الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فنانون يرصدون جماليات الخط العربي في الشكل والمحتوى

فنانون يرصدون جماليات الخط العربي في الشكل والمحتوى
27 فبراير 2014 14:34
محمد وردي (دبي)- تواصلت، أمس، فعاليات الدورة الرابعة من ندوة «حروف عربية»، التي تنظمها «ندوة الثقافة والعلوم» لليوم الثاني بمقر الندوة في الممزر بدبي، بجلستين حاضر في الأولى الفنان منير الشعراني بعنوان «حداثة عميقة الجذور»، وتحدث في الثانية الدكتور صاواش جويك، عن تجربة الفنان التركي الراحل أمين بارين. وقدم الجلستين الفنان خالد الجلاف، مدير تحرير مجلة «حروف عربية». وقال الشعراني: إن الخطّ العربي هو القاسم المشترك الأعظم للفنون العربية الإسلامية، التي استعارت طابعه الجمالي المنطلق من التناسب بين الخط والنقطة والدائرة، وهو التجريد الأرقى، بل تجريد التجريد، وهو يجمع جمالية المحتوى إلى جمالية الشكل، ويتعامل مع العقل والفكر والمعرفة بشكل بصري راق ينفذ إلى القلب من خلال العين. وأضاف الشعراني: إن بنية الخطّ العربي، وما تتمتع به من مرونة وطواعية، وقابلية للمد والرجع والاستدارة والتزوية والتشابك والتداخل والتركيب، وما فيها من اختلاف في الوصل والفصل، ساعد على ارتقائه من خطّ للكتابة الوظيفية فحسب إلى فن جميل قادر على مسايرة التطورات والخامات. ويعتمد التركيب والتشكيل فيه على الأسس نفسها التي تقوم عليها الفنون التشكيلية الأخرى، بالإضافة إلى خصوصياته الجمالية والأدائية التي تجعله ينتج حركة ذاتية تكسبه رونقاً جمالياً مستقلاً عن مضامينه ومرتبط معها في آن واحد. ولا حظ الشعراني أن أبرز الكتاب الأوائل في مرحلة كتابة المصاحف، مالك بن دينار الوّراق، وخشنام البصري، ومن قبلهما خالد بن أبي الهيّاج الذي اشتهر منذ خلافة عليّ كرّم الله وجهه حتى خلافة عمر بن عبدالعزيز، وكان أوّل من كتب كتابات تزيينية على المساجد، ومن الكوفة انتشر الخط الكوفي إلى كل الحواضر العربية- الإسلامية. وعرض الشعراني أهم الخطوط التي تعرف بأنها كوفية: الكوفي الموّرق: الذي تنبثق من أطراف حروفه تحويرات زخرفية نباتية تتناغم مع حروفه في منطق جمالي يميّزه عن غيره من أنواع الخطّ الكوفي، وقد تطوّر هذا النوع في مصر والعراق وفارس. الكوفي المملوكي: الذي يشترك في أساسياته مع كثير من سمات الخطوط التي سادت في مصر منذ العصـر الفاطمي. الكوفي المضفور: الذي يعتمد في جمالياته على تضفير الحروف القائمة، وقد انتشر هذا الخط في المشـرق الإسلامي، والمغرب وصولاً إلى الأندلس. الكوفي الأندلسي: الذي يمتاز بالرشاقة والزخرفية العالية، وله أمثلة في الأندلس والمغرب. الكوفي القيرواني: ونراه في المخطوطات القيروانية ويعتمد على جماليات العلاقة بين المستقيم والمنحني، والســواد والبيــــاض والكتلة والفراغ. الكوفي المشرقي: وقد اكتسب اسمه نتيجة لانتشاره في الشرق الإسلامي وخصوصاً في فارس وما جاورها، ويقترب في بنائه الهيكلي وأشكال حروفه من الخط القيرواني، إلا أنه أكثر رشاقة منه وقد أدخلت عليه في بعض تجلياته زخارف نباتية شكلت خلفية له. الكوفي النيسابوري: وهو خطّ ممّيز وأمثلته نادرة جداً ويمتاز بتناوب الغلظ والرهافة في حروفه وبالتناغم بين الأسود والأبيض، والمنحني والمستقيم في أجزائه، وبعلاقة الكتلة بالفراغ في مجمله، وبتعريقات في أواخر حروفه العمودية وأحياناً في نهاياتها السفلى بشكل شديد الخصوصية والجمال. الكوفي المربع أو «الشطرنجي» وهو شديد الاستقامة قائم الزوايا، يعتمد على التناوب بين الخط والفراغ بعروض متساوية وبشكل هندسى متعامد وقد استخدم في طشقند وبخارى وإيران والعراق، مروراً بمصر ووصولاً إلى المغرب. وأكد الشعراني أن الفنان الأثري يوسف أحمد، هو الذي أحيا الخط الكوفي بعد تعيينه كرسام وخطاط في لجنة الآثار العربيّة عام 1881. مشيراً إلى ابتكار أسلوب خاص به، خاصة بعد تعيينه مدرساً للخط الكوفي في مدرسة تحسين الخطوط عام«1932». وخلفه الأستاذ «محمد خليل» في تدريس الخط الكوفي بعد وفاته عام 1942، واقتفى أثره في أعماله ودروسه، وكرّسها وحافظ عليها. ولاحظ الشعراني أنه إذا كان الفضل في بعث الخط الكوفي يعود إلى الفنان يوسف أحمد فإن الفضل بانتشاره يعود إلى أحد تلامذته الأستاذ محمد عبدالقادر، الذي خلف الأستاذ محمد خليل في تعليم فن الخط، ونوه كذلك بجهود ومساهمات الأستاذ «محمد إبراهيم» مؤسس مدرسة تحسين الخطوط في الإسكندرية. تحدث الدكتور صاواش جويك في الجلسة الثانية عن تجربة الفنان التركي الراحل أمين بارين، فوصفه بأنه أحد أبرز فناني الخط، حيث تميز برؤية فنية غير عادية تجعله يقدم العبارة الواحدة، بصور متعددة، وفي كل مرة تنطوي على جماليات جديدة مدهشة، فمثلاً قدم «البسملة»، في عشر لوحات، لا تشابه بينها بالمطلق، لا بل لو رفع توقيعه عنها وقدمت من دون تعريف، لا يمكن الاعتقاد أن هذا التنويع الجمالي والتجريدي يعود لفنان واحد. واستغرب جويك إهمال الخط العربي في زمن الـ «ديجتل» و«الرقمية»، في الوقت الذي صار هناك أكثر من ألف نموذج للخط اللاتيني، الذي لا يحظى بجزء يسير من مرونة الخط العربي. وكذلك الحال بالنسبة للخط التركي، الذي يشبه باصطفافاته العمودية، صفوف العسكر، وهي بنية ضعيفة ومحدودة للغاية، ومع ذلك تجد لها من الخطوط في الوقت الراهن أضعاف الخط العربي مرات ومرات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©