والاطمئنان! ثم استأذن المؤلف للسفر وقد أخذ معه خفية الملف الخطير، وقد وصل برا الى الحدود الإيرانية التركية حيث يقول: «أسرعت إلى تناول ذلك الملف الرهيب ودسسته داخل الورق المقوى الذي يغلف كتاب تعليم اللغة الفارسيّة للأطفال! فعلت ذلك لأني كنت على يقين من أن سلطة الديوانة (الجمارك) سوف لن تتوقف كثيرا لفحص هذا الكتاب. إنّ الشعور الذي ينتابني خلال هذه السفرة لم يخل البتة من الاندهاش الممزوج بالشعور الحاد بالمسؤوليّة.. إنها مسؤوليّة تاريخيّة ووجوديّة ثقيلة! ينبغي أن أحدّد موقعي الجدير من هذه الثورة فقد اندفعت نحوها بما يعلم اللّه من إخلاص وصدق وتفان، حتّى أحاول أن أكون في مستوى خدمتها وإفادتها ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وإذا بها تخيب آمالي وتطعن أحلامي وتذبل زهرات رجائي الشبابيّة..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©