الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مزلاي» أول مطعم إماراتي يرتقي بمفهوم الضيافة المحلية نحو الذائقة العالمية

«مزلاي» أول مطعم إماراتي يرتقي بمفهوم الضيافة المحلية نحو الذائقة العالمية
22 فبراير 2011 19:21
لم يترك قطاع الضيافة في أبوظبي باباً من أبواب المجد الاستثنائي إلا وطرقه مبشراً بحاضر متألق ومستقبل واعد. حتى أن كبريات شركات التصنيف السياحي لم تترك مناسبة على مدار السنوات الفائتة إلا وكرمت فيها الإمارة بسلسلة من شهادات التميز التي تضعها في مرتبة الشرف. ومع كل مظاهر الحراك الذي يرقى بالعاصمة تحديداً إلى مصافي المدن التي تفتخر بطابعها الخاص، كان لا بد من اللفتة التي تنبهت لها أبوظبي بضرورة تعزيز الترويج للمطبخ الإماراتي والتعريف به. ويبرز مطعم “مزلاي” الأول من نوعه والذي يمتاز بديكوره العربي وأطباقه التقليدية، الوجه الثقافي للبلاد المبني على احترام الموروث التاريخي مع اللحاق بكل مظاهر التمدن الحضاري. عندما ولدت فكرة إطلاق علامة راقية في سجل الضيافة المحلية، كان المطلوب تقديم مطعم بمواصفات نموذجية يقدم المأكولات الإماراتية في قالب مبتكر لا يخرج عن الإطار الشعبي مع أنه لا يشبهه بالضرورة. وهكذا كان مع مطعم “مزلاي” الكائن في فندق “قصر الإمارات”، والذي تفوح منه الروائح العطرة بالبخور حيناً وبنكهات الزعفران والمحلى أحياناً. وتصدح منه موسيقى الأجداد من فلكلور أناشيد الـ”هولو” والـ”يامال” والموشحات التي تسكن في ذاكرة البحر والغواصة والصيد والصيادين. حفاوة الاستقبال أول ما يمكن للضيف أن يسأل عنه قبل التوجه إلى أي مطعم، هو اسم الشيف الرئيسي وتاريخه المهني ومضمون قائمة الطعام التي يقدمها. فمع المنافسة القائمة في السوق بين منشآت الضيافة التي تحرص على مستوى خدماتها بما لا يقبل التقصير في أي مجال، باتت عملية الانتقاء محيرة خصوصاً إذا كان الضيف مطلعاً ودقيق الملاحظة. وغالباً ما تستمد المطاعم الراقية سمعتها من الطهاة الذين يديرونها ويمنحونها خلاصة تجاربهم. فكيف إذا كان الأمر متعلقاً برسالة أصيلة مبدأها الأول منح المطبخ الإماراتي هوية واضحة وجواز سفر يؤهله لعبور الحدود والوصول إلى الذواقة من مختلف الجنسيات. وهذا ما ينطبق على رئيس الطهاة الإماراتي الأول في مجاله علي سالم البدواوي، والذي يعرف كل من يزور المطعم أسلوبه الرشيق في تبسيط مفردات المطبخ المحلي. وهو يتبع منهج التقديم المبني على الإبداع في تحضير الأصناف التقليدية، مع التأكيد على إضافة لمسات خاصة تجعل من الطعام أكثر جاذبية. ندخل إلى البوابة الرئيسية للمطعم الكائن في الطابق السفلي من القصر، حيث حفاوة الاستقبال من المضيفات توحي بالأجواء الأصيلة التي تنتظر كل من يختار “مزلاي” مكاناً لتجربة طعام مثيرة. المكان مبهر بكل ما فيه من الديكور إلى الأسقف والثريات، وتلك الستائر التي تخفي وراءها حديقة شاسعة مفتوحة على الهواء الطلق. وأكثر من ذلك فإن الكراسي الموزعة في الخارج تشير إلى أن الرونق الذي يتفرد به المطعم، يمتد في أيام الجو العليل إلى هذه الباحة المطلة على كل جماليات الطبيعة. الأكثر جرأة الخطوة باتجاه تكريس مطعم إماراتي بمفهوم “الخمس نجوم” تأخرت كثيراً بحسب ما يذكر الشيف علي، والذي يعزو السبب لعدم توافر الكادر الوطني المؤهل لتسلم مطابخ بهذا الحجم. ويقول: “مع إن غالبية المواطنين يحسنون الطهي، غير أن قلة قليلة منهم هي التي تمتلك الدافع للافصاح عن موهبتها للعلن. ناهيك عن أن مهنة الطهي بحجم الانتشار الحالي، لم تكن متداولة من قبل بين طبقات المجتمع”. وهذا برأيه ما كان يحول بين رغبة البعض في تعلم فنون الطهي واتخاذه كمجال للعمل. وعن كونه الطاهي الإماراتي الأكثر شهرة وجرأة في مواجهة من يجهلون حجم الأهمية التي تتربع عليها مهنة الطهي، يورد: “أوضح للجميع أن الطاهي قد يكون في مجاله أكثر نفوذاً وتألقاً من أي إداري آخر”. ويعتبر أن الإنسان الناجح هو من يخطط جيداً لمستقبله ولا يتلفت إلى أقاويل الناس. “فما لا نرضى عنه كمهن في الوقت الحالي، قد نبحث عنه بعد فترة ولا نجده. وحبذا لو أننا نتعظ من شعوب العالم التي سبقتنا بأشواط إلى حفظ قيمة الطهاة الذين تحولوا إلى نجوم تدفع لهم رواتب تقدر بمئات الألوف”. ويشغل الشيف الإماراتي منصب المدير التنفيذي للمطعم، وهو يتعامل مع يومياته خلف طاولة التحضير وخلف فرن الغاز بكثير من الفخر والاعتزاز بالنفس. ولم يأت اختياره ليدعم انطلاقة “مزلاي” من فراغ، وإنما لكونه قطع باعاً طويلا في مجال الطهي، وقد يكون مفاجئاً للبعض أن الشيف علي لم يدرس المهنة بشكل أكاديمي وإنما اكتسبها عن طريق الخبرة. ولتعزيز موهبته في تحضير الطعام، سافر أولا إلى سلوفاكيا وتدرب في معاهد الفندقية لديها، ومن ثم خضع لعدة دورات متخصصة في الطهي من الأكاديمية الإماراتية في دبي. ومن بين المناصب التي تنقل بينها، شيف عام وشيف استشاري في إحدى شركات التموين والتطوير التجاري، شيف متخصص في فندق “أبراج الإمارات”، وشيف مطبخ في “برج العرب”. مهنة المستقبل الشيف علي البدواوي يؤمن بأن الطاهي لا بد أن يتمتع بشخصية قيادية وأخرى مرحة كي يتمكن من تحقيق الأفضل دائما، وألا تطغى إحدى الشخصيتين على الأخرى. “أنا مثلا أتعامل مع فريق عمل كبير، أديره بكل وعي ومحبة بما لا يحتمل الخطأ في أي تفصيل صغير. ومع ذلك لا أنكر عليهم حقهم في العمل ضمن أجواء مريحة كي يقدموا أفضل ما عندهم”. وهو بذلك يجد أن نجاح الطاهي مهما كان محترفا، هو من نجاح فريقه. ويخطئ من يعتبر أنه قادر على إدارة الدفة وحده، “لأن يدا واحدة لا تصفق”. وهو يشير إلى هذه النقطة محذرا من الغرور الذي يصيب البعض بمجرد أن تلوح في محيطهم علامات الشهرة. “وأنا كلما تلقيت إطراء لأني أكاد أن أكون الطاهي الإماراتي الأول، علمت أن المشوار مازال أمامي طويلا لأثبت الحجم الحقيقي لموهبتي”. ويسعى الشيف علي إلى الاطلاع على ثقافات الطهي لدى الشعوب بهدف إثراء خبرته وتقديم الطبق الإماراتي بالصورة اللائقة التي تجذب إليه جنسيات جديدة لم يسبق لها أن تذوقته بعد. وخلال استضافة مهرجان “فنون الطهي - 2011” للكثير من الطهاة العالميين، كان لعدد منهم وقفة عند مطعم “مزلاي” وتذوق أطباقه التي أبدوا إعجابهم بها، مستغلين الفرصة للتعرف على بعض المكونات بقصد استعمالها في بلادهم. ويعلق الشيف الإماراتي قائلا: “إن مشاركة تراثنا مع طهاة مرموقين تشكل خطوة رائعة بالنسبة لي ولفريق المطعم. ويعتبر تذوقهم لأطباقنا وإشادتهم بها، دفعة قوية وتفاؤلاً بما نستطيع تحقيقه، وثقة بأننا قادرون على ترك بصمتنا في ميدان الطهي العالمي”. وبالنظر إلى كل ما تقدم، يؤكد الشيف الإماراتي على ضرورة احترام مهنة الطهي وفتح المجال أمام الجيل الشاب للغوص في غمارها. “أكرر قولي إن الطهي ليست مهنة معيبة، وإنما هي نجمة ساطعة في سماء السياحة، لأن بلادنا مقبلة على سنوات سياحية زاخرة بالتألق ولا بد أن نكون مستعدين للمشاركة في رسم ملامحها”. طراز عربي المطعم مصمم بحسب الطراز العربي الغارق في تفاصيل البيئة الخليجية بدءا من الألوان الترابية التي توحي بدفئ الصحراء، إلى الأرضيات الناشفة الأقرب إلى حياة البدو. ولا يترك الأثاث الصاخب مجالا للشك في هوية المكان الذي تشير جدرانه وما عليها من لوحات وتذكارات إلى مجتمع أبوظبي المحافظ دوما على ملامح الماضي. ومما يميز المطعم الذي يعتبر رمزا من رموز حسن الضيافة في المجتمع المحلي، أنه يضم مجلسين أنيقين لاستقبال الضيوف. أحدهما يحمل اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وهو يضم 9 لوحات له مع الشعب بينها صورة له في إحدى مزارع التمور. المجلس يستقبل الزوار بالتمر والقهوة العربية ويترك لهم فسحة من الاسترخاء والتأمل بالمجد الحضاري الذي مرت به أبوظبي وصولا إلى اعتبارها واحدة من أكثر المدن استقطابا للسياح. كما يضم المطعم طابقا خاصا يمكن حجزه لكبار الضيوف والشخصيات، وهو يمكن تصنيفه من بين أهم قاعات الطعام على مستوى المنطقة. وذلك لما ينفرد به من أدوات الضيافة الملكية وحجم الخدمة الاستثنائية. «مزلاج» اسم المطعم “مزلاي”، يعني باللهجة المحلية “مزلاج” مع لفظ الجيم ياء. والمعنى الأصلي للمطعم هو القفل الذي كان يوضع قديما على الأبواب. وحرصا من “قصر الإمارات” على إحاطة المطعم بالتراث وتفاصيل الأجداد، تم إطلاق هذه التسمية عليه لكونها محببة من قبل أبناء المجتمع عاشق الأصالة. مواعيد قاعة المطعم الداخلية التي تطغى عليها الخشبيات الداكنة تستوعب 75 شخصاً، فيما تتسع الحديقة الخارجية إلى 35 شخصاً لا بد أن يحجزوا أماكن لهم قبل المجيئ. ويفتح المطعم أبوابه على وجبة الغداء من الساعة 12:00 ظهراً حتى الساعة 3:00 عصراً، وعلى وجبة العشاء من الساعة 7:00 مساء حتى الساعة 11:00 ليلا. شهادة فرنسية أشاد الشيف الفرنسي برونو مينار الذي يعمل في مطاعم طوكيو والذي زار العاصمة خلال مهرجان “فنون الطهي - 2011”، بالمطبخ الإماراتي التقليدي بعد زيارته لمطعم “مزلاي”. وكان التقى بالشيف علي سالم البدواوي الذي قام بتعريفه على المبادئ الأساسية لكيفية تحضير الأطعمة الإماراتية. وعليه قال: “أتطلع للعودة إلى اليابان، بنكهات وأفكار وتجارب جديدة يمكنني استخدامها في أطباقي. فقد لاحظت أن أسلوب الطهي الإماراتي يجمع من الناحية الفنية، بين المنهجين التقليدي والحديث من خلال استخدام العناصر المشتركة، سواء في المكونات أو طريقة الطهي. وهذا ما يمكننا من اقتباس الكثير”. وكان الشيف مينار تذوق عددا من الأطباق التقليدية الخاصة بمأكولات “مزلاي” المختارة، منها حساء “الكاجو” وحساء “ولد الولد” المصنوع من صغار سمك القرش، وكذلك لحم الغنم المدفون. ومما صرح به: “تذوقت أطباقا الكثير من المطابخ من مختلف أنحاء العالم، ولكن “مزلاي” يتمتع بقائمة مميزة من المأكولات ذات الطابع الفريد. وأنا أثق بأن المطعم سوف ينهض في زيادة الإقبال العالمي على المأكولات التقليدية الإماراتية”. جوائز تفوق فندق “قصر الإمارات” في مهرجان “فنون الطهي” بحصوله على كافة الألقاب الخاصة بالطهي الإقليمي وهي 5 جوائز لأفضل مدير وطاه ومطعم، بينها جائزة أفضل رئيس طهاة الممنوحة للشيف الإماراتي علي البدواوي رئيس طهاة مطعم “مزلاي”. مع الإعلان عن منح جائزة شرفية خاصة للشيف علي كونه الطاهي الأول من نوعه في العالم المتخصص في الأطباق الإماراتية، وذلك تكريماً لدوره في نشر تراث الطهي التقليدي. وفي هذه المناسبة يصرح الشيف: “نسعى في “مزلاي” إلى وضع المطبخ الإماراتي على خريطة الطهي العالمية، وهذا التكريم يزودنا جميعاً بالتشجيع على مواصلة العمل للمزيد من الابتكار والإبداع. ونتطلع إلى تأمين حصة كبيرة لمطعمنا في قطاع الأطعمة والمشروبات في أبوظبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©